منذ تأسيسها في عام 1967، ارتبط اسم جامعة الموصل بالرصانة العلمية ضمن الأوساط الأكاديمية في العراق والعالم العربي وارتبط اسمها بالمراكز البحثية والمتاحف المتخصصة التي فتحت أبوابها للطلاب والباحثين والمواطنين في محافظة نينوى والعراق عموما. في العاشر من حزيران / يونيو من عام 2014، احتل تنظيم داعش مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، وشهد سكان الموصل دخول قطعان الشر إلى مدينتهم رافعين معول الهدم والتخريب محاولين فرض الظلامية باسم دين بعيد جدا عن الإسلام الذين ادّعو اتّباعه وتطبيقه.
المركز الثقافي والمتاحف السبعة ومكتبة الجامعة المركزية كانت أول أهداف عناصر التنظيم ولم يتأخر الإرهابيون في حرق آلاف الكتب في المكتبة الجامعية التي تأسست عام 1967 التي تعتبر واحدة من أهم المكتبات الأكاديمية في العراق والعالم العربي. وصفت اليونسكو تدمير مكتبة جامعة الموصل بـ : “أحد أكثر أعمال التخريب المدمرة لمقتنيات مكتبة على مدى التاريخ الإنساني وباتت أنقاضها المتفحمة دلالة على هول ما حل بالموصل وبمعالمها.” حسب سيف الأشقر، مدير المكتبة المركزية في جامعة الموصل: “هذه المكتبة تعرضت لحرق ودمار على يد الدواعش الإرهابيين. المبنى والمحتويات التي لا تقدر بثمن وفقدان ما يقارب مليون كتاب ومصدر ومخطوطة.”
خلال فترة سيطرة التنظيم، مارس عناصره القمع اليومي بحق سكان الموصل ولم يكن طلبة وأساتذة الجامعة استثناءً فقد تعرض هؤلاء إلى عقوبات كثيرة كالاعتقال الكيفي والموت رميا بالرصاص أو حرقا وغيرها من وسائل إرهاب المدنيين المعروفة. أعدم التنظيم 12 طالبا من جامعة الموصل في نوفمبر 2015 بتهمة إدارة صفحة على الإنترنيت مناهضة لداعش وفي العام ذاته أعدم عناصر التنظيم د. وعدالله إبراهيم سلطان رميا بالرصاص في إحدى القرى الواقعة على أطراف الموصل بلا تهمة واضحة. بعد شهرين على اختطافه، أعدم داعش د. فارس الحيالي، الأستاذ في كلية العلوم السياسية في جامعة الموصل، بلا تهمة محددة وهنالك قصص أخرى عن انتهاكات التنظيم في الجامعة إضافة الى تخريب المتاحف والمركز الثقافي الجامعي الذي شهد، قبل سيطرة داعش، الكثير من العروض المسرحية والمعارض الفنية التشكيلية والحفلات الموسيقية.
بعد هزيمة داعش في الموصل في عام 2017، بدأت الجهود المحلية والدولية في إعادة بناء المدينة وتضميد جراحها وكانت الجامعة على رأس الأولويات كي تستعيد دورها التنويري والتعليمي في المحافظة والعراق عموما. كثفت وزارة التعليم العالي العراقية جهودها بالتعاون مع اليونسكو والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وجامعات أوربية وأمريكية ومؤسسات خيرية وإغاثية دولية في إعادة بناء المباني المحروقة والمهدمة وتزويدها بالتجهيزات اللازمة والكتب وبعد إعادة افتتاح المكتبة المركزية للجامعة، تُرك أحد جدران الجامعة بلا ترميم ليكون شاهدا على الخراب الذي أحدثه التنظيم الإرهابي في المكتبة وليذّكر الأجيال بجريمة الإرهابيين بحق الثقافة والجامعة على حد سواء. بعد أن فتحت أبوابها من جديد، وصفها سيف الأشقر هذه المكتبة بـ: ” طائر الفينيق تنهض من جديد من تحت حطام الخراب والدمار.”