• الخميس. سبتمبر 19th, 2024

سندباد… مغامر من بغداد

مايو 19, 2023 #العراق

تاريخ النشر : 17 مايو 2023

بحار خرج من بغداد، عبر البصرة ومياه الخليج، إلى سواحل أفريقيا وسواحل أسيا ووصلت مغامراته إلينا في الوقت الحاضر، عبر كتاب الحكايات العجيبة، ألف ليلة وليلة أو “الليالي العربية” كما شاع بعد ترجمته إلى معظم لغات الغرب. صار اسمه مرتبطا بالمغامرات التي تجاوز فيها الصعاب والمشاق في أماكن غريبة وعجيبة وخرج منها سالما، إنه السندباد البحري أو السندباد المغامر الذي ملأ مخيلة الصغار والكبار بالسحر والأعاجيب.

بالرغم أن أسمه غير عربي ويعني “زعيم نهر السند” في اللغة الفارسية لكنه عاش، حسب المصادر التاريخية، في بغداد خلال خلافة هارون الرشيد (786-809 م)، الخليفة الذي يعتبر من رموز العهد الذهبي للدولة العباسية. أكثر من دولة وحضارة ادعت أن هذا البحار خرج منها وحاولت نسبه لها فالكويت ادعت أنه خرج منها وسلطنة عمان كذلك وبلاد فارس ادعت إنه خرج من إقليم الأحواز والهند نسبته لها أيضا لكن كتاب ألف ليلة وليلة ذكر أسفاره بالتفصيل وذكر أنه من سكان بغداد العباسية. مهما اختلفت الآراء في أصل هذا البحار المغامر، تبقى رحلاته مليئة بالسحر والغرابة والجمال والتشويق ويبقى السندباد مرتبطا ببغداد التي كانت العاصمة المدورة أو “دار السلام” كما سماها العباسيون. كتاب الليالي العربية جلب شهرة عالمية لهذا البحار المغامر الذي سافر إلى أماكن مجهولة شاهد فيها الكثير من المخلوقات الغريبة وواجه فيها الكثير من المصاعب في رحلاته التي عاد منها سالما ليحكي الحكايات العجيبة المليئة بالسحر والغرابة ووصلت، إلى حد ما، إلى مستوى الأسطورة.

الباحثون المعاصرون يميلون إلى أن هوية السندباد عربية بسبب الأمثال والأشعار وأسماء الأشخاص التي وردت في الرحلات السبعة تدل على عروبة الشخصية المحورية ومع هذا يجد بعض النقاد تأثير الملحمة الإغريقية، الأوديسة، على حكايات هذا المغامر الذي لم يخف من المجاهيل. بحاثة أخرون يرجعون أصول الحكايات إلى بلاد الهند وهذا أمر ليس بالغريب فحضارات بلاد الهند والسند وبلاد فارس وسواحل أسيا والصين قد تداخلت مع بعضها البعض خلال العهد الذهبي للدولة العباسية وتأثرت بعضها بالبعض الأخر وكانت بغداد مركزا حضاريا مشرقا والبصرة كانت تقع على خط الملاحة وطريق الحرير الذي يوصل سواحل الخليج العربي بالهند والصين وشرق أسيا البعيد.     

تبقى أسفار البحار المغامر ممتعة سواء عبر القراءة أو على المسرح أو عبر التلفزيون والسينما وحتى اليوم تعتبر المغامرات (التي وردت في سبع ليال في كتاب ألف ليلة وليلة) مصدرا ثريا للدراما في أكثر من بلد في المشرق والمغرب على حد سواء.   تم إنتاج فيلم كارتوني أمريكي في عام 1920 بعنوان “السندباد البحار” ولاقى شهرة واسعة وفي عام 1947 تم إنتاج فيلم سينمائي باسم “سندباد” وأخر إنتاج كان في عام 2003 باسم “سندباد أسطورة البحار السبع”.

أنتجت اليابان عام 1975 مسلسلا كارتونيا تلفزيونيا من 52 حلقة معتمدا على الرحلات التي وردت في الليالي العربية. في نهاية السبعينات، تمت دبلجة هذا المسلسل إلى اللغة العربية وتم بثه في معظم تلفزيونات الدول العربية في تلك الفترة وللعقود التي تلتها حتى صار جزءًا من ذاكرة الأجيال في العالم العربي. الأطفال في العراق ودول عربية أخرى من الذين عاشوا مرحلة السبعينات والسنوات التي تلتها يتذكرون الأغنية التي كانت تظهر مع المسلسل الكارتوني التي تقول: سندباد لا يخاف.. مهما تكبر الأخطار ويبعد عن بغداد.    

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *