كلمات دالّة: منتخب المغرب, منتخب المغرب لكرة القدم, مباريات المنتخب المغربي, اخبار المنتخب المغربي, كأس العالم 2022, مونديال قطر 2022, كرة القدم, تصفيات كاس العالم, ما هي المباريات القادمة, مونديال 2022
كانت الأجواء في العاصمة القطرية الدوحة بعد فوز المغرب التاريخي على البرتغال في الدور ربع النهائي لكأس العالم ساحرة. فكان المشجعون في حالة سعادة غامرة، وأبواق السيارات لا تتوقف عن الضجيج، والمباني مغطاة باللونين الأحمر والأخضر، اللذين يميزان زي المنتخب المغربي.
وقال أحد مشجعي المغرب لبي بي سي: “أخيرا كرة القدم تبتسم للعرب”.
وكانت الهتافات الجماهيرية داخل الملعب أعلى وأكثر حماسا، فعندما كان أي لاعب مغربي يلمس الكرة، كان الجمهور كله يهتف بكلمة “سِير”، لحث اللاعبين على التقدم إلى الأمام وإحراز الأهداف، وهو ما حدث بالفعل.
وفي العاشر من ديسمبر/كانون الأول، أصبح المغرب أول بلد عربي وإفريقي يصل إلى نصف نهائي كأس العالم، وكنت سعيدة بوجودي داخل الملعب في هذا الحدث الاستثنائي.
مشجعة من بعيد
لم أكن أعتقد على الإطلاق أنني سأحضر نهائيات كأس العالم – ناهيك عن بطولة تقام في دولة عربية.
لقد نشأت في الشرق الأوسط، وكان السفر لمشاهدة مباريات المونديال من الملعب صعبا ومكلفا للغاية. لكن هذا كان يعني دائما الكثير بالنسبة لي.
وكل أربع سنوات، كنت أشاهد مباريات كأس العالم وسط أفراد العائلة، إما في مسقط رأسي في مدينة حلب السورية التي كنت أقضي فيها معظم الصيف، أو في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية حيث نشأت.
وكانت أعلام الدول المختلفة تزين المقاهي، كما كانت المشاحنات تندلع بين مجموعات تدعم بلدانا ربما لم يسبق لها زيارتها من قبل.
لقد كنا على بُعد آلاف الأميال من الحدث، لكن الأجواء كانت دائما لا تُنسى.
وعندما أتيحت لي الفرصة لتغطية هذا الحدث التاريخي، كنت متحمسة للغاية لخوض هذه التجربة.
أنا لست غريبة على منطقة الخليج، فقد ولدت ونشأت في السعودية. انتقل والداي إلى هناك من سوريا في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي بسبب الاضطرابات السياسية وبحثا عن فرص اقتصادية أفضل.
كنا نزور عمي وأبناء عمي في قطر أثناء العطلات في التسعينيات. وعلى الرغم من أنني كنت طفلة في ذلك الوقت، إلا أنني أتذكر بوضوح مبنى فندق شيراتون، بشكله الهرمي، فقد كان هو المعلم الرئيسي على كورنيش الدوحة.
أم اليوم فيتضاءل فندق شيراتون أمام بحر من المباني الشاهقة. وعلى الرغم من أن زيارتي الأخيرة إلى الدوحة كانت في عام 2016، إلا أنني ما زلت غير قادرة على التعرف على أجزاء كثيرة منها.
وفي غضون سنوات قليلة فقط، أنشأت الدولة سبعة ملاعب و”مدينة” جديدة على مشارف الدوحة، بالإضافة إلى خط مترو جديد.
الشعور بالفخر
تتميز الأجواء في الدوحة بالترحاب. وتعلم العشرات من الزوار من بلدان العالم المختلفة كيفية نطق بعض العبارات العربية البسيطة. وارتدى مشجعو كرواتيا والأرجنتين الملابس التقليدية للقطريين بألوان منتخباتهم الوطنية.
لكن بالنسبة لي، أهم شيء يميز هذه البطولة هو الوجود المكثف للمشجعين العرب.
وقال لي أحد المشجعين السعوديين: “إنه لشرف كبير لي أن أكون عربيا وأن تتاح لي فرصة مشاهدة أول بطولة لكأس العالم تقام في بلد عربي”.
وتأهلت ثلاث دول عربية لكأس العالم هذا العام، وهي المغرب وتونس والسعودية – بالإضافة إلى البلد المستضيف قطر – وتوافد مشجعو هذه المنتخبات بكثافة إلى الدوحة لتشجيع منتخبات بلادهم.
وسافرت امرأة تونسية تبلغ من العمر 86 عاما إلى قطر لتشجيع منتخب بلادها. وقالت لقناة تلفزيونية قطرية: “أنا عجوزة، لكنني لم أكن أريد أن أجلس في المنزل خلال كأس العالم”.
وفي رحلتي الأولى إلى سوق واقف – السوقة التقليدية في قلب الدوحة – شاهدت عرضا لمشجعي كرة القدم العرب في أزقة وساحات السوق، وبدأت أرددت الهتافات مع المشجعين التونسيين والمغاربة.
إن الوصول إلى هنا شيء، والفوز بالمباريات شيء آخر تماما. لقد اعتادت قلوب الجماهير العربية على الانكسار، لكن الأمر كان مختلفا تماما هذه المرة.
لقد كتب المغرب اسمه بأحرف من نور في تاريخ كرة القدم العالمية، وحققت السعودية واحدة من أكبر المفاجآت في تاريخ المونديال بفوزها على الأرجنتين، وفازت تونس على حاملة اللقب فرنسا قبل الخروج من دور المجموعات.
وقال لي مشجع سعيد مساء السبت الماضي، مع استمرار الاحتفالات حتى وقت متأخر من الليل في سوق واقف: “كرة القدم هي الشيء الوحيد الذي يمنحنا الكثير من الأمل والسعادة”.
جدل
لكن هذه البطولة شهدت حالة من الجدل الشديد، ولا سيما فيما يتعلق بسجل قطر المثير للجدل بشأن حقوق العمال المهاجرين.
لقد أجرت البلاد إصلاحات واعترفت مؤخرا بوفاة ما يصل إلى 500 عامل في إجمالي المشروعات المرتبطة بكأس العالم. ومع ذلك، تقول جماعات حقوقية إن هذا أقل بكثير من العدد الحقيقي.
وهناك جدل منذ فترة طويلة بشأن ما إذا كان يجب خلط الرياضة بالسياسة. لقد أقيمت بطولة كأس العالم من قبل في دول مثيرة للجدل مثل روسيا، خاصة فيما يتعلق بسجلها في حقوق الإنسان وموقفها من قضايا المثليين. ومع ذلك، لم تكن أي بطولة سابقة مثيرة للجدل مثل هذه البطولة.
لقد أخبرني العديد من القطريين والأجانب المقيمين في الدوحة أنهم محبطون مما يسمونه “سيلا” من التغطية السلبية من قبل وسائل الإعلام الغربية، ويتساءلون عما إذا كان السبب في ذلك هو أن قطر دولة عربية ومسلمة.
وأخبرتني مشاعل السالم، وهي مهندسة ورائدة أعمال قطرية، بأن الوقت قد حان لإقامة البطولة في الشرق الأوسط، وقالت: “الهجوم الذي تعرضنا له لم يسبق له مثيل. كان لدى [الغرب] فكرة خاطئة عنا نحن العرب المسلمين، لكن الكثيرين منهم غيروا رأيهم عندما أتوا إلى هنا”.
إنني أجد نفسي أنظر إلى التغطية الإعلامية وأطرح سؤالا مختلفا: هل وضعت هذه البطولة معيارا جديدا للتحقيق في الأحداث الرياضية وحقوق الإنسان؟ وهل سنرى الجدل نفسه في كأس العالم المقبلة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك في عام 2026؟