وصفت الأمم المتحدة الكارثة الإنسانية التي يمر بها الشعب اليمني بأنها واحدة من الأسوأ في العالم، إذ إن هناك 21.6 مليون مواطن يمني يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدات الأنسانية في عام 2023. وكان لثماني سنوات من الصراع في اليمن أثر مدمر على سكان البلاد ولا سيما النساء والأطفال.
يرى الكثير من اليمنيين بأن الاهتمام بالبيت الداخلي والوضع المعيشي للمواطن اليمني أكثر أولوية من الانشغال بالقضايا الأخرى، مشيرين إلى الزيادات الأخيرة بأسعار الغذاء والمشتقات النفطية، والتي أثقلت كاهل المواطن اليمني الذي يعاني يومياً لتوفير لقمة العيش الكريمة لأطعام أطفاله, حيثُ أضافت الهجمات الأخيرة للحوثيين ضد السفن التجارية في البحر الأحمر عبئا جديدا على اليمنيين وتسببت في ارتفاع كبير بالأسعار مع استمرار الأزمة الاقتصادية. في محاولة من جماعة الحوثي للعب دور أقليمي وتنفيذ أجندات دول خارجية لا مصلحة للشعب اليمني فيها سوى زيادة معاناة الشعب المطحون بالفقر والوطن المثقل بالفساد.
فمنذ 18 نوفمبر الماضي تعرضت عشرات السفن في المنطقة لهجمات مسلحة نفذها الحوثيون ما دفع 4 من كبريات شركات الشحن العالمية إلى تعليق عملها في هذا الممر التجاري المهم عالمياً .ويضيف عبد الله حسن، رئيس حزب اتحاد القوة الشعبية اليمني ” العمليات الأخيرة في البحر الأحمر أثرت على التجارة في اليمن، والآن تضيف أزمة إلى الأزمات التي قام بها أو تسبب بها الحوثيين وهي موجة الغلاء نتيجة لعرقلة التجارة الدولية بسبب الهجمات على السفن” .وأكد جمال محفوظ أحد التجار اليمنيين المستوردين أن تهديد الملاحة أثر بصورة كبيرة على العملية التجارية أدى لرفع الأسعار. وقال “عندما نتحدث عن أي استهداف وأي قلق في البحر الأحمر فأن هذا يضيف أعباء كبيرة على ألتاجر، إضافة للمعاناة التي سببتها العمليات المسلحة ورفع التأمين على البواخر التي كانت تأتي إلى اليمن بشكل كبير. هذه الضربات بشكل عام تؤثر سلبا على العملية التجارية التي تؤثر سلبا على المواطن بسبب عدم وصول المواد الغذائية والاستهلاكية عبر البواخر”.
من ناحية أخرى, يتزايد أعداد النازحين ومعاناتهم في اليمن جراء استمرار التصعيد و أزدياد العمليات المسلحة من قبل الحوثيين ، ومع دخول فصل الشتاء تتضاعف معاناة ما يفوق أربعة ملايين ونصف المليون نازح يمني نتيجة عدم امتلاكهم المستلزمات الإيوائية وانتشار الأمراض، مخيمات النزوح في محافظة تعز اليمنية.
يقول سعيد الشُّعْبي وهومسؤول في الادارة التنفيذية لمخيمات النازحين في “الجو بارد هنا، الأطفال والنساء وكبار السن وحتى بعض الشباب، يعانون من الحميات والزكام والصداع، فالأمراض منتشرة بشكل كبير، لم نحصل على فرص للعلاج، ونعاني من نقص المفروشات والأغطية والطرابيل العازلة، كما أن المأوى الانتقالي تدهورت حالته”.
ومؤخراً, تزايدَ تدفق النازحين إلى المناطق الأكثر أمانا، فالوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن، قالت مؤخرا إنها سجلت نزوح أكثر من أربعمائة أسرة جديدة مؤخراً، وهي زيادة عن الأشهر السابقة.
ويعد ملف النازحين في اليمن من الملفات الإنسانية الأكثر مأساوية، خاصة مع طول أمد الصراع، واستمرار التصعيد على سواحل خليج عدن ، إضافة لتقلص المساعدات الإنسانية، نتيجة أمتناع السفن التجارية من الأرساء في المؤانيء اليمنية وأرتفاع كلف التأمين عليها. قسوة العيش لهؤلاء مستمرة، وعودتهم إلى الديار لم يحن موعدها بعد.
وأخيراً, اذا كانت جماعة الحوثي تريد مصلحة اليمن وتحرص على تخفيف معاناة الشعب اليمني, فعليها مراعاة مصلحة المواطنيين اليمنيين وعدم تَغليب مصالح الدول الخارجية التي تسعى لدفع الشعب اليمني الى حافة الهاوية عن طريق أقحامهُ في صراعات أقليمية بالنيابة حيثُ لاناقة له فيها ولا جمل.