تحول بيت الشاعر العراقي الكبير الراحل محمد مهدي الجواهري إلى متحف ومركز ثقافي يستقبل زواره في بغداد منذ أغسطس/آب الماضي.
ومن خلال معرض لبعض المقتنيات الشخصية للشاعر ومكتبة والعديد من الصور يجري تكريم ذكرى الجواهري وأعماله داخل جدران المنزل الذي عاش فيه قبل فراره من العراق.
وتملك أمانة بغداد المنزل الآن، وقد قامت بترميم المبنى.
وقال عمار حفيد الجواهري “ولدت عام 1979 وصادفت سفرة جدي الأخيرة خارج العراق، أنا مع الأسف لم تتح لي فرصة أن أراه أو أجلس معه أو أستمع حتى لقصائده وجها لوجه سوى من خلال أهلي وأقاربي، سمعت عن إنسانية الجواهري وقصائده عن حب الناس والعراق”.
وقال مدير عام العلاقات والإعلام في أمانة بغداد عبد المنعم العيساوي “تجد في كل زاوية من هذه الدار ذكرى تنبئ عن حدث معين، هذه الدار التي يسكنها الجواهري تم بناؤها أواخر 1971، وسكنها الشاعر عام 1980، وهو العام الذي غادر فيه الجواهري بسبب مواقفه الوطنية المعروفة تجاه السلطة الحاكمة، كما تعلم فإن الجواهري اعتاد على ألا يهادن وسكن العديد من المنافي، سكن في دمشق والقاهرة واستقر في مدينة براغ التي طال المقام فيها ويصفها بأنها جنة الخلد، وكتب فيها قصائد جميلة”.
الجواهري من بغداد إلى المنافي
وأوضح العيساوي أن “من يدرس شعر الجواهري يدرس تاريخ العراق، الجواهري رغم بعده المكاني عن البلد لكنه عاش معاناته وعاش هموم أبنائه، كان هناك حبل سري يربط الجواهري ببلده”.
وقال نديم ناصر (أحد زوار المعرض) “وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة لم تترك الناس يقرؤون، سفهت الأشياء واختزلت ثقافات متعددة وجميلة، هناك تاريخ وحضارة بلد بثقافته، خاصة الأدب العربي والشعراء الكبار ومن ضمنهم الجواهري وأحمد شوقي ومسرحيون وتشكيليون وموسيقيون، أحس أن هذه الأشياء تدفن ولا يسلط عليها الضوء، أنصح الأجيال أن تبحث بالإنترنت وتطلع..”.
ولد الجواهري في النجف عام 1899، وتخصص في الدراسات الإسلامية، ويعود أصله إلى أسرة سكنت مدينة النجف إحدى أهم مدن العراق الدينية والثقافية.
كان والده عالم دين أراد لابنه أن يكون مثله، فجعله يرتدي عباءة وعمامة منذ سن العاشرة، نظم الشعر في سن مبكرة، وأظهر ميلا منذ الطفولة إلى الأدب، فأخذ يقرأ في كتاب “البيان والتبيين” و”مقدمة ابن خلدون” ودواوين الشعر.
وانطلاقا من النجف إلى دمشق مرورا بلبنان والمغرب العربي إلى براغ -التي أقام فيها الجواهري نحو 30 عاما- كانت له محطات عديدة في الشعر والسياسة والصحافة، إذ أصدر عدة صحف، مثل “الفرات”، و”الانقلاب”، و”الرأي العام”، وتوفي في دمشق عام 1997.
وصدرت حديثا عن دار الشؤون الثقافية العامة في بغداد طبعة شاملة من الديوان الكبير لشاعر العراق محمد مهدي الجواهري احتوت أجزاؤها الستة على كل قصائد الشاعر الراحل خلال ما يربو على قرن من الزمان، وبينها قصائد جديدة لم تنشر من قبل.
وكان آخر إصدار لديوان الجواهري في العراق منتصف عام 1973 حين أصدرت وزارة الإعلام العراقية السابقة ديوان الشاعر الذي غادر بلاده معارضا ليجول في بقاع الأرض ويكتب الشعر.
وأصدر الجواهري العديد من الدواوين والكتب خلال مسيرته التي امتدت إلى ما يربو على 70 عاما، منها “حلبة الأدب”، و”جناية الروس والإنجليز في إيران”، و”بين العاطفة والشعور”، و”ديوان الجواهري” في مجلدين، وأيضا “بريد الغربة”، و”بريد العودة” و”أيها الأرق”، و”خلجات”، وكذلك “ذكرياتي” في 3 أجزاء، و”الجمهرة”، و”مختارات من الشعر العربي”، وغيرها.
وهذا الإرث لم يكن كافيا للجنة، لأنها ظلت تبحث عما هو غير منشور ليضاف إلى الطبعة الجديدة.