• الأربعاء. يناير 22nd, 2025

تكلفة إعادة إعمار غزة: من سيدفع الفاتورة؟

يناير 22, 2025 #فلسطين, #قطاع غزة

“تحت وطأة الدمار الذي لحق بقطاع غزة، تتداعى الأسئلة حول تكلفة إعادة إعمار مدن وأحلام دُمرت. فاتورة الإعمار بالمليارات تترجم إلى معاناة إنسانية هائلة، فكيف سيعيد الغزيون بناء حياتهم من جديد؟ وما هي الشروط السياسية التي سترافق عملية الإعمار، والتي قد تطيل أمد معاناتهم؟”

بعد أن شهد قطاع غزة 15 شهراً من القصف والدمار، جاء اتفاق وقف إطلاق النار حاملاً معه بارقة أمل بإعادة البناء. إلا أن حجم الدمار الهائل الذي لحق بالمدن والقرى، وحوّل حياة آلاف الفلسطينيين إلى جحيم، يفرض تحديات كبيرة أمام عملية الإعمار. فاتورة إعادة إعمار غزة بالمليارات تترجم إلى معاناة إنسانية هائلة، وتتطلب تضافر الجهود الدولية والإقليمية. لكن يبقى السؤال: هل ستكون الشروط السياسية عائقاً أمام تحقيق العدالة وإعادة البسمة إلى وجوه الغزيين؟ أم أن المجتمع الدولي سيتحمل مسؤوليته في دعم جهود الإعمار، وتوفير الحياة الكريمة لسكان غزة؟

ووفق الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن فإن  المرحلة الثالثة من اتفاق وقف إطلاق النار  تتضمن البدء في “خطة إعادة الإعمار الكبرى في غزة”.

فاتورة ضخمة

قدر تقرير مشترك صدر عن البنك الدولي و الأمم المتحدة تكلفة الأضرار التي لحقت بالبُنى التحتية الحيوية في قطاع غزة بسبب الحرب بنحو 18.5 مليار دولار.

وذهبت تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أعمال القصف الذي تعرض لها القطاع خلفت وحدها 42 مليون طن من الركام، فيما يستوجب إزالتها سنوات بتكلفة تتجاوز عتبة الـ 1.2 مليار دولار.

وتشير هذه الأرقام إلى ضخامة عملية الإعمار ما أثار تساؤلات حيال الأطراف التي سوف تدفع فاتورة إعادة إعمار غزة الباهظة.

ويرى محمد قواص، الباحث والكاتب السياسي المقيم في لندن، أن عملية إعادة إعمار غزة ستكون بمثابة “ورشة القرن”.

وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف “هذه الورشة ستكون تاريخية وسوف يشارك فيها كل موارد المال الدولي، بداية من المؤسسات المالية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لكن الأموال الأساسية ستأتي من الدول المانحة وتقليديا هي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عديدة، أهمها دول الخليج”.

قال البنك الدولي إن حجم أضرار البنى التحتية الحيوية في غزة يقدر بـ 18.5 مليار دولار

وفي سياق متصل، قالت منظمة الصحة العالمية الخميس (16 يناير/كانون الثاني 2025) إن إعادة إعمار المستشفيات والمنشآت الطبية في قطاع غزة ستتكلف عدة مليارات من الدولارات. وتشير التقديرات الأولية إلى أن هناك حاجة لنحو 3 مليارات دولار لقطاع الصحة وحده خلال الأشهر الـ 18 المقبلة.

وقال ريك بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية المسؤول عن الأراضي الفلسطينية، إنه من المتوقع خلال إطار زمني يتراوح بين خمس إلى سبع سنوات، أن يصل الطلب إلى 10 مليارات دولار.

تحالف دولي لإعادة الإعمار

وفي ضوء هذه الأرقام الضخمة، يعتقد يوسي ميكلبيرغ، الباحث البارز في شؤون الشرق الأوسط بمعهد “تشاتام هاوس” بلندن، أن مسؤولية تحمل عبء إعادة إعمار غزة، ضخمة.

وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف “نحن نتحدث عن عملية إعمار تتطلب المليارات. لن يُنجز الإعمار إلا إذا كان هناك تحالف من الحكومات القادرة على القيام بذلك والراغبة في القيام بذلك. يجب أن تشارك في عملية الأعمار دول من المنطقة ومن خارجها وليس دولة واحدة فقط قادرة على ذلك”.

 وأعلنت مصر استعدادها لاستضافة مؤتمر دولي من أجل إعادة إعمار غزة، ودعت الخارجية المصرية “المجتمع الدولي لدعم الجهد الإنساني وتقديم المساعدات لقطاع غزة، والبدء في مشروعات التعافي المبكر” تمهيدا لإعادة الإعمار.

بيد أن الانخراط الدولي في عملية إعادة إعمار غزة ربما يقترن بشروط سياسية.

ونقلت رويترز عن 12 من الدبلوماسيين الأجانب والمسؤولين الغربيين قولهم إن مناقشات تجري خلف الأبواب المغلقة تشمل إمكانية أن تشرف الإمارات والولايات المتحدة إلى جانب دول أخرى بشكل مؤقت على الإدارة والأمن وعملية إعادة الإعمار في قطاع غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منه وحتى تتمكن إدارة فلسطينية من تسلم المسؤولية.

ونقل التقرير عن مسؤول إماراتي قوله إن أبو ظبي لن تشارك في أي خطة لا تتضمن إصلاحا كبيرا للسلطة الفلسطينية وتمكينها ووضع خارطة طريق موثوقة نحو إقامة دولة فلسطينية.

وتعارض الإمارات أيضا حماس ، التي تصنفها الولايات المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

“غطاء سياسي”

وفيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي الذي يُعد من أكبر الجهات المانحة للمساعدات الإنسانية المقدمة للفلسطينيين، نقلت رويترز عن مصادر قولها في أغسطس/آب الماضي إن فرنسا وألمانيا وبريطانيا قد اقترحت مبادرة لإعادة إعمار غزة.

لكن المبادرة حملت في طياتها شروطا أبرزها نزع سلاح حماس ومنع إعادة تسليحها، فيما تمثل الشرط الأكثر أهمية في عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة.

وفي ذلك، قال يوسي ميكلبيرغ، الباحث في تشاتام هاوس، إن “نقص الحوكمة في غزة يمثل إحدى أبرز العقبات السياسية أمام إعمار غزة”.

وأضاف “يجب حل هذه المشكلة من خلال الآليات الصحيحة سواء دولية أو محلية من أجل التأكد من وجود حوكمة جيدة بما في ذلك الشفافية الكاملة. أي مناقصات لإعادة بناء غزة في الوقت الراهن يشوبها دائما خطر الفساد”.

ويعتقد الباحث والكاتب السياسي محمد قواص أن عملية الإعمار تتطلب “غطاءً سياسيا وإجماعا على كيفية إدارتها”.

وأضاف في حديثه إلى DW عربية “بالمعنى الاستراتيجي، قد تكون الأموال متوفرة، لكن هذه الأموال الصادرة عن دول معينة لديها شروط، وهذه الشروط تفرض على أي دولة تستفيد من هذه الأموال سواء كانت مفروضة من البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي أو من الدول المانحة. أهم هذه الشروط هو من سيحكم غزة وكيف ستدار أموال عملية الإعمار”.

المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *