• السبت. يناير 4th, 2025

في 2025 جيل بيتا قادم، والأنثروبولوجيا الرقمية تحذر من “حياة لا تشبه البشر”

ديسمبر 31, 2024 #علوم وتكنولوجيا

إلى أي جيل تنتمي؟ الجيل إكس أم الألفية أم زد؟، إن الجيل هو مرحلة التعاقب الطبيعية من أب إلى ابن، ويعرّف تقليدياً على أنه “متوسط الفترة الزمنية بين ولادة الآباء وولادة أبنائهم”.

ومع بزوغ عام 2025 ومرور الربع الأول من القرن الواحد والعشرين، يتجه العالم نحو جيل جديد من البشرية سيشار إليه باسم الجيل بيتا، وسيدرك أبناء جيل بيتا العيش في القرن الثاني والعشرين، كما يُتوقع أن يرثوا عالماً مختلفاً بشكل كبير عن عوالم من سبقوهم إلى معترك الحياة.

النسخة الجديدة

قد يكون من السابق لأوانه تحديد خصائص أعضاء جيل بيتا، إلا أن فهم تركيبة من سينجبونهم يمكن أن يُقدم أفكاراً مثيرة عما قد تكون عليه تلك النسخة الجديدة من البشرية، مبدئيا فإن براعم جيل بيتا الأولى هم نسل من يُعرفون بـ”المواطنين الرقميين”، وهو مواليد نهايات جيل الألفية وطلائع الجيل زد (جيل ما بعد الألفية)، الذين امتلكوا مفاهيم وقيم مغايرة بتغيّر زمنهم.

فقد نشأت تلك الأجيال مع ظهور الشبكات الاجتماعية التي مر على امتلاكنا لها أكثر من عقدين من الزمن، وعلى وقع ثقافة تواصل أسهل وأسرع بفضل العولمة الإلكترونية، ومع زيادة الانفتاح على قضايا الصحة العقلية، وقضايا البيئة وإشكاليات الأمراض المزمنة على سبيل المثال، وعلى أنماط تسوق عصرية وسط زحمة حياة مليئة بالتفاصيل، وعلى آليات عمل ودراسة أكثر مرونة بفضل التقنيات المتوفرة.

وفي ظل ريادتهم رقمياً باعتبارهم الآباء والأمهات الأكثر دراية حتى الآن بالتكنولوجيا، فمن المرجح أن يُشكّلوا طريقة تفاعلات جيل بيتا وسيكولوجيته، إذ يحرص هؤلاء على التجويد الرقمي، ويتقدمون بثبات نحو تشكيل جيل مختلف في بيئة معززة رقمياً، مع الابتعاد عن الكثير من الكلاسيكيات لاسيما على مستوى الأسرة، إذ يتجهون لإدارتها على طريقة إدارة الشركات بفضل ما تقدمه التكنولوجيا الحديثة من طرق لا حصر لها لتنظيم حياتنا، كما تشير التوقعات إلى أنه بحلول منتصف ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين، سيشكل جيل بيتا 16 في المئة من سكان العالم.

ويفترض بأبناء جيل بيتا أن يتبعوا خطوات سابقيهم المنتمين لجيل ألفا الذي استوفي معايير إضافية من التكنولوجيا بقدر أكبر وأكثر فاعّلية من جيل زد الذي سبقهم.

وينظر إلى الجيل ألفا على أنه أول جيل سيشب متمرساً على استخدامات الذكاء الاصطناعي التي تعيد صياغة شكل العالم من جديد والتوجه نحوها كأسلوب حياة، إذ أصبحنا في يومنا هذا، أمام جيل يكتب بالفعل فصلاً جديداً للوجود الإنساني.

جيل ألفا اليوم، هم الأطفال الجالسون على المقاعد في المدارس ويلهون في العالم الافتراضي أكثر مما يلهون في العالم الحقيقي ويقومون بذلك بشكل متقن وتلقائي ويتجهون نحو الآلات الذكية في لعبهم، فالهواتفُ هي الوحيدة التي رأوها تلتقط الصور، وتسجل مقاطع الفيديو، ويتفاعلون معها – بعيداً عن الهواتف الأرضية أو حتى الشاشات الثابتة التي لا تتصل بالإنترنت.

لقد بدأ هذا الجيل في استخدم الأجهزة اللوحية قبل أن يكون قادراً حتى على الكلام، ولهذا يطلق عليهم جيل الشاشات التي يكاد يكون من المستحيل إبعادهم عنها، وكانت حاضرة وجزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية والاجتماعية منذ ولادتهم.

قدمت التكنولوجيا لهم فرصاً ترفيهية رائعة وأيضاً تعليمية لإعداد هذا الجيل مستقبلاً، ويؤكد الخبراء أن استخدامهم للتكنولوجيا خلال سنوات تكوينهم الأولى سيكون له أثر كبير على شكل الحياة التي سيقبلون عليها.

وكما أنه من جيل إلى جيل ظهرت أنواع جديدة من الموسيقى، وتغيّرت الألسنة، وظهرت دوماً تعبيرات لونت وميزت كل جيل ومنحت دليلاً للباحثين لإثبات الفروقات الجيلية، يشيع الآن بين أبناء جيل ألفا مصطلح “الكودينغ” أو “البرمجة” الذي يرون فيه أمراً ممتعاً يساعدهم على الإبداع مقارنة بـ”لعبة الميكانو” التي شاعت في جيل الآباء والأجداد.

وتقول المهندسة منى عبده التي افتتحت قبل بضعة سنوات في لندن أحد تلك الأندية الإبداعية التي تتيح للأطفال الانطلاق في عالم البرمجة من الصفر حتى الاحتراف، لب بي سي إن “الظواهر الجديدة التي فرضت مفرداتها بالإضافة إلى الكودينغ أو البرمجة هي ما أصبح أطفال اليوم يجدونه هواية ممتعة”، وتوضح أن “البرمجة هي مهارة امتلاك أدوات صناعة التكنولوجيا، مما يجعل صغار اليوم يشعرون بمزيد من التحكم في العالم الرقمي”، ومشيرة إلى أن ذلك “أمر مفيد عند التقدم لوظيفة مستقبلاً، ولكن حتى ذلك الحين فإن تعلمها يعزز المعارف والقدرات العلمية والحياتية والطاقات الابتكارية” للجيل الجديد.

وتقارن منى استخدام البرمجة بين جيلها والأجيال التالية، وتقول: ” لم اختبر البرمجة في سن مبكرة، إذ كان تعاملي معها كمبتدئة بشكل نظري في عهدي”، لكن بعد أن أصبحت التكنولوجيا المتطورة في المتناول وبات يمكن القفز مباشرة إلى الجانب العملي وتطوير الأجهزة الآلية والروبوتات وبرمجتها على العمل والتحرك، أصبحت “البرمجة تجربة أكثر واقعية وسهولة” كما تقول.

وبناء على رأي الخبراء تعتقد منى أن الأطفال الحاليين يمكنهم البدء في تعلم مفاتيح البرمجة في سن صغيرة، مؤكدة أن تحول هؤلاء من مجرد استخدام التكنولوجيا إلى فهم كيفية عملها، هو اختلاف كبير لم يحدث على مر الأجيال الماضية.

وتضيف منى أن “المهارات الشخصية ستصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى حتى يزدهر جيل ألفا بشكل جيد في سنوات التغيير القادمة، إذ يُظهر هذا الجيل كفاءة عالية”، مستشهدة بالعديد من الأطفال الذين حصدوا جوائز مهمة في مجال البرمجة في سن لا يتجاوز الـ9 أعوام، “ما يعطي شعوراً بالثقة، وينذر بنجاحات كبيرة” كما تصف.

وتشدد منى على فكرة لجمع بين الترفيه والعلم، وأن “ننغمس منذ نعومة أظافرنا كفاعلين في عالم اليوم الذي تحركه التكنولوجيا باستمرار”، موضحة أن البرمجة والذكاء الاصطناعي باتا متصلين ببعضهما “لأن البرمجة هي المهارة التي تجلب الاختراعات إلى الحياة، وتتيح لنا بلورة وتشكيل التكنولوجيا، التي بدورها تشكل طريقة عيشنا وتعاملنا وتعاطينا مع العالم، وهي ما تتيح لنا الذكاء الاصطناعي، والتطبيقات الذكية، ومواقع الإنترنت”.

وتوافق منى على أن الأجيال السابقة لم تحظ بفرصة كبيرة للاندماج مع التكنولوجيا، متوقعة لجيل بيتا أن يكون “أشد تمكينا تكنولوجيا، ويتفوق على جيل ألفا مع انتقالنا إلى عالم تنتشر فيه المزيد من الروبوتات”.

المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *