الحكومة السعودية تعلن عن إستراتيجية وهوية الهيئة العامة لتنظيم قطاع الإعلام لرفع جاذبيته الاستثمارية وزيادة فرص العمل للسعوديين في الإعلام، إضافة إلى مساعيها لفرض وجودها الإعلامي في المنطقة عبر منظومة خاصة ومؤثرة.
الرياض – أطلق سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي إستراتيجية وهوية “الهيئة العامة لتنظيم الإعلام”، في مسعى لقيادة القطاع نحو الريادة على المستويين الإقليمي والدولي ورفع جاذبيته الاستثمارية وتحسين جودة المحتوى الذي يحتاج بالدرجة الأولى إلى تعزيز كفاءة كوادره الوطنية.
وتطمح السعودية إلى الريادة الإعلامية على مستوى المنطقة ورفع إسهامات القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 47 مليار ريال (12.5 مليار دولار) بحلول عام 2030، باعتباره قطاعا غنيا بالفرص التي يمكن اغتنامها في تنويع الاقتصاد الوطني وزيادة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بالسعودية، إذ تتسابق مع دول الخليج لتؤسس منظوماتها الإعلامية الخاصة والمؤثرة في العالم.
وبموجب القرار الجديد يصبح المحتوى الإعلامي تحت مسؤولية الهيئة التي من المنتظر أن تصدر الإجراءات والخطوات العملية التي سيتخذها الدوسري، لجذب المستثمرين العرب أو الأجانب الراغبين في إنشاء مشاريعهم في السعودية في مختلف المجالات.
ويقول متابعون إن الخطوات المنتظرة تتضمن إيجاد حلول سريعة وبرامج لتشجيع وتنشيط الاستثمار الإعلامي من خلال إزالة العوائق التي يمكن أن تدفع المستثمرين إلى الإحجام عن الاستثمار الإعلامي في المملكة، خصوصا وأن العديد من المؤسسات المعنية بقطاع الإعلام لم تتحرك بالشكل الإيجابي المطلوب في هذا المجال، بل ساهمت في إبعاد أصحاب رؤوس الأموال عن الاستثمار في قطاع الإعلام تحت شعار التمسك بالحوكمة.
ومن بين التحديات التي تواجه الاستثمار الإعلامي في السعودية بحسب القائمين عليه، عدم مواكبة اللوائح والأنظمة لقطاع متسارع وقلة البرامج التدريبية ومحدودية تمكين القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى حاجة القطاع إلى صناعة محتوى إعلامي مؤثر.
وتنتظر القيادة السعودية أن يواكب الإعلام رؤية 2030، والثقل الإستراتيجي للمملكة والمشروعات التحويلية والتطويرية والمحتوى المتنوع، وحجم السوق السعودي، إذ تحتل المملكة الريادة في السوق الإقليمي من حيث حجم الإنفاق وجاذبية الاستثمار وحجم الطلب لجهة معدلات قضاء الوقت وأعلى معدل استخدام، إضافة إلى الكفاءات المبدعة.
وأطلقت هيئة الإعلام المرئي والمسموع مؤخرا أول ترخيص من نوعه للإعلانات الفردية، وسوف تركز على تحسين البنية التشريعية لقطاع الإعلام، وتحسين بيئة الاستثمار، وتطوير الآليات وأدوات الالتزام في قطاع الإعلام.
وتقول المصادر إن المستثمرين ورجال الأعمال يرون أن تطوير قطاع الإعلام وتنظيمه وإعادة هيكلته لا يمكن أن يتم بمعزل عن الإصلاحات الهيكلية للمملكة في المسارات الاقتصادية والتنموية، على اعتبار أن الإعلام وفق الخطة هو إعلام سعودي معاصر يتحلى بالمهنية والمصداقية والمعاصرة وقادر على حمل ونقل رسالة الدولة، وكذلك التأثير على تسريع وتيرة الإنجاز في القطاعات الأخرى.
ويضع عاملون في القطاع أياديهم على النقاط المهمة في تطوير القطاع قائلين إنه يحتاج إلى إنشاء شركات متخصصة في عدة مجالات، منها الإنتاج التلفزيوني والدرامي، والإعلان والعلاقات العامة والخدمات الإخبارية والصحفية، وأيضا إنشاء شركة للخدمات الإذاعية والتلفزيونية تتولى تشغيل مرافق التلفزيون الكثيرة المعطلة استثماريا مع تطوير الإذاعة السعودية.
وتحتاج هذه المنظومة لدعمها بمصدر لتنمية الموارد البشرية بصورة مستدامة، وهذا الهدف يحققه إنشاء شركة للتعليم والتدريب الإعلامي، يتأسس ضمنها معهد للإعلام ومركز أبحاث ودراسات واستطلاع للرأي العام. وهذه الشركات ستكون ذراعا إعلامية حكومية وتخدم الأهداف الوطنية على المدى البعيد، وهي النقلة النوعية التي يحتاجها الإعلام السعودي وتطورها سوف يخدم ويمكن قطاع الثقافة أيضا، إذ توفر المجال لتقديم المنتج الفني والثقافي، ودور الحكومات في الثقافة والفنون التسهيل والتمكين وليس التشغيل.
وقال متابعون إن المملكة واجهت في السنوات الماضية ضعف فرص الاستثمار والتوظيف وذلك نتيجة لهيمنة الأطر التقليدية وغير المحترفة لإدارة القطاع، في شقيه الحكومي والخاص، كما أن وزارة الإعلام في العقود الماضية ظلت غير جادة في تطوير البيئة التنظيمية الممكنة لنمو الوظائف والفرص الاستثمارية، بالذات في جانب الإعلان والعلاقات العامة، لكن الفرصة مؤاتية اليوم لتدارك سلبيات الأوضاع السابقة مع تغيير في الرؤية وإدراك حساسية مهمة الإعلام في الوقت الراهن.
وأعلن محمد الحارثي، رئيس المنتدى السعودي للإعلام، مؤخرا عن إقامة فعاليات النسخة الثالثة من المنتدى الذي تنظمه هيئة الإذاعة والتلفزيون بالتعاون مع هيئة الصحافيين السعوديين خلال الفترة في فبراير القادم، وذلك استكمالا لما شهده من نجاح في دورتيه الماضيتين.
◙ الخطوات المنتظرة تتضمن إيجاد حلول سريعة وبرامج لتشجيع وتنشيط الاستثمار الإعلامي من خلال إزالة العوائق التي يمكن أن تدفع المستثمرين إلى الإحجام عن الاستثمار الإعلامي في المملكة
ويأتي المنتدى سعيا إلى تطوير صناعته بالسعودية، واكتشاف أحدث تقنياته في ظل عالم متغير على جميع الأصعدة، وخلق مجتمع حيوي وفعال للفرص الاستثمارية وتبادل الخبرات المحلية والدولية في المجال، بجانب تعزيز مكانة المملكة إعلاميا من خلال ملتقى يجذب العالم نحوه، ليسلط الضوء على أبرز التجارب المحلية والدولية.
وأكد الحارثي أهمية بناء وتوثيق جسور التواصل مع جميع المؤسسات المتخصصة محليا ودوليا بما يحقق الأثر الإيجابي، مشيرا إلى أن إقامة مثل هذه الفعاليات ستسهم في رفع مستوى جودة صناعة الإعلام، وتدفعه إلى مواكبة أحدث تقنياتها المتغيرة بشكل مستمر.
ويصاحب المنتدى معرض مستقبل الإعلام “فومكس” الفني والتقني والإعلامي الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط، الذي يستعرض التجارب الحديثة في الصناعة الإعلامية وتفعيل النشاط الإنتاجي التلفزيوني والإذاعي الحديث، ومواكبة الإيقاع السريع لتحولات القطاع من خلال استقطاب الشركات والخبرات الرائدة عالميا، واعتبر الحارثي أنه فُرصة للشغوفين في مجالات الإعلام من خلال إقامة عدة ورش متخصصة ونوعية، يقدمها مجموعة من المتخصصين والأكاديميين والممارسين الذين يمتلكون الخبرة والكفاءة.
وأشار إلى حرصهم على شمولية الفئات المستهدفة في المنتدى والمعرض المصاحب إيمانا بأن الإعلام الحديث لم يعد مقتصرا على المؤسسات كما في السابق، بل إن كل مَن يملك أداة تواصل مع الآخرين يستطيع إيصال رسالته.
ويختتم الحدث بتتويج الفائزين والفائزات بـ”جائزة المنتدى السعودي للإعلام” الثالثة، التي تأتي انطلاقا من الإيمان بأهمية تكريم الفاعلين في المجال محليا وإقليميا، مما يخلق تنافسا بين المبدعين والمبدعات، ويحفز الكفاءات من الأفراد والجماعات لتقديم أعمال مميزة، ويسهم في التعريف بالتجارب السعودية الرائدة، وتقديرا للشخصيات المساهمة في مسيرة الإعلام، بما يعزز حضورها محليا وعربيا.