في حديث نبوي معروف، ورد فيه وصف المنافق: “إذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر”. هذه الصفات تتجسد في أفعال داعش حينما كان يحتل جزءاً من العراق وجزءاً من سوريا وحتى بعد هزيمته هناك حينما بدأ ينفذ عمليات إرهابية في أفريقيا ومناطق أخرى في العالم. الادعاء بالالتزام بالشريعة الإسلامية في خطاب التنظيم الرسمي شيء والتطبيق شيء آخر يثبت النفاق الواضح الذي لا لبس فيه في أفعال الدواعش الإجرامية البعيدة كل البعد عن الدين وأحكامه.
في يناير 2015، أحرق الدواعش معاذ الكساسبة، الطيار الأردني الذي وقع أسيرا لديهم. أثار هذا العمل استنكارا واسعا في العالم الإسلامي قبل أي منطقة أخرى في العالم وخصوصا علماء الدين الذين يعرفون أن هذا الأمر بعيد كل البعد عن الشريعة وأحكامها. أول من استنكر هذه الجريمة هو أحمد الطيب، شيخ الجامع الأزهر في بيان له:” أن هذه الجريمة هي عمل إرهابي خسيس يستوجب العقوبة التي وردت في القرآن الكريم.” وأضاف البيان: ” أن الإسلام حرم التمثيل بالنفس البشرية بالحرق أو بأي شكل من أشكال التعدي عليها حتى في الحرب مع العدو المعتدي”. بالرغم من الادعاء الكاذب بتطبيق الشريعة، أثبت التنظيم نفاقه الصريح وأستمر في عمليات حرق الضحايا فقد أحرق الدواعش ثلاثة أشخاص من قضاء هيت – محافظة الأنبار(غرب العراق) وأحرقوا أيضا 20 شابا من قضاء الحويجة – محافظة كركوك (شمال العراق) وفي عام 2016 أحرق الدواعش 19 فتاة أزيدية في الموصل بطريقة مشابهة لحرق الكساسبة حيث تم وضعهن في أقفاص حديدية وتم إضرام النار فيهن في مكان عام. في عام 2017، نفذ عناصر التنظيم عملية إعدام بالحرق للطيار السوري، الرائد عزام عيد، بعد ربطه مقيدا إلى شجرة وإضرام النار فيه وفي العام ذاته أحرق الدواعش 15 مدنيا، أمام الناس، من ناحية العباسي – محافظة كركوك(شمال العراق) من بينهم أطفال ونساء بعد اتهامهم بـ”محاولة الهروب من أرض الخلافة”.
لا يمكن للمسلمين في كل زمان ومكان أن ينسوا الحديث النبوي الشريف:”لا تقتلوا طفلا ولا شيخا ولا امرأة ولا أسيرا ولا تقطعوا شجرة، وستجدون أناسا في معابدهم وكنائسهم، فدعوهم وما يعبدون” والذي صار دليلا لكل مسلم في أوقات الحرب يمنعه من التسبب بالأذى للمدنيين والأسرى ورجال الدين المسلمين وغير والمسلمين ويمنعه أيضا من تخريب للزرع والآثار النفيسة وممتلكات الناس. تناسى الدواعش عمدا هذا الحديث النبوي المهم وأحاديث أخرى وأعلنوا عن نفاقهم بوضوح حين ارتكبوا المجازر واحدة بعد أخرى في أكثر من مكان في العراق وسوريا ولم يكن لديهم سوى دوافع انتقامية إجرامية خالفت ثوابت الدين.
في حزيران / يونيو 2014، أقدم عناصر داعش على اعتقال 1700 طالبا من أكاديمية سبايكر العسكرية قرب مدينة تكريت -محافظة صلاح الدين (شمال العراق) وتم قتلهم واحدا بعد أخر ودفنهم في مقبرة جماعية وتم رمي المتبقي منهم في النهر. في العام ذاته، شن تنظيم داعش في عام 2014 هجوما على عشيرة الشعيطات في منطقة دير الزور في شمال-شرق سوريا واستمر الهجوم لعدة أشهر وخلف أعدادا كثيرة من الضحايا من أبناء العشيرة واختفى عدد آخر ونزحت أعداد أخرى من القبيلة ذاتها إلى مناطق أمنة. قدرت صحيفة الاندبندت البريطانية ومركز توثيق الانتهاكات في شمال – شرق سوريا وعدد الضحايا يقدر بـ 700 شخصا خلال أول يومين من المجزرة. الناجون من العشيرة قد صرحوا أن عدد ضحاياهم على يد التنظيم قد فاق الـ 1700 شخصا من الأطفال والنساء إلى جانب نزوح نحو 150 ألفا من المنطقة. أبناء عشيرة البونمر استوطنوا الصحراء ما بين الموصل والأنبار وصلاح الدين، ويسكنون الآن بشكل رئيسي في قضاء هيت – محافظة الأنبار(غرب العراق). في عام 2014، قتل عناصر تنظيم داعش أكثر من500 شخصا من أبناء العشيرة وأجبروا أكثر من 30 شخصا من أبناء العشيرة على الوقوف في صفوف وأطلقوا النار عليهم وكان بين القتلى أطفال ونساء وأن 25 آخرين من أبناء العشيرة أعدموا في حي آخر، بينما عثر على أكثر من 40 جثة أخرى في بئر في موقع قريب. في 14 كانون الثاني / يناير في عام 2016 أرتكب عناصر داعش في قرية البغيلية في دير الزور (شمال-شرق سوريا) مجزرة بحق المدنيين العزل وتردد صداها في العالم كله. في تلك الليلة الحزينة، كما يتذكر معظم سكان القرية، بدأ الإرهابيون هجوما على القرية أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخصا وبعدها أعتقل الإرهابيون 400 شخصا من الرجال والنساء والأطفال واقتادوهم إلى مقر التنظيم في ناحية معدان – شرق الرقة (شمال-شرق سوريا) حيث أقام التنظيم دورات شرعية للمعتقلين وأخذ منهم تعهدات بـ “الالتزام بالتعليمات وعدم المواجهة مع داعش.”
الخطاب الرسمي وشبه الرسمي لداعش يدعي تطبيق الشريعة لكن الوقائع الملموسة تثبت نفاق عناصر التنظيم بسبب عدم التزامهم بأساسيات الشريعة وحين يتعلق الأمر بارتكاب الجرائم يضع هؤلاء المجرمون الشريعة جانبا. الأدلة كثيرة على نفاق عناصر التنظيم ويمكن لأي مراقب أن يقارن بين أقوالهم المليئة بالتقوى وأفعالهم المشينة المرفوضة من قبل كل الشرائع وخصوصا الشريعة الإسلامية.