أعلنت منصة يوتيوب، التابعة لشركة غوغل، عن اتخاذ إجراءات صارمة جديدة فيما يخص البث المباشر، حيث قررت رفع الحد الأدنى لسن المستخدمين المسموح لهم بالبث المباشر على المنصة
. جاء هذا القرار في بيان رسمي عبر صفحة الدعم الخاصة بيوتيوب، ليؤكد التزام الشركة بتعزيز سلامة المستخدمين، خاصة الفئات العمرية الصغيرة التي تزداد مشاركتها في عالم الإنترنت يوماً بعد يوم.

حتى الآن، كان يحق لأي مستخدم يبلغ من العمر 13 عاماً البدء في البث المباشر على يوتيوب. لكن اعتباراً من 22 يوليو 2025، سيُطلب من منشئي المحتوى أن يكونوا في سن 16 عاماً على الأقل ليتمكنوا من استخدام هذه الميزة. يشمل هذا القرار جميع مستخدمي يوتيوب عبر تطبيقات أندرويد وiOS، بالإضافة إلى واجهة الويب.

حماية الأطفال أولوية

لم توضح إدارة يوتيوب بشكل رسمي سبب رفع الحد الأدنى للسن، إلا أن مراقبين يرجحون أن القرار مرتبط بشكل وثيق بمخاوف متزايدة بشأن سلامة الأطفال على الإنترنت. في السنوات الأخيرة، تصاعدت التحذيرات من تعرض الأطفال والمراهقين لمخاطر مثل التنمر الإلكتروني، أو الاستغلال، أو مشاهدة محتوى غير مناسب أثناء البث المباشر.

تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 500 ساعة من الفيديو تُرفع إلى يوتيوب كل دقيقة، بحسب تقرير صادر عن Statista لعام 2024. ومع وجود أكثر من 2.7 مليار مستخدم نشط شهرياً حول العالم، تزداد أهمية الرقابة على المحتوى وحماية الفئات الأكثر عرضة للمخاطر، خاصة الأطفال والمراهقين.

العقوبات والتطبيق العملي للسياسة الجديدة

يوضح يوتيوب أن المستخدمين الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً ويحاولون تجاوز القيود الجديدة سيواجهون عقوبات متنوعة. قد تشمل هذه العقوبات الحرمان المؤقت من إمكانية البث المباشر، أو فقدان ميزات مثل الدردشة المباشرة، أو حتى عقوبات أخف بناءً على نوع المخالفة وسوابق المستخدم. تعتمد شدة العقوبة على ما إذا كانت المخالفة الأولى أم تكررت سابقاً، ما يمنح يوتيوب مرونة في التعامل مع الحالات الفردية.

تأتي هذه الخطوة في إطار سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها المنصة خلال السنوات الماضية للحد من المخاطر على الأطفال. ففي عام 2019، فرض يوتيوب قيوداً على التعليقات في مقاطع الفيديو المخصصة للأطفال، كما أطلق منصة “يوتيوب كيدز” لتوفير بيئة أكثر أماناً للمحتوى الموجه للصغار.

تأثير القرار على منشئي المحتوى والمجتمع الرقمي

من المتوقع أن يؤثر قرار يوتيوب الجديد على شريحة واسعة من منشئي المحتوى الشباب، خاصة أولئك الذين بدأوا رحلتهم في صناعة الفيديو في سن مبكرة. قد يشعر بعضهم بالإحباط من القيود الجديدة، إلا أن خبراء السلامة الرقمية يرون أن هذه الخطوة ضرورية لحماية الأطفال من التعرض لمواقف أو محتوى غير ملائم.

تشير بيانات Pew Research Center إلى أن 85% من المراهقين في الولايات المتحدة يستخدمون يوتيوب بانتظام، ويعد البث المباشر أحد أكثر الأدوات جذباً لهذه الفئة. ومع ذلك، فإن حماية المستخدمين الصغار تظل أولوية قصوى في ظل التوسع الهائل للمنصات الرقمية، ويبدو أن يوتيوب يسعى لتحقيق توازن بين حرية الإبداع وسلامة المجتمع الرقمي.

مستقبل البث المباشر على يوتيوب

مع دخول السياسة الجديدة حيز التنفيذ في يوليو 2025، سيشهد يوتيوب تغيراً في ديناميكية البث المباشر، مع تركيز أكبر على الفئات العمرية الأكبر سناً. قد يدفع القرار بعض المستخدمين الصغار للبحث عن منصات بديلة، لكن من المرجح أن تظل يوتيوب المنصة الأولى عالمياً لمشاركة الفيديوهات، بفضل سياساتها المستمرة في التطوير وحماية المستخدمين.

في النهاية، يؤكد يوتيوب بهذه الخطوة التزامه المستمر بتوفير بيئة رقمية أكثر أماناً لجميع مستخدميه، مع منح الأولوية لحماية الأطفال والمراهقين في عصر تتسارع فيه وتيرة التغيير التكنولوجي بشكل غير مسبوق.

المصدر