• الثلاثاء. أبريل 22nd, 2025

العلاقة المثالية مستمرة: ليفربول وصلاح لا يزالان بحاجة لبعضهما

أبريل 22, 2025 #كرة القدم

يمثل العقد الجديد لمحمد صلاح مع ليفربول نتيجة مثالية لكافة الأطراف، مؤكداً أن هذا الارتباط الرياضي بين الطرفين لا يمكن أن ينفصل بسهولة.

على الرغم من أن محمد صلاح سيبلغ 33 عاماً في يونيو/حزيران 2025، إلا أنه كان سيتلقى عروضاً مالية مغرية من أندية أخرى لو قرر مغادرة ليفربول بعد انتهاء عقده الحالي بنهاية الموسم، والذي يتقاضى بموجبه راتباً أسبوعياً يبلغ 350 ألف جنيه إسترليني.

موهبة صلاح العالمية، التي لا تزال تحتفظ بحماسها الكبير وقدراتها البدنية المميزة، كانت ستجذب اهتمام أكبر الأندية الأوروبية، بالإضافة إلى الإغراءات القوية من الدوري السعودي للمحترفين، الذي يضع التعاقد مع صلاح على رأس أولوياته نظراً لمكانته العالمية البارزة.

في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وبعد تسجيله هدفي الفوز في مباراة انتهت بنتيجة 3-2 ضد ساوثهامبتون، أشار صلاح إلى أنه كان “أقرب إلى الرحيل من البقاء” مع ليفربول، مؤكداً أنه لم يتلقَ عرضاً رسمياً لتجديد عقده حتى ذلك الحين.

لكن بدلاً من الرحيل، اختار النجم المصري تمديد مسيرته مع ليفربول، لتستمر قصة الارتباط التي بدأت منذ هدفه الأول مع النادي بعد انتقاله من روما مقابل 34 مليون جنيه إسترليني (حوالي 39 مليون يورو) في أول أيام موسم 2017-2018، حين سجل هدفاً بشكل غير متوقع في مباراة انتهت بالتعادل 3-3 أمام واتفورد.

ترى مجموعة فينواي سبورتس جروب (إف إس جي)، المالكة لنادي ليفربول، أن تجديد عقد محمد صلاح يضمن استمرار “الملك المصري”، كما تلقبه الجماهير، مع النادي، على الرغم من تنازلها عن سياستها بعدم تقديم عقود مالية كبيرة للاعبين الذين تجاوزوا الثلاثين، مستندة إلى الأداء البدني والفني الاستثنائي لصلاح الذي جعله حالة فريدة.

بالنسبة لمدرب ليفربول أرني سلوت، الذي تولى المهمة خلفاً ليورجن كلوب وقاد الفريق بنجاح نحو تحقيق اللقب العشرين، فإنه بات قادراً على وضع خطط مستقبلية مع أيقونة “الأنفيلد” وأحد أبرز نجوم كرة القدم المعاصرين.

يختلف هذا المشهد كلياً عن أول ظهور لصلاح أمام جماهير ليفربول، حين كان مجرد لاعب احتياطي في تشيلسي ضمن تشكيلة متواضعة قدمها جوزيه مورينيو في 27 أبريل/نيسان 2014، في مباراة لا تُنسى شهدت انزلاق ستيفن جيرارد، وخسارة ليفربول 2-0، التي أطاحت بآماله في الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي ظل بعيد المنال.

قبل أربعة أشهر من تلك المباراة، رفض صلاح عرضاً للانضمام إلى ليفربول، مفضلاً الانتقال إلى تشيلسي قادماً من بازل السويسري، لكنه لم يترك بصمة تُذكر هناك، حيث سجل هدفين فقط في 19 مباراة (10 منها كلاعب أساسي) على ملعب ستامفورد بريدج، بل وتعرض لهتافات ساخرة من جماهير “الكوب” في تلك المباراة بعد حصوله على بطاقة صفراء إثر تعثره على رحيم ستيرلينغ.

بعد تلك الفترة، تحولت الأصوات حول صلاح إلى مديح متواصل، وها هو الآن يمتلك فرصة لإضافة فصول جديدة إلى أسطورته مع ليفربول.

وصل صلاح إلى ليفربول كلاعب موهوب، رغم أن تسديداته كانت أحياناً تفتقر إلى الدقة، لكن إخلاصه ورغبته الدائمة في التطور كانت واضحة، بنفس الإصرار الذي أظهره في سن الرابعة عشرة، حين كان يقطع أكثر من أربع ساعات بالحافلة، وأحياناً مع خمس تنقلات، من منزله إلى نادي المقاولون العرب للتدريب، ثم يعود بنفس الرحلة الشاقة.

سرعان ما أثبت صلاح أن ليفربول اكتسب لاعباً يمتلك السرعة والمهارة، بالإضافة إلى قدرة لا تُضاهى على تسجيل الأهداف وصناعتها من مركز الجناح الأيمن.

على الصعيد الشخصي، حافظ صلاح على تواضعه، كما أشار مدربه السابق في بازل، مورات ياكين، في تصريح لبي بي سي سبورت بعد أدائه المذهل في أنفيلد: “مو (محمد صلاح) متواضع للغاية وبسيط، إنه شخص ودود خارج الملعب، لكنه داخل الملعب قائد، ذكي وجريء بأسلوب إيجابي”.

وبعد أن سجل صلاح أهدافاً لصالح بازل على توتنهام في ربع نهائي الدوري الأوروبي 2013، قال ياكين: ” إذا سجل محمد بهذا الشكل دائماً، لن يبقى هنا”.

وعندما بدأ صلاح بالتسجيل باستمرار، ثبت أن ياكين كان محقاً.

انتقل بعدها إلى تشيلسي، حيث لعب 530 دقيقة فقط في الدوري، قبل أن يُعار إلى فيورنتينا ثم روما، الذي انتقل إليه بشكل دائم قبل الانضمام إلى ليفربول.

سجل مذهل يثبت عظمة صلاح

ترك صلاح بصمة مميزة في موسمه الأول الرائع مع ليفربول، حيث سجل 44 هدفاً وقدم 14 تمريرة حاسمة في 52 مباراة. كما كشف غيابه عن نهائي دوري أبطال أوروبا في ذلك الموسم في كييف، بعد إصابته في كتفه بسبب سيرجيو راموس، عن مدى تأثيره، حيث خسر ليفربول أمام ريال مدريد 3-1.

بعدها، تعافى صلاح ونجح في تسجيل ركلة جزاء في نهائي العام التالي بمدريد، حيث فاز ليفربول على توتنهام.

حتى في الموسم الذي سجل فيه صلاح أقل عدد من الأهداف، قاد ليفربول لتحقيق لقب الدوري لأول مرة منذ 30 عاماً، مما يبرز دوره الحاسم وتأثيره الكبير في الملعب.

سجل صلاح 243 هدفاً في 394 مباراة مع ليفربول، ليصبح ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي، متجاوزاً الأسطورتين بيلي ليدل (228 هدفاً) وغوردون هودجسون (241 هدفاً) خلال هذا الموسم.

ويبقى خلف روجر هانت، الفائز بكأس العالم عام 1966 (285 هدفاً)، والهداف التاريخي إيان راش (346 هدفاً).

ومع تسجيله 27 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، متصدراً قائمة هدافي البطولة، يقترب صلاح من رصيد بعض أساطير البطولة.

أما مجمل رصيد صلاح في الدوري الإنجليزي الممتاز، يبلغ 184 هدفاً، ليحتل المركز الخامس في قائمة هدافي البطولة على الإطلاق بالتساوي مع سيرجيو أغويرو، بعد أن تقدم على تييري هنري (175 هدفاً) وفرانك لامبارد (177 هدفاً).

ويتقدم عليه فقط أندرو كول (187 هدفاً)، وواين روني (208 أهداف)، وهاري كين (213 هدفاً)، وآلان شيرار، الهداف التاريخي برصيد (260).

ويعد صلاح هداف ليفربول في الدوري الإنجليزي الممتاز برصيد 182 هدفاً في 281 مباراة، ويبرز هذا الإنجاز عند مُقارنته بسجل أسطورة ليفربول الآخر روبي فاولر، الذي يحتل المركز الثاني. ولعب صلاح 266 مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز مع النادي، مسجلاً 128 هدفاً.

وعندما وصل إلى إجمالي 250 هدفاً، في مباراته رقم 250 كأساسي في الدوري الإنجليزي الممتاز مع ليفربول، أصبح صلاح رابع لاعب فقط يحقق هذا الإنجاز مع نادٍ واحد.

يُقاس مستوى اللاعب دائماً في آدائه خارج ملعب فريقه، وأبدع صلاح على جميع المستويات، حيث سجل 79 هدفاً في مباريات الدوري خارج ملعب أنفيلد.

وصلاح هو نجم كل المناسبات والأماكن، كما ثبت عندما أصبح أول لاعب في ليفربول يُسجل 50 هدفاً في أوروبا في المباراة التي فاز فيها ليفربول 2-1 على ليل في دوري أبطال أوروبا على ملعب أنفيلد، متفوقاً بتسعة أهداف على كابتن فريقه السابق جيرارد.

لماذا يبقى صلاح في ليفربول؟

يعكس قرار صلاح بتمديد مسيرته مع ليفربول لما يقرب من عشر سنوات شغفه المستمر للفوز بأعلى الألقاب في كرة القدم، إلى جانب ثقته في قدرة المدرب سلوت على مساعدته لتحقيق طموحاته.

سيكون جمهور ليفربول في غاية السعادة بالتوصل إلى هذا الاتفاق، خاصة بعد أن عبّروا عن مشاعرهم عندما لجأ صلاح إلى تصريحات علنية نادرة لإثارة قضية تجديد عقده مع النادي.

عندما استغل صلاح مباراة ساوثهامبتون للكشف عن هذه الأزمة، كانت تلك المرة الثالثة فقط خلال سبع سنوات ونصف التي يتحدث فيها إلى الصحفيين بشكل مباشر.

كانت المرة الأولى في أبريل/نيسان 2018، تلبيةً لوعد قطعه للصحفيين بعد تسجيله 40 هدفاً في موسمه الأول، ثم بعد فوزه بنهائي دوري أبطال أوروبا أمام توتنهام بعد 14 شهراً.

ووُصف ذلك بأنه محاولة علنية لتحريك المفاوضات، وكدليل إضافي على أن ليفربول كان دائماً المكان الذي يطمح إليه صلاح. إذا كانت هذه هي الحيلة التي لجأ إليها، وعلى الرغم من أنها لم تنجح على الفور، لكن النتيجة المرجوة قد تحققت الآن.

فيما كان الجماهير في المدرجات قد أعلنوا موقفهم من خلال اللافتات، مطالبين بتجديد التعاقد مع صلاح.

والآن، تحققت هذه الأمنية، وكذلك أمنية صلاح.

مع ذلك، كانت السعودية ستكون أرضاً خصبة لصلاح مالياً، لكنها لم تُوفر له الإغراء للفوز بأكبر الألقاب في كرة القدم، وهو أمر لا يزال بإمكانه السعي لتحقيقه مع ليفربول.

بدت علاقة صلاح مع مدربه السابق كلوب متوترة في نهاية الموسم الماضي، بما في ذلك خلاف علني حاد في وست هام يونايتد عندما دخل هدف في شباك ليفربول بينما كان ينتظر دخوله كبديل في مباراة التعادل 2-2.

لم يُخفِ صلاح توتره أثناء مروره أمام الصحفيين، قال في كلمات “إذا تحدثت، فستكون هناك نار”، دون أن يختفي التوتر.

وتألق صلاح هذا الموسم تحت قيادة سلوت، وعلى الرغم من تراجع مستواه مؤخراً، لكنه بدا وكأنه رجل في مهمة شخصية لإعادة ليفربول إلى مكانته كقوة مهيمنة في كرة القدم المحلية، ورسخ ليفربول تفوقه في الدوري الإنجليزي الممتاز، مستفيداً من انهيار مانشستر سيتي وتعثر أرسنال، على الرغم من أن الخسارة أمام باريس سان جيرمان في دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا كانت مخيبة للآمال بعد تصدره جدول ترتيب الدوري بنظامه الجديد، ووصوله إلى مرحلة خروج المغلوب.

وعندما تصدر ليفربول الدوري الإنجليزي الممتاز بفوزه على برايتون في أنفيلد في 2 نوفمبر/تشرين الثاني، قال صلاح على منصة X ” إن القمة في الترتيب هي حيث يكون هذا النادي لا شيء أقل من ذلك”.

وعلى رأس ترتيب الفرق، كان ذلك المكان الذي بقي فيه ليفربول، مع صلاح، مصدر الإلهام الرئيسي.

إن أداء ليفربول تحت قيادة المدرب الهولندي الهادئ والمنهجي، بالإضافة إلى إظهارهم كل مؤشرات السعي وراء الألقاب الكبرى التي يتوق إليها صلاح الآن وفي المستقبل، كلها عوامل ساهمت في تفكير اللاعب المصري.

سيضمن صلاح بالتأكيد لقباً ثانياً في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكنه يعتقد أيضاً أنه يستحق الفوز بأكثر من لقب في دوري أبطال أوروبا بعد تفاوت حظوظه في البطولة.

وتعرض صلاح للإصابة في المباراة المصيرية أمام ريال مدريد في كييف في نهائي 2018، ثم عانى من الهزيمة أمام نفس الخصم في نهائي باريس بعد أربع سنوات، فيما أصبحت لاحقاً وكأنها مبارزة شخصية مع حارس مرمى الريال تيبو كورتوا، حيث تصدى الأخير لستة تسديدات من صلاح وحده، و حطم ريال مدريد قلوب ليفربول مرة أخرى بفوزه 1-0.

وعلى الرغم من أن للأمر اعتبارات المالية، لكن فكرة قيادة ليفربول المُعاد بناؤه والمتجدد إلى حقبة جديدة تحت قيادة سلوت أمر جذاب أيضاً.

صلاح في مهمة كبيرة الآن، لديه فرصة في أنفيلد لإضافة لقب جديد إلى حصيلته من دوري أبطال أوروبا، والدوري الإنجليزي الممتاز، وكأس الاتحاد الإنجليزي، وكأس الدوري مرتين، وكأس السوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية.

هذا يعني أن الزواج الرياضي المثالي سيستمر بين صلاح وليفربول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *