• الأحد. نوفمبر 24th, 2024

بعقوبة عاصمة البرتقال


هي (باعقوبا) في الآرامية والتي تعني بيت الحارس أو بيت العقوبة وذكرها ياقوت الحموي في كتابه الشهير، معجم البلدان، بأنها قرية تشتهر بالليمون وأنواع من الحمضيات الأخرى التي لا تتواجد في باقي أنحاء العراق. هي عاصمة محافظة ديالى التي سمتها المصادر العربية في زمن الدولة العباسية باسم “طريق خراسان” أي الطريق إلى إيران الحالية وبدأ ذكرها في وثائق الدولة العثمانية بالاسم ذاته في القرن السادس الميلادي وزارها كارستن نيبور في عام 1680 حينما كانت تسمى خراسان (أو خريسان) التابعة لولاية بغداد حسب التقسيمات الإدارية العثمانية وقتذاك.
في عام 1816 ذكرها الرحالة الإنكليزي جيمس بكنغهام في كتابه الذي تناول بعض المدن التي زارها في المشرق وفي عام 1820 زارها المنشئ البغدادي مع كلاديوس جيمس ريج الذي دون وصفا مهما لبعقوبة والمدن والبلدات المحيطة بها والذي شمل المسافة بينها وبين بغداد والمدن التي تقع على نهر ديالى مثل خان بني سعد وخان السيد ومزارع الحمضيات التي عرفت بجودة انتاجها. في عام 1870ألحقت الإدارة العثمانية بعقوبة كقضاء تابع لولاية بغداد وسميت بقضاء خريسان نسبة للأصل التاريخي في المصادر العربية والعثمانية وبقيت المدينة تابعة إلى بغداد حتى تأسيس الدولة العراقية في عام 1921 وتم تقسيم العراق إلى 14 لواء ومنها لواء ديالى وبعقوبة عاصمته الإدارية حتى يومنا هذا.
الموقع الجغرافي لبعقوبة وديالى عموما جعلها تنتج البرتقال إضافة إلى المحاصيل الزراعية الأخرى فهي تقع على نهر ديالى الذي يصب في دجلة وتحدها جبال حمرين من الشرق وهكذا هي تقع في واد معتدل الحرارة يصلح للحمضيات وجعلها “مدينة البرتقال” كما هو شائع في العراق وكما وصفها الرحالة وخبراء الزراعة بـ “سلة غذاء” العراق. بالرغم من أن الزراعة هي النشاط الاقتصادي الرئيسي في بعقوبة وفي المحافظة بشكل عام، في 1974عام تم إنشاء مجمع الصناعات الهندسية الخفيفة أو كما سماه سكان المدينة “المجمع الصناعي” والذي صار لاحقا المصدر الرئيسي للأجهزة الكهربائية المنزلية ولم يكن يخلو أي بيت عراقي قبل عام 2003 من انتاج المجمع المذكور الذي وضع اسم المحافظة كماركة لجميع المنتوجات.
التعددية العرقية والدينية والطائفية ميزة إيجابية لبعقوبة وللمحافظة عموما ففي هذه المدينة وباقي مدن المحافظة تجد السنة والشيعة والعرب والأكراد والتركمان والأشوريين والكلدان والكرد الفيلية والكاثوليك والأرثودوكس والطرق الصوفية وهم يعيشون في شارع واحد ويعملون في مصنع واحد ويمكن أن تجد مزرعة برتقال يملكها سني وفيها مزارعون من ديانات وطوائف أخرى وفي نهاية المطاف يصدرون صناديق مليئة بالبرتقال إلى باقي مدن ومحافظات العراق. إنها التعددية الجميلة التي حولت بعقوبة إلى عراق مصغر يؤمن بالتعايش مع الأخرين من أجل استمرار تصدير البرتقال إلى باقي مدن البلاد واستمرار العيش بسلام مع الجميع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *