عندما اندلعت شرارة الاقتتال الأولى بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في محيط المدينة الرياضية بالعاصمة الخرطوم منتصف أبريل 2023، اكتنف الغموض مصير كرة القدم في البلاد، بعدما أدت الحرب إلى إيقاف النشاط الرياضي، ما زاد المخاوف بشأن مستقبل “صقور الجديان” الذي كان مقبلا على المشاركة في تصفيات كأس العالم 2026 وكأس إفريقيا 2025.
وأعلن بعدها الاتحاد السوداني لكرة القدم تكفل السعودية باستضافة كافة المنتخبات السودانية في معسكرات مفتوحة مع البرامج الإعدادية والمباريات.
رياضةمعتصم جعفر: دعم السعودية وراء تألق منتخب السودان
وقهر منتخب السودان معاناة الحرب وانقلبت نتائجه رأسا على عقب، بعدما كان يعيش في سلسلة من النتائج المهتزة، إذ عاد بطل إفريقيا 1970 إلى توهجه، ليتصدر مجموعته في التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم 2026 متقدما على السنغال وجمهورية الكونغو وتوغو وجنوب السودان وموريتانيا، كما يحتل المركز الثاني في مجموعته بتصفيات كأس إفريقيا 2025، خلف أنغولا ومتقدما على غانا والنيجر، وبات قريبا من التأهل إلى البطولة القارية.
وخاض “صقور الجديان” 8 مباريات رسمية بعد الحرب، فاز في 5 وتعادل في اثنتين وخسر مواجهة واحدة، علما بأن المنتخب يخوض مبارياته التي على ملعبه في جنوب السودان وليبيا.
رياضةالسودان يعمق جراح غانا بثنائية
بداية التغيير
عقب توقف النشاط الرياضي في السودان، اتجه عدد من اللاعبين إلى الاحتراف الخارجي، وانضم العديد منهم إلى الدوري الليبي بعد قرار اعتبار اللاعبين السودانيين محليين، فيما توجه البعض الآخر إلى المسابقات الإفريقية الأخرى.
وأوضح بدر الدين البطل، عضو لجنة استكشاف اللاعبين السودانيين في الخارج، لـ”العربية.نت” أن اتحاد كرة القدم أجرى تغييرات واسعة بغية ضمان استقطاب أفضل المواهب لكافة المنتخبات السودانية، ولجأ إلى وضع خطة شاملة لجذب اللاعبين السودانيين الذين يلعبون في الخارج.
بدر الدين البطل
وزاد البطل: ساعدت اللجنة في دمج لاعبين مثل عبدالرحمن كوكو من الدوري الأسترالي، وأبوبكر عيسى من تايلاند، وشقيقه محمد عيسى الذي يلعب في إيران، وكذلك شادي عز الدين من هولندا، ويوسف علي من الدوري الفنلندي، الذين قدموا إضافة كبيرة للمنتخب الأول مما عزز من أداء “صقور الجديان” على الصعيد الدولي.
وأضاف: تم العمل على دمج المواهب المحلية مع المحترفين لضمان توازن المنتخب الأول، مع وضع خطط للمستقبل للاستمرار في استكشاف المواهب وتطويرها في الخارج، والتركيز على منتخبات المراحل والمدربين والكوادر الإدارية عبر عقد الاتفاقيات وفترات المعايشة مع كبرى الاتحادات والأندية العالمية.
بصمة أبياه
أرجع الإعلام الرياضي السوداني الفضل في تألق المنتخب أيضا إلى الدور الهام الذي قام به المدرب الغاني كواسي أبياه، الذي وضع بصمته سريعا بعدما تولى زمام الأمور في سبتمبر 2023.
وكان أبياه قد كشف في تصريحات لقناة “العربية” أنه وضع بندا في عقده مع الاتحاد السوداني لكرة القدم، بشأن مكافأة التأهل إلى كأس العالم 2026، مؤكدا ثقته في إمكانات اللاعبين وقدرتهم على إسعاد الشعب الذي يعاني بسبب الحرب الدائرة، وزاد: مرحلة التصفيات صعبة للغاية لأن هناك حربا في السودان، مسألة تجميع اللاعبين كانت صعبة جداً، بعض اللاعبين لم يلعبوا منذ فترة طويلة، لكن السعودية ساعدتنا في الإقامة وإعداد اللاعبين، والآن نتدرب بشكل جيد هناك.
كواسي أبياه
وعن وجود بند في عقده يتيح له الحصول على حوافز مالية في حال التأهل للمونديال أوضح: أنا مؤمن بحظوظ السودان في التأهل لكأس العالم، لهذا السبب وضعت هذا البند في عقدي، كل المنتخبات لديها الفرصة.
وأضاف: إذا لم يكن لدينا طموح التأهل إلى كأس العالم فلماذا نلعب كرة القدم، طموحي الوصول إلى المونديال، وكل اللاعبين يؤمنون بقدرتهم على تحقيق ذلك.
فقدوا عائلاتهم
وأوضح المدرب أبياه أن بعض اللاعبين فقدوا أسرهم، مضيفاً: نحاول مواساتهم، الحالة النفسية شيء مهم في كرة القدم وبالتالي نحاول أن نكون بجانبهم، لا شيء يمكننا فعله حيال الحرب لكننا نركز على ما يمكننا فعله في الملعب، التأهل لكأس العالم قد يجلب السلام للبلاد، فكل الشعب السوداني يحب كرة القدم.
الدوري الموريتاني
في الوقت الذي قاد فيه الصراع الدائر قطبي كرة القدم الهلال والمريخ إلى المشاركة بالدوري الموريتاني، حتى لا يفقد اللاعبون إيقاع المباريات وضمان الاستمرارية في ظل مشاركة الناديين خارجيا، حيث وصل الهلال إلى مجموعات دوري أبطال إفريقيا بالنسخة الحالية.
رياضةحرب السودان تقود الهلال والمريخ إلى الدوري الموريتاني
يذكر أن السودان يشهد منذ 15 أبريل 2023، حرباً بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين، فضلاً عن انتشار الأمراض والمجاعة في بعض المناطق.
وتسببت الحرب المستمرة في أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم واحتياج أكثر من 25 مليون شخص، أكثر من نصف سكان السودان، إلى الغذاء والرعاية الصحية.