من دون مشارط ولا حقن “فيلر” المبالغ فيها، وقطعاً لن تكون هناك إزالة لدهون الوجه. هذه هي الأمور التي يؤكدها علاج حديث مصمم لإعادة الشباب إلى الوجه. لكن هل من الممكن مقاومة إغراء إجراء مزيد منها؟
شارلوت كريبس صحافية وكاتبة
أجلس على أريكة كبيرة وثيرة في غرفة الانتظار بإحدى العيادات في شارع هارلي ستريت، على وشك الخضوع لشد وجه غير جراحي حديث. قيل لي إن الإجراء لن يكون حلاً فورياً، لكن في غضون بضعة أشهر ستظهر آثار السحر: سأبدو أكثر شباباً وأتمتع ببشرة ندية وممتلئة ومشدودة. إنها عملية “مورفيوس8” Morpheus8، علاج غير جراحي يعزز الكولاجين ويشد الجلد أصبح عملية شد الوجه الرائجة في أوساط عالم الموضة والمشاهير.
ينفتح عالم جديد برمته أمامي. أتمنى فقط ألا أتمادى كثيراً في عمليات التجميل. لا أريد حقاً أن ينتهي بي الأمر بشفتين كشفتي سمكة، أو بوجه يبدو يصارع رياح شديدة، أو حتى كشخص يشفط خديه بشكل دائم – وهي النتيجة المتوقعة لعملية إزالة دهون الوجه، وهي توجه جراحي سائد يكتسح حالياً عالم الشخصيات المؤثرة، إذ يقوم الطبيب خلاله بتجويف الخدود إلى أن يبدو الوجه منحوتاً وبارز العظام.
بدلاً من ذلك، أريد أن أبدو أكثر نضارة فحسب، واستبعدت كل الإضافات الأخرى. يصطف مشاهير ومهووسون بالموضة في طوابير حول المبنى بانتظار دورهم لتلقي العلاج على يد طبيبي ديفيد جاك الذي يؤمن بمقولة إجراء قليل [من العمل] يؤدي إلى كثير [من النتيجة]. يبدو طبيعياً بشكل يبعث على الطمأنينة، نظراً إلى أنه اختبر بنفسه جميع العلاجات التي يقدمها لمرضاه الآن – تلك العلاجات الأكثر تأثيراً. طلبت منه أن يسمي أكبر خطأ ترتكبه النساء عندما يسعين وراء التدخل الجراحي. فكانت إجابته: “محاولة الظهور أصغر سناً… هذا لا ينجح على الإطلاق!”
قال لي بعض الأصدقاء إن عملية “مورفيوس8” هي المعيار الذهبي الجديد في علاجات شد الوجه غير الجراحية. تتم من خلال إجراء جروح دقيقة جداً في طبقات الجلد التحتية وتحفيز إنتاج الكولاجين، بالتالي شد الوجه والبشرة. ينخفض إنتاج الكولاجين مع تقدم العمر، مما يسهم في تجعد الجلد وترهله. لذا فإن هذا العلاج يشبه إلى حد ما الاستحمام في ينبوع الشباب، بينما تحتاج إلى فترة نقاهة بعد العملية ليوم واحد فقط، وتستمر النتائج لثلاثة أعوام. يخبرني الدكتور جاك أيضاً، من خلف أسنانه البيضاء اللامعة، أن هذا العلاج يغني أيضاً عن الحاجة لعمليات شد الوجه الجراحية، الأمر الذي يناسبني تماماً.
لم يكن الإجراء مؤلماً نسبياً، فدُهن وجهي بكريم مخدر قوي عند وصولي. يمكن مقارنة ما أشعر به، كما أعتقد، بالتعرض للوخز بحافظة إبر إلكترونية – الأمر الذي ليس مرعباً كما يبدو. المنطقة الوحيدة التي شعرت فيها بالانزعاج قليلاً هي الذقن وفوق الشفة العليا. ومباشرة بعد العملية التي استمرت 20 دقيقة، نظرت إلى نفسي في المرآة وشهقت – وجهي محمر بشدة ومتورم ومغطى ببقع صغيرة. بدا الأمر وكأني أقحمت رأسي في فرن ساخن ونجوت منه لتوي. كيف سأشرح ما جرى بين توصيل أطفالي إلى المدرسة في الصباح الباكر وإحضارهم لاحقاً؟ هل أقول إنني سقطت من جرف ووقعت على شجيرة ذات أشواك؟ هل أخبر طفليّ البالغين من العمر خمس وسبع سنوات أن هذا هو الوضع الطبيعي الجديد؟ وأن العالم برمته يريد تجنب عملية التقدم في العمر؟
لا تزال هناك وصمة عار كبيرة مرتبطة بالإجراءات التي تهدف إلى محاربة علامات التقدم في السن، بغض النظر عن جيل “إنستغرام” الذي لم يتجاوز الـ30 من العمر الذي ينظر إلى “التعديلات” كرمز للمكانة على ما يبدو – وهو أمر يتفاخرون في إظهاره عبر الـ”سوشيال ميديا”. خلال الشهر الذي يفصل بين الموعدين مع الدكتور جاك – سأحتاج إلى جلستين بالمجمل – بدأت أعيش حالاً من عدم اليقين. كانت الآثار التي استمرت 12 ساعة بعد شد الوجه الأول مقلقة للغاية، لدرجة أنني تساءلت في خلدي عندما حضرت للخضوع للجلسة الثانية: “ما الذي أفعله بحق الجحيم؟” ماذا لو لم يختف تورم وجهي أبداً هذه المرة وبدوت إلى الأبد مثل دمى “تيليتابيز” المنتفخة الشهيرة؟
أنا أميل إلى رؤية الأمور أسوأ مما هي عليه في الواقع، لكن لا يسعني سوى تذكر صورة ليندا إيفانجليستا تومض أمام عيني. ادعت عارضة الأزياء الشهيرة في تسعينيات القرن الماضي أنها تركت “مشوهة بوحشية” بعد خضوعها لعملية تجميد دهون فاشلة عام 2016، وهي مرتاحة الآن فقط لالتقاط الصور لها بشكل احترافي، وهي ترتدي ثياباً فضفاضة، تغطي كل شيء باستثناء وجهها. كما أنني مررت بتجربة مشابهة نوعاً، إذ خضعت لإجراء تجميلي باستخدام الأشعة النابضة المكثفة قبل عقد من الزمن كان من المفترض أن يحسن ملمس بشرتي، لكنه خلّف حروقاً على جسدي. لا تزال تظهر علامات على شكل خطوط على صدري عندما آخذ حمام شمس. إذاً كيف لي أن أجازف؟ لكنني متأكدة من أنني في أيد أمينة.
على كل حال، بدأت أرى كم من السهل إغوائي بكل هذا. على رغم تعهدي بأنني لن أضع نفسي تحت مبضع الجراح أبداً، أو أبالغ في الخضوع لـ”الليزر” والحقن، تلمع عيناي حينما يأتي الدكتور جاك على ذكر الـ”بروفايلو” Profhilo خلال جلسة “مورفيوس8” الثانية. إنها عبارة عن حقنة تحتوي على حمض الهيالورونيك وتعد بمنح مظهر ندي ومتوهج. يقول الدكتور جاك إنه من الشائع إعطاء تلك الحقنة مع عملية “مورفيوس8” وإن لها “فوائد مساعدة”.
الدكتور ديفيد جاك يجري عملية “مورفيوس8” (اندبندنت)
أقول له “احقنها… أنا موجودة هنا بكل الأحوال – لم لا؟”. تكلف الحقنة الواحدة 450 جنيهاً استرلينياً (570 دولاراً) وأنا بحاجة لاثنتين منها. يحذرني من أن وجهي سيبدو بكتل منتفخة لـ 12 ساعة، علاوة عن البقع والاحمرار الذي يخلفه “مورفيوس8”. في تلك اللحظة، هل كنت أهتم؟ ليس حقاً. يقوم أيضاً بحقن قليل من “البوتوكس” في جبهتي لرفع حاجبي قليلاً – لكن أحداً لن يلاحظ ذلك أبداً. أنا مرتاحة لحقيقة أنني لا أعدّل وجهي، بل أمنحه دفعة من الحيوية فحسب.
تزدهر الجراحة التجميلية في المملكة المتحدة، وذلك وفقاً للجمعية البريطانية لجراحي التجميل The British Association of Aesthetic Plastic Surgeons. أجرى أعضاؤها 31057 عملية تجميلية عام 2022 – بزيادة بنسبة 102 في المئة عن العام السابق. شهد عام 2022، في الواقع، أعلى ارتفاع سنوي في العمليات منذ بدأت المراجعات على المستوى الوطني عام 2004. نتحدث هنا عن تطبيع جارف لهذا النوع من الإجراءات – ينظر البالغون في المملكة المتحدة بشكل متزايد إلى العلاجات التجميلية غير الجراحية على أنها جزء من روتين الحفاظ على جمالهم الطبيعي والعناية به، بينما ادعت المجموعات البرلمانية المكونة من جميع الأحزاب المعنية بالجمال والتجميل والرفاهية عام 2022 أن صناعة العلاج التجميلي غير الجراحي شهدت “نمواً سريعاً”، بحيث تعطى نحو 900 ألف حقنة “بوتوكس” في المملكة المتحدة سنوياً.
هناك مخاوف تدعو إلى القلق أيضاً، فعلى رغم الطلب المتزايد على عمليات التجميل غير الجراحية، لا تزال الصناعة غير منظمة إلى حد كبير، بينما تؤجل الحكومة تطبيق نظام للترخيص في القطاع الذي أعلن عنه العام الماضي. وفقاً للتقارير، يجرى العدد الأكبر من العلاجات التجميلية التي يخضع لها الشباب غالباً في صالونات تجميل غير منظمة من قبل ممارسين غير مؤهلين – مما يعرض الناس لخطر العمليات الفاشلة والاستغلال.
يمكن أن تؤدي الجراحات التجميلية إلى الإدمان، وها أنا سعيدة بعد انتهائي من علاج “مورفيوس8″ لأنني لم أتعرض لتشوهات. ومع ذلك، أسأل الدكتور جاك، من باب الفضول، كم سيكلفني الخضوع لكل الإجراءات الممكنة – الحقن و”الفيلر” وما إلى ذلك. يقول لي إن فاتورتي السنوية ستكون حوالى 5650 جنيهاً استرلينياً (7156 دولاراً) – وهذا لا يشمل علاج “مورفيوس8” كل ثلاثة أعوام الذي تكلف الجلسة الواحدة منه 1450 جنيهاً استرلينياً (1837 دولاراً) لكامل الوجه والرقبة. يقترح حقن “البوتوكس” – لثلاث مناطق “أعلى الوجه، بغية عكس بعض تغيرات العضلات الحركية التي تحدث مع مرور الزمن، ولرفع الحاجب/وفتح العينين” – ستكون كلفتها 550 جنيهاً استرلينياً كل ثلاثة إلى أربعة أشهر. حقن “الفيلر” – حقنتان إلى ثلاث حقن “لمنطقة منتصف الوجه/خط الفكين، بهدف تعويض قليل من الحجم المفقود” – ستكلف 1100 إلى 1650 جنيهاً استرلينياً (697 دولاراً) سنوياً. حقن “بروفايلو” – جلستان كل ستة إلى تسعة أشهر باستخدام حقنتين – يكلف العلاج الواحد 900 جنيه استرليني (1140 دولاراً).
يخبرني أن طرق العلاج غير الجراحية لن تحل محل الجراحات التجميلية، لكنها بديل أقل حدة للأناس الذين يريدون الشعور ببعض التجدد بدلاً من التحول الكامل. ويوضح: “هناك حد لما يمكن للعلاجات غير الجراحية تحقيقه”، وهو حد أنا راضية به، في الوقت الحالي على الأقل.
بعد خضوعي لجلسة العلاج الثانية، أشعر وكأني حططت الرحال في الجانب الصحيح من الإجراءات التجميلية. بعد فترة قصيرة، بدت بشرتي أنعم وعظام فكي مشدودة أكثر وعيناي أكثر اتساعاً. تجنبت بكل مهارة “وجه إنستغرام” المرعب عندما تبدأ الوجوه بالتشابه مع نسخ بشرية ذات ملامح مفرطة في الضخامة ومعدلة بشدة. مضت ستة أسابيع فقط على إجرائي العملية التي قيل لي إنها ستعطي نتائج أفضل خلال الأشهر الستة التالية، لذا أعتقد بأنه سيكون لي مكان في عالم عمليات التجميل غير الجراحية. عليكم فقط أن تكونوا حازمين حيال المدى الذي ترغبون في الوصول إليه.
لمزيد من المعلومات يمكنكم زيارة الموقع التالي: drdavid.jack.com