تعتبر سوريا ساحة معقدة للصراعات الإقليمية والدولية، حيث تتداخل فيها مصالح كل من روسيا وإيران. على الرغم من التعاون بين هذين البلدين في دعم نظام بشار الأسد خلال الحرب الأهلية السورية، إلا أن هناك توترات متزايدة بينهما، خاصة فيما يتعلق بدور قوات الحرس الثوري الإيراني. على الرغم من أن روسيا وإيران تتعاونان في دعم الأسد، إلا أن لكل منهما أجندته الخاصة. تسعى روسيا إلى تعزيز نفوذها في المنطقة وتحقيق مصالحها الاقتصادية، بينما تركز إيران على توسيع نفوذها الإقليمي من خلال دعم الميليشيات في المنطقة.
تزايد وجود الحرس الثوري الإيراني في سوريا، بما في ذلك إنشاء قواعد عسكرية، أثار قلق روسيا. تخشى موسكو من أن يؤدي هذا الوجود إلى تصعيد التوترات في المنطقة من خلال إستهداف قوات التحالف الدولي في سوريا. في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين روسيا وإيران بعض التوترات الملحوظة. على سبيل المثال، تم الإبلاغ عن حوادث حيث قامت القوات الروسية بعمليات ضد الميليشيات المدعومة من إيران، مما أدى إلى تصاعد التوترات بين الجانبين. كما أن هناك تقارير عن محاولات روسية للحد من نفوذ إيران في بعض المناطق السورية.
وتعتبر روسيا الطرف الأكثر نفوذاً في شرق سورية، وخاصة في محافظات دير الزور والحسكة والرقة؛ حيث فرضت نفوذها من خلال دورها الكبير ومشاركتها كداعم رئيسي بعد إيران، في مساعدة نظام الأسد على بسط نفوذه بشكل فعال على محافظة دير الزور، حيث افتتحت روسيا مركزاً لـ”المصالحة” في بلدة “حطلة” يرأسه حالياً الجنرال “قسطنطين”، وهو أحد أهم مراكز القيادة في منطقة شرق الفرات المحاذية لسيطرة التحالف الدولي، بالإضافة إلى المربع الأمني الروسي ومطار دير الزور العسكري وفرع مكافحة المخدرات، وهي من أبرز نقاط القيادة، وبعد ذلك بدأ بتأسيس التشكيلات العسكرية ودعمها بالسلاح والمعدات والمال، بالإضافة إلى الدعم اللوجستي، لتكون ركيزة له ويده الضاربة في المنطقة. وأبرز هذه القوى هي لواء القدس، ممثلاً بـ “محمد سعيد” القائد العام للواء القدس في سوريا، حيث يوجد المقر الرئيسي للواء.
وسط تصاعد التوترات والخلافات بين روسيا وميليشيا الحرس الثوري الإيراني، أفاد مصدر بأن اجتماعاً عقد بين الجنرال الروسي “قسطنطين” وما يسمى بـ”الحاج عسكر” ممثلاً لميليشيا الحرس الثوري الإيراني، بعد الضربات الأخيرة التي استهدفت قاعدة التحالف الدولي “كونوكو” القريبة من القوات الروسية في منطقة دير الزور. وأضاف المصدر أن الروس طالبوا بإخلاء جميع النقاط والمقرات التابعة للحرس الثوري الإيراني بالقرب من مطار دير الزور العسكري. من جهتها، أرسلت القوات الروسية تعزيزات عسكرية كبيرة إلى قاعدة تابعة لها في قرية حطلة شمال شرق دير الزور. وأوضح المصدر أن التعزيزات ضمت راجمات صواريخ وعربات مدرعة وعشرات الجنود. وتأتي هذه التعزيزات الروسية بالتزامن مع التوتر الذي تشهده قواتها والميليشيات المدعومة من إيران في المنطقة، وأيضاً لتقليص نشاط هذه الميليشيات، وخاصة ميليشيا حزب الله السوري.
إن التوتر بين روسيا وقوات الحرس الثوري الإيراني في سوريا يعكس تعقيدات الصراع السوري وتداخل المصالح الإقليمية والدولية. بينما يستمر الصراع، من المحتمل أن تتزايد هذه التوترات، مما قد يؤثر على مستقبل سوريا واستقرار المنطقة بشكل عام. يتطلب الوضع الحالي مراقبة دقيقة وفهمًا عميقًا للأبعاد المختلفة للصراع، حيث أن أي تصعيد قد يؤدي إلى تداعيات واسعة النطاق.