في عام 2014 أعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الخلافة المزعومة في العراق وسوريا ونفذ الكثير من الجرائم بحق المدنيين واستهدف المسلمين وغير المسلمين في الدولتين إضافة إلى ممارسة الرق الجنسي بحق الأزيديات ومصادرة ممتلكات المدنيين لاسيما المسيحيين . يهيمن تنظيما داعش والقاعدة على “الجهاد المسلح” منذ سنوات والمعنيون بمكافحة الإرهاب والمحللون يعتبرون هذين التنظيمين يعملان على ” فرض نسختهم المتطرفة تحت غطاء الشريعة الإسلامية عن طريق العنف” بالرغم من التباينات الكثيرة بينهما.
القاعدة تعتبر تدمير الغرب شرطاً يسبق إنشاء دولة إسلامية واستهداف مصالح الولايات المتحدة وجيشها وسكانها المدنيين هو الهدف الرئيسي لمعظم عملياتها الإرهابية بينما يضع داعش تأسيس الخلافة المزعومة في “أراضي دولتهم المفترضة” كشرط مسبق للمعارك مع “العدو” المزعوم. يستحوذ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على “شرعية” حصرية في معاقبة “الكفار“سواءً كانوا من المدنيين أو العسكر أو الشرطة وسواءً كانوا مقيمين في حدود “دولة الخلافة” المزعومة أو خارجها بينما لم يتعامل تنظيم القاعدة مع هذا الأمر في بياناته ومنشوراته. فيما يخص الجهاد، يملك داعش رؤية حصرية عن الجهاد، بينما حوّل تنظيم القاعدة “الجهاد” إلى “حركة إسلامية عالمية شاملة” تهدف إلى ضرب مصالح الغرب المصنف حسب أدبيات التنظيم ضمن “خندق الكفر”. حسب بياناته المعلنة، فرض داعش تمييزا واضحا في تفسيره للفرق بين “الخير” و”الشر” وطبق تفسيره المتطرف على قواعده والمدنيين على حد سواء بينما سمح تنظيم القاعدة للعقلية البرغماتية في التعامل مع السكان والجماعات الأخرى وحتى الدول بطريقة قدمت المصالح على المباديء.
هنالك تباينات أخرى بين التنظيمين تم تسليط الأضواء عليها في مقال مهم نشر على موقع قناة العربية في عام 2015 وأهمها هو أن تنظيم القاعدة يضع شروطا لانضمام المقاتلين في صفوفه، ويخضعهم لاختبارات تتعلق بالخلفية الدينية والولاء بناء على التطرف الفكري الممنهج وإدخال المجندين الجدد في تدريبات عسكرية قاسية. على العكس من ذلك، يضم تنظيم داعش إلى صفوفه كل من بايع زعيمه، سواء ممن أقلع حديثا عن المخدرات أو لديه سوابق إجرامية أو من تعاطف مع التنظيم سريعاً ليتم تكليفه فورا بتنفيذ عمليات إرهابية أوانغماسية أو الالتحاق بساحات المعارك . هنالك فرق شاسع بين التنظيمين في التعاطي مع الإنترنيت وتطبيقاته. كان توظيف القاعدة للإنترنيت محدودا وأقتصر على بعض المنتديات والمواقع الجهادية، وهو أمر تجاوزه داعش باستغلاله جميع الثورات المعلوماتية والتطبيقات الحديثة للتحشيد والتجنيد، وأسس مجموعات للمحادثات وشبكات مراسلة عبر أكثر من موقع وخصوصا منصة تليغرام.
بالإضافة إلى ذلك، الأعمال الوحشية التي نفذها تنظيم القاعدة بالقتل والاغتيال والعمليات الانتحارية كانت مصنفة كأعمال إرهابية خدمت أهداف التنظيم المعروفة لكن داعش تجاوز كل هذا وأكثر من عمليات قطع الرؤوس وحرق الأسرى أو إغراقهم أحياء. كما أدخل الأطفال في عمليات تنفيذ الإعدامات أمام الكاميرات ليشاهدها الملايين من الناس. فيما يخص الحدود الجغرافية لـ”خندق الإيمان” الذي عرّفه تنظيم القاعدة باعتباره أرض التنظيم، لم يصدر عن القاعدة أي إشارة إلى النية في أحتلال أراض أو قضم أراض من أي دولة أو التمدد عبر دول معينة بينما أراد داعش،على العكس من القاعدة، التشبه بالدول الحقيقية عبر إقامة مؤسسات سياسية ومالية وقضائية وفرض قوانين على السكان والتمدد عبر قضم واحتلال أراض بهدف تأسيس وتوسيع “دولة الخلافة” المزعومة.