تاريخ النشر : 28 يونيو 2023
كلمات دالّة: تاريخ الصحافة في العراق, حرية الصحافة في العراق, تأميم الصحافة في العراق, الصحافة الالكترونية في العراق ,جريدة زوراء , تاريخ العراق الحديث,
في الخامس عشر من حزيران / يونيو من عام 1869، صدرت جريدة زوراء في بغداد بقرار من مدحت باشا، الوالي العثماني، بغرض إبلاغ العراقيين قرارات الوالي وأخبار الدولة العثمانية وبلاغات التجنيد في زمن الحرب. كانت هذه الصحيفة الأسبوعية تصدر باللغتين العربية والتركية بثماني صفحات وتقلصت لاحقا إلى أربع صفحات. في عام 1885 صدرت جريدة الموصل الرسمية وكانت تحت إشراف العثمانيين ماليا وإداريا وباللغتين العربية والتركية والغاية من إصدارها يشبه هدف اصدار جريدة زوراء في بغداد واستمرت في الصدور حتى عام 1934. كما صدرت في البصرة في عام 1889 صحيفة البصرة الأسبوعية التي كانت باللغتين العربية والتركية ومتخصصة بنشر بلاغات وأوامر السلطات العثمانية حتى توقفها عن الصدور عام 1914.
بعد دخول القوات البريطانية إلى البصرة عام 1914، صدرت صحيفة الأوقات البصرية وكانت بأربع لغات (العربية والإنكليزية والتركية والفارسية) وكانت متخصصة بنشر الدعاية البريطانية واستمالة العراقيين إلى خندق البريطانيين. وفي عام 1917، توقفت جريدة زوراء عن الصدور وصدرت صحيفة العرب في بغداد بتمويل وإشراف بريطاني بهدف نشر قرارات الحاكم البريطاني بين العراقيين. في الفترة ذاتها صدرت صحف أخرى تعكس سياسات البريطانيين وأخبارهم مثل صحيفة صدى الحقيقة البغدادية وكانت هذه الصحيفة تتم بإشراف وتمويل مباشر من هذه القوات ولا تعكس صوت السكان وأفكارهم كما صدرت صحيفة الشرق وصحيفة الأوقات البغدادية. عقب اندلاع ثورة العشرين، بدأ العراقيون في إصدار صحفهم البعيدة عن إشراف البريطانيين ومنها صحيفة التراث وصحيفة الاستقلال وغيرها من الصحف التي تحولت إلى منابر للأصوات العراقية التي طالبت بالاستقلال وتشكيل الدولة الوطنية.
بعد تأسيس الدولة العراقية في عام 1921، دخلت الصحافة إلى حياة العراقيين بقوة وصارت منبراً لرأي المواطنين وأفكارهم وانعكاسا لأفكار الجماعات السياسية والدينية والصراعات الفكرية التي كانت سائدة في تلك الفترة وبدأت أكثر من صحيفة في التواجد في المشهد العراقي حتى أن بعض الصحف قد تحولت إلى عناصر فاعلة في الحراك السياسي والاجتماعي في تلك المرحلة فكانت هنالك صحف في البصرة والموصل والنجف ومعظم هذه الصحف قد تركز في بغداد لأسباب كثيرة أهمها كثرة المطابع الأهلية التي لا غنى عنها في عملية إصدار الصحف. خلال العهد الملكي الذي امتد بين عامي 1921 و1958، صدرت العديد من الصحف وقسم منها كان مقربا من السلطة وقسم كبير أخر تراوح موقفه بين المعارضة لسياسات الحكومة أو سياسة الحياد ودخلت معظم هذه الصحف في ديناميكيات المجتمع العراقي على جميع المستويات مثل دستور 1925 والعلاقة مع الإنكليز والدخول إلى عصبة الأمم والأمم المتحدة وصراع الحجاب والسفور والحريات الشخصية وحقوق تشكيل الأحزاب إضافة للأزمات الاقتصادية. بعض شعراء العراق مثل محمد مهدي الجواهري أصدروا صحفهم الخاصة للتعبير عن مواقفهم السياسية وكانت افتتاحية جريدة الرأي العام للجواهري تحرك الشارع العراقي لجرأتها في طرح موقفها السياسي المعترض على سياسات الحكومة وقتذاك.
في العهد الجمهوري الذي بدأ في 14 تموز 1958، قلّ عدد الصحف الصادرة عن القطاع الخاص وصارت الصحف الحكومية هي المنابر التي تعكس وجهة نظر السلطة أو حزبها الحاكم حتى عام 2003. عقب زوال النظام الشمولي في عام 2003، صدرت الكثير من الصحف في فترة قصيرة وكانت تعكس توجهات العراقيين بمعظم طوائفهم وقومياتهم وأديانهم وانتماءاتهم السياسية حتى أن إحدى الصحف التي صدرت في بغداد كانت بخط اليد بغرض التميز عن الصحف الأخرى. لم تصدر أي صحيفة حكومية في بغداد خلال سنوات ما بعد 2003 سوى جريدة الصباح التي تعتبر حتى اليوم جريدة شبه حكومية كونها تصدر عن شبكة الإعلام العراقي. في عام 1968، دعت نقابة الصحفيين العراقيين (تأسست عام 1959) إلى الاحتفال بالعيد المئوي للصحافة العراقية في عام 1969 ومنذ ذلك التاريخ صار الخامس عشر من حزيران عيدا سنويا للصحافة العراقية التي كانت ومازالت انعكاسا للحراك السياسي والاجتماعي في العراق.