اتفقت منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك” وحلفاؤها في “أوبك بلاس” الأربعاء على إبطاء وتيرة زيادة الإنتاج رغم دعوة الرئيس الأمريكي جو بايدن للسعودية مؤخرا إلى زيادة الإنتاج لمحاولة الحد من ارتفاع الأسعار. وبهذا القرار، يثبت تحالف أوبك+ تماسكه كما أنه يتعامل بحرص مع روسيا التي تتعارض مصالحها تماما مع مصالح واشنطن.
رغم ضغوط أمريكية لزيادة الإنتاج أملا في الحد من ارتفاع الأسعار، قررت منظمة البلدان المصدرة للنفط (لأوبك) وحلفاؤها في “أوبك بلاس” الأربعاء إبطاء وتيرة زيادة الإنتاج.
واتفق ممثلو الدول الثلاث عشرة الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) بقيادة الرياض وشركاؤهم العشرة بقيادة موسكو، على زيادة متواضعة جدا للإنتاج، “بمقدار 100 ألف برميل يوميا خلال شهر أيلول/سبتمبر”، مقارنة بحوالى 432 ألفا ثم 648 ألف برميل إضافية في الشهرين السابقين، وفق ما أعلن التحالف في بيان في ختام الاجتماع.
وعلق إدوارد مويا من شركة Oanda ساخرا فقال إنها “أصغر زيادة (إنتاج) في تاريخ أوبك+، ولن تسمح في تجاوز أزمة الطاقة الحالية”.
واعتبر أن “إدارة بايدن لن تكون مسرورة” متوقعا “انتكاسة في العلاقات الأمريكية السعودية”.
بدوره، قال هان تان من Exinity إن الزيادة قليلة جدا لدرجة أنها دفعت أسعار النفط الخام في اتجاه إيجابي لساعات فقط.
إلا أن آخرين على غرار ستيفن برينوك من PVM Energy، رأوا في ذلك “تدبيرا رمزيا لتهدئة” جو بايدن.
من جانبه، قال البيت الأبيض إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تركز على إبقاء أسعار النفط منخفضة، وذلك بعد قرار تحالف أوبك+ هذه الزيادة الطفيفة في الإنتاج.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير للصحافيين “ما نركز عليه هو إبقاء تلك الأسعار منخفضة… كنا نريد أن نرى بعض الزيادة في الإنتاج قبل أن أعلنا عن الرحلة وقد شهدنا ذلك فعلا في الأسبوع الأول من يونيو/ حزيران.”
“متطلبات متباينة”
ولخص ماثيو هولاند المحلل الجيوسياسي في معهد Energy Aspects للبحوث قائلا إن قرار المجموعة يعكس “الحاجة إلى التوفيق بين متطلبات متباينة”: عدم ضخ الكثير من أجل “إبقاء الأسعار مستقرة” في مواجهة المخاوف المرتبطة بالاقتصاد الكلي لكن أيضا “من أجل التصدي للتضخم في أسعار الطاقة”.
وكانت المجموعة اختارت في ربيع 2020، إبقاء ملايين براميل النفط تحت الأرض، لتجنب إغراق السوق بالخام الذي لم تكن قادرة على امتصاصه بسبب انهيار الطلب.
وزار جو بايدن السعودية للمرة الأولى كرئيس للولايات المتحدة منتصف تموز/يوليو. وكان هدفه إقناع المملكة بضخ المزيد من النفط للحد من ارتفاع أسعار الوقود.
ويثبت تحالف أوبك+ وبقرار الأربعاء أنه لا يزال متماسكا كما أنه يتعامل بحرص مع روسيا التي تتعارض مصالحها تماما مع مصالح واشنطن. وشدد أوبك+ في البيان على “أهمية الحفاظ على التفاهم، الضروري من أجل تماسك التحالف”.
شبح الركود
لكن الانخفاض النسبي الأخير في أسعار النفط وسط مخاوف من الركود قد يدفع أوبك+ إلى التزام الحذر.
فمنذ قمته في آذار/مارس الماضي حين سجلت أسعار النفط مستويات غير مسبوقة منذ الأزمة المالية عام 2008، خسر برميلا الخام المرجعيان أكثر من 29 % من سعريهما.
وبرر نائب رئيس الوزراء الروسي المكلف شؤون الطاقة ألكسندر نوفاك “هذا القرار الحكيم بحالة عدم اليقين التي تثقل كاهل الأسواق”. وردا على سؤال لمحطة “روسيا 24” التلفزيونية أشار إلى “زيادة عدد الإصابات بكوفيد-19″ و”تعطيل سلاسل النقل والخدمات اللوجستية”.
ويستفيد الكارتل من الوضع الحالي. فقد سجلت السعودية نموا كبيرا في الربع الثاني من 2022 مدعوما بالذهب الأسود.
ومن بين العناصر الأخرى المؤثرة، ضعف قدرات الاحتياطات لبعض الدول الأعضاء، باستثناء السعودية والإمارات.
وأشار التحالف الأربعاء إلى أنها “محدودة جدا” بسبب “نقص الاستثمار المزمن في قطاع النفط” وبالتالي من الضروري التصرف “بحذر ردا على الاضطرابات الخطيرة التي يواجهها العرض”.
ويواجه التحالف صعوبة في احترام الحصص المعلنة بسبب الأزمات السياسية المطولة أو حتى نقص الاستثمار وصيانة البنية التحتية أثناء الوباء.
كما انخفض الإنتاج الروسي تحت تأثير العقوبات الغربية المرتبطة بغزو أوكرانيا.