بعد تحررها من براثن داعش في 2017، بدأت الرقة التقدم بخطى متسارعة للتخلص من أثار التنظيم الإرهابي الذي اعتبرها يوما عاصمة لخلافته المزيفة. قسد والإدارة الذاتية ومجلس الرقة المدني وبلدية الشعب والتحالف الدولي ومؤسسات أخرى تتعاون في تنفيذ مشاريع كثيرة تهدف إلى إعادة تأهيل البنى التحتية وتوفير الخدمات للمواطنين واستعادة الوجه المشرق للمدينة والتخلص من الألغام التي تركها التنظيم وراءه والتي حصدت أرواح عدد غير محدد من المدنيين العزل في المدينة وريفها.
بذلت المؤسسات العاملة في المدينة جهودا استثنائية لإعادة تأهيل دوار النعيم وجعله قبلة للأهالي بعد أن ارتبط اسمه في ذاكرة السكان بالرعب والجرائم التي نفذها الدواعش فيه. حسب تقرير نشر في صحيفة الوطن البحرينية: “بين الأعوام 2014 و2017، استبدل السكان اسم “دوار النعيم” بـ “دوار الجحيم” بعد أن اتخذ منه مقاتلو داعش مكاناً لتنفيذ عقوباتهم الوحشية، من قطع أطراف السارقين، إلى تنفيذ إعدامات، وعمليات صلب علنية”. بالتعاون بين المجلس المدني ومؤسسات ومنظمات دولية، يستمر العمل على إعادة الحياة للحدائق العامة في الرقة والتي تجاوز عددها العشرة حدائق. خلال فترة سيطرة التنظيم على المدينة، دفن عناصره الكثير من جثث ضحاياه في الحدائق العامة وقبيل هزيمته وخروجه من الرقة، ترك التنظيم أعداداً كثيرة من الألغام في الحدائق بهدف قتل وجرح الأهالي.
بغرض تنشيط اقتصاد المدينة وتشجيع الحرفيين وأصحاب المهارات على العودة إلى ورشهم في حي الصناعة الذي يعتبر القلب النابض لاقتصاد الرقة، بدأت جهود المجلس المدني بعد التحرير بفترة قصيرة في إزالة السواتر الترابية والأنقاض من هذا الحي. إضافة لجهود المجلس المدني، قامت الفرق الخاصة التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) بتنظيف محلات الحي من الألغام التي كان يصنعها داعش فيها وبعدها صارت هذه المحلات أمنة وهذا قد شجع الحرفيين على العودة إلى محلاتهم ومزاولة أعمالهم القديمة. خلال فترة سيطرة داعش على المدينة، حول عناصر التنظيم ملعب الرقة البلدي إلى مركز احتجاز وتعذيب ولهذا سماه الأهالي “الملعب الأسود”. بعد تحرير المدينة، بدأت لجنة الرياضة والشباب بالتعاون مع المجلس المدني في مشروع إعادة تأهيل الملعب وفتح أبوابه للسكان كي يمارسوا هواياتهم فيه وترميم أقسام الملعب التي تعرضت للتخريب والتدمير على أيادي الدواعش.
لم تتأخر المنظمات العالمية في الدخول إلى الرقة عقب تحريرها وبعدها بدأت في تقديم المساعدات الممكنة للسكان وتجاوز العقبات التي نتجت من وجود الإرهابيين في المدينة لفترة قاربت الثلاثة أعوام. خلال وجود الإرهاب في الرقة، تعرضت البنى التحتية وشبكة الصرف الصحي والشبكة الكهربائية والخدمات الأساسية إلى تخريب متعمد والذي ساهم بشكل أو بأخر في التأثير السلبي على حياة المدنيين في الرقة. وصف تقرير نشرته الأمم المتحدة في عام 2018 بعنوان “عودة الحياة إلى مدينة الرقة رغم التحديات” أن ثلثي المباني مدمرة وأن المدينة تبدأ من الصفر وأن القدرة الشرائية منخفضة وأهم التحديات هي توفير المياه النظيفة لسكان المدينة. ذكر التقرير ذاته: ” أن برنامج الأغذية العالمي مستمر بتوفير المساعدات الغذائية للمدنيين وتجاوز تحدي نقص المصادر الغذائية حتى عودة طرق التجارة بين الرقة والمدن السورية الأخرى وعودة النشاط الزراعي في ريف المدينة أيضا”.