• الثلاثاء. ديسمبر 3rd, 2024
8
1

أعلنت مجموعة إرهابيين في عام 2014 تأسيس ما يسمى “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش)، هل حقا كان هذا الكيان دولة كباقي الدول؟

الدولة الاسلامية

الوقائع على الأرض تقول أن الكيان الذي أعلن الإرهابيون تأسيسه كـ “دولة” هو كيان هلامي غير ثابت على الأرض وبعيد كل البعد عن مفهوم الدولة المعروف في مشارق الأرض ومغاربها. صدق المغفلون أكاذيب داعش وتركوا بلدانهم ليشاركوا في جرائم التنظيم في مدن وبلدات في شمال-شرق سوريا وشمال-غرب العراق. في تلك السنة والسنوات التي تبعتها، ارتكب الدواعش جرائم بشعة بحق المسلمين قبل غيرهم وبحق المسيحيين والأيزيديين باسم عقيدة غريبة عن الإسلام وعن المسلمين الذين وجدوا “الدولة الإسلامية” المزعومة هي ثلة شذاذ أفاق لم يعرفوا غير الهدم والتخريب وتهديد المدنيين وتدمير المدارس والمكتبات والمتاحف وسرقة الآثار وتهريب البترول.

على صعيد الاقتصاد، لا توجد سياسة اقتصادية واضحة في المناطق التي سيطر عليها التنظيم ولا أرقام محددة للدخل القومي الإجمالي أو مصادره. الأهم من هذا هو أن معظم الأموال التي أستخدمها عناصر التنظيم في العراق وسوريا مصدرها نشاطات تهريب البترول في المناطق المصنفة كـ ” مناطق فوضى”. في هذه المناطق، لا يوجد حرس حدود ولا حضور واضح لدولة قوية قادرة على منع التهريب بصورة ملحوظة أو منع أي نشاط غير قانوني أخر كتهريب آثار المنطقة وبيعها إلى مافيات الآثار الدولية. بعد هبوط أسعار البترول وبعد تشكيل التحالف الدولي لمواجهة داعش، انخفضت نشاطات التهريب والتي أثرت بصورة واضحة على مداخيل التنظيم المالية وهذا قد ساهم في هروب عدد لا بأس به من العناصر إلى جهات مجهولة.

يمكن تقسيم العمليات القتالية للتنظيم إلى عمليات حرب العصابات أو عمليات ضرب الأهداف المدنية كالمطارات والمطاعم والنوادي وهذا ما حدث في مطار اسطمبول وتجمع للمحتفلين بالعيد الوطني الفرنسي في مدينة نيس وأماكن أخرى خارج العالمين العربي والإسلامي. الأمر الذي يمكن ملاحظته بسهولة هو عجز التنظيم عن الدخول في معارك تقليدية في مواجهة الجيوش النظامية التي تملك قدرات قتالية ومعدات عسكرية متقدمة نوعاً وكماً على إمكانيات داعش ولهذا لا خيار أمام التنظيم سوى خيار حرب العصابات أو ضرب الأهداف الناعمة (المدنية) التي هدفت إلى تحقيق أكبر عدد من القتلى والجرحى في صفوف القوات النظامية والمدنيين على حد سواء. يمكن استثناء عمليات تحرير الموصل وعمليات تحرير شمال-شرق سوريا مما سبق فقد دخل التنظيم المعارك المذكورة لأن المعارك بدأتها القوات المحلية مثل الجيش العراقي وقسد بدعم من التحالف الدولي بهدف تطهير الأرض وتحقيق هزيمة التنظيم النهائية في كلي البلدين والتي تكللت بالنجاح في نهاية الأمر.

حاول التنظيم تجنيد مقاتلين جدد وتزويدهم لاحقا بأهداف لغرض تنفيذ عمليات تؤدي إلى أكبر عدد ممكن من الضحايا في مواقع مهمة كالمطارات والنوادي والملاعب الرياضية بهدف أنتاج ضجة إعلامية ستساهم في التسويق للتنظيم وفي انتاج صورة مبالغ بها لقدراته والتي استخدمها “جنود الإعلام” في داعش في عمليات التجنيد. وظف داعش وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أخبار العمليات التي نفذها عناصره ولنشر عقيدته وخطابه السياسي وانقسمت الإصدارات إلى رسمية وغير رسمية.

على صعيد التعليم، منع التنظيم (في المناطق التي كانت تحت سيطرته) كل عمليات التعليم الأساسية في المدارس كالعلوم والرياضيات وغيرها وفرض تعليم الدين والعقيدة المتطرفة في الإسلام. الهدف من هذا كان معروفا وهو الدفع بالمراهقين تحت شعارات حماسية إلى تنفيذ عمليات إرهابية في أماكن مختلفة في العالم واشتهر هذا النوع من المراهقين بـ “أشبال الخلافة” الذين تم أسر قسم منهم لاحقا وكشفوا عن عمليات غسيل الدماغ التي تعرضوا لها. منع التنظيم، في مناطقه، المدرسين من ممارسة أعمالهم وأوقف التعليم النظامي برمته كون هذا النوع من التعليم سيسحب البساط من تحت أقدام التنظيم ويكشف أكاذيبه المقنعة بالدين وشرعيته المزيفة. إضافة إلى ذلك، حوّل التنظيم المدارس إلى مراكز تعذيب أو مقرات عسكرية لعناصره وقبيل هزيمته في العراق وسوريا زرع في معظم المدارس عبوات ناسفة استهدفت المدنيين العزل لاحقاً.

خلاصة القول أن “دولة” داعش لم تتضمن مقومات الدولة المعروفة في الشرق والغرب فلا اقتصاد ولا هيكل تنظيمي ولا نظام تعليمي ولا جيش نظامي ولا نظام حكم واضح ولا حدود جغرافية ثابتة ولا شيء سوى أساليب إرهاب المدنيين العزل وسرقة الموارد الاقتصادية وتهريب البترول والآثار. الأهم من هذا هو أن فكر هذه “الدولة” المزيفة قد بني على ادعاءات مفبركة بأنه “النسخة الوحيدة الصحيحة” من الإسلام وأفعال عناصر داعش وقادتهم أثبتت أن هذا الفكر المشوه قد تناقض مع أساسيات الدين الإسلامي وأثار ردود فعل سلبية من قبل عامة المسلمين والفقهاء على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *