يترقّب اللبنانيون الإثنين نتائج الانتخابات النيابية بعد أن أدلوا بأصواتهم الأحد، في أول انتخابات منذ الانهيار الاقتصادي في البلاد. ويعتقد جانب من اللبنانيين أن احتمالات حدوث تغيير كبير بعد هذه الانتخابات تبقى ضئيلة ، فيما يأمل جانب آخر في أن توجه هذه الانتخابات ضربة للنخبة السياسية الحاكمة التي يحملونها مسؤولية الأزمة الاقتصادية الحادة التي يمر بها لبنان والتي أذكت احتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد السلطة. وكان البنك الدولي قد صنف اقتصاد لبنان من بين الأسوأ في العالم منذ 1850، وأصبح أكثر من 80 بالمئة يعيشون تحت خط الفقر. ولم تتجاوز نسبة المشاركة فى هذه الانتخابات التشريعية 41 في المئة، بحسب أرقام وزارة الداخلية .
يترقّب اللبنانيون الإثنين صدور نتائج الانتخابات النيابية التي جرت الأحد ويُستبعد أن تحدث تغييراً كبيراً في المشهد السياسي العام، رغم النقمة التي خلّفتها سلسلة أزمات ومآسٍ متتالية منذ أكثر من سنتين. ويعتقد محللون أن هذه الانتخابات توفر فرصة للطبقة السياسية لإعادة إنتاج ذاتها، بسبب تجذّر السلطة والنظام السياسي القائم على المحاصصة وتحكّم النخب الطائفية بمقدّرات البلاد وحالة الإحباط العام.
وتميزت الانتخابات بمشاركة كثيفة ونشاط استثنائي للوائح معارضة تضم مرشحين من خارج الطبقة السياسية التقليدية يرون أن تحقيق “خروق” ولو محدودة في لوائح الأحزاب النافذة والقوى المتجذرة في النظام السياسي، يعتبر انتصاراً. لكن نسبة المشاركة فيها كانت متدنية، إذ بلغت 41 في المئة، وفق وزارة الداخلية. ويبلغ عدد الناخبين 3,9 ملايين.
وتأتي هذه الانتخابات وسط انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850. وبات أكثر من ثمانين في المئة من السكان تحت خط الفقر وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المئة.
كما أتت بعد نحو عامين على انفجار الرابع من آب/أغسطس 2020 الذي دمر جزءاً كبيراً من بيروت وأودى بأكثر من مئتي شخص وتسبّب بإصابة أكثر من 6500 آخرين. ونتج الانفجار، وفق تقارير أمنية وإعلامية، عن تخزين كميات ضخمة من مواد خطرة تدور تحقيقات حول مصدرها، من دون أي إجراءات وقاية.
وهو الاستحقاق الانتخابي الأول بعد سلسلة أزمات هزت لبنان خلال العامين الماضيين بينها انهيار اقتصادي واحتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد السلطة وانفجار كارثي في بيروت. لكنّ عناصر عدة قد تحول دون ترجمة النقمة الشعبية ضد السلطة التي يُحمّلها كثر مسؤولية الانهيار الاقتصادي وشلل المؤسسات، بينها القانون الانتخابي المفصّل لصالح الأحزاب التقليدية.
ويضمّ البرلمان 128 نائباً. والغالبية في المجلس المنتهية ولايته هي لحزب الله وحلفائه وأبرزهم التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري الذي يشغل منصبه منذ 1992.
وإن كان متوقّعا أن تبقى الكفة مرجحة في البرلمان الجديد لصالح القوى السياسية التقليدية، تحدثت ماكينات أحزاب ومجموعات معارضة ليلاً عن خروق في عدد من الدوائر، أبرزها دائرة في الجنوب عادة ما تكون كلّها من نصيب لائحة مشتركة بين حزب الله وحلفائه.
وشاركت في الانتخابات مجموعات معارضة ووجوه شابة أفرزتها احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تشرين الأول/أكتوبر 2019 طالبت برحيل الطبقة السياسية.
وبدا منذ البداية أنه سيكون صعباً أن تترجم النقمة الشعبية في صناديق الاقتراع بسبب عوامل عدة أبرزها نقص الموارد المالية لدى المعارضين وضعف الخبرة السياسية، وقانون انتخابي معقد مفصل على قياس الأحزاب التقليدية وتشتت المعارضة وعدم اتحادها في لوائح مشتركة.
وساهمت الأزمات، خصوصاً انفجار المرفأ، في إحباط شريحة واسعة من اللبنانيين، لا سيما الشباب الذين هاجر آلاف منهم.
ورغم النقمة التي زادتها عرقلة المسؤولين للتحقيق في الانفجار بعد الادّعاء على نواب بينهم مرشحان حاليان، لم تفقد الأحزاب التقليدية التي تستفيد من تركيبة طائفية ونظام محاصصة متجذر، قواعدها الشعبية التي جيّشتها خلال الحملة الانتخابية.
ويُرجّح أن يحتفظ حزب الله وحركة أمل بالمقاعد المخصصة للطائفة الشيعية (27 مقعداً)، لكن لا يستبعد محللون أن يخسر الحليف المسيحي الأبرز للحزب، أي التيار الوطني الحر، عدداً من مقاعده بعدما حاز وحلفاؤه 21 مقعداً عام 2018.
كما جرت الانتخابات في غياب أبرز مكون سياسي سُنّي بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي أعلن مقاطعة الاستحقاق، بعدما احتل الواجهة السياسية سنوات طويلة إثر مقتل والده رفيق الحريري في 2005.
ووثقت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات “لادي” التعرّض لمندوبيها في مناطق عدة بالتهديد أو الضرب، الجزء الأكبر منها في مناطق نفوذ حزب الله. وأظهرت مقاطع فيديو وصور مرافقة مندوبين عن حزب الله وحركة أمل ناخبين خلف العازل في بعض الأقلام الانتخابية.