• الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

التشيك : تستفيد من اللاجئين الأوكرانيين في دعم اقتصادها

يونيو 13, 2022 #أوكرانيا, #التشيك

تشير التقديرات إلى خروج ستة ملايين لاجئ من أوكرانيا هرباً من الغزو الروسي. قوبل الأوكران بالترحاب في وسط أوروبا وغربها. ترغب جمهورية التشيك في الاستفادة الاقتصادية من وجودهم، بيد أن صعوبات تقف في الطريق.

شهدت الدول الأوروبية وصول أعداد مختلفة من اللاجئين الفارين من الحرب في أوكرانيا. ونظراً لأن جمهورية التشيك ليست جارة مباشر لأوكرانيا، فقد شهدت وصول عدد أقل من الأوكرانيين مقارنة ببعض الدول الأخرى القريبة منها. وبالرغم من تفضيل العديد من الأوكرانيين مواصلة السفر غرباً، إلا أن الوافدين إلى جمهورية التشيك يتمسكون بالإقامة بها. وتأمل براغ أن تساعد موجة الهجرة الحالية في تخفيف النقص المزمن في العمالة لديها، بيد أن تأثيرهم ما يزال محدوداً في الوقت الحالي.حاولت التشيك جاهدة لسنوات مضت رفد القوى العاملة فيها بأخرى أجنبية، ومع تأثر البلاد بجائحة كورونا تجمدت هذه الجهود، بيد أنها عادت الآن إلى الواجهة بقوة مع انحسار خطر العدوى.

وبفضل الأجور المنخفضة قياساً لدول أوربية أخرى والتي جذبت المزيد من الأعمال والمشاريع، وكذلك بفضل الكثافة السكانية المنخفضة، كانت البطالة في التشيك هي الأدنى في الاتحاد الأوروبي لسنوات. في أبريل/نيسان الماضي لهذا العام، بلغت النسبة 3.3٪ فقط، وفقاً لإحصاءات رسمية، أشارت إلى وجود 360 ألف وظيفة شاغرة مقابل 250 ألف عاطل عن العمل.

بحلول عام 2022 أشارت الأرقام الرسمية إلى وجود حوالي 200 ألف أوكراني يعيشون ويعملون في التشيك، ما جعل انتقال المهاجرين لهذه الدولة سلساً. ومن أجل التمكن من الاستفادة من زهاء 350 ألف لاجئ أوكراني وصلوا إلى التشيك سعت الحكومة جاهدة إلى جعل سوق العمل جذاباً لهم من خلال الوصول غير المقيد إلى سوق العمل والمزايا الاجتماعية العديدة التي تقدمها الوظائف هناك، بيد أن المحللين يحذرون من أن أعداد العاملين من اللاجئين قد تكون مجرد “قطرة في بحر” مقارنة باحتياجات سوق العمل المتزايدة بشدة هناك.

يؤكد دانيال مونش على قدرة اللاجئين الأوكرانيين على المساعدة في التخفيف من نقص العمالة في سوق العمل التشيكي

الغالبية من النساء والأطفال

يرى دانيال مونش من مركز البحوث الاقتصادية (CERGE) في براغ في حوار مع DW أن أعداد اللاجئين حالياً يمكن أن تسهم بما مجموعه 2 بالمئة من القوى العاملة على الأكثر، وهي أعداد ما تزال متواضعة لتشكل تغييراً كبيراً في الاقتصاد التشيكي. وفقاً لتوماس بروزا من غرفة التجارة التشيكية فقد شغل نحو 50 ألف أوكراني وظائف بحلول منتصف مايو / أيار، بيد أن حوالي 10 بالمئة من الرجال الأوكرانيين الذين كانوا يعملون في التشيك عادوا إلى أوكرانيا لمحاربة الروس. ويضيف بروزا: “هؤلاء الرجال كانوا هنا لسنوات. لقد تأقلموا بشكل جيد، ولديهم تأهيل جيد، علينا الآن أن نحاول استبدالهم بالمبتدئين الذين يحتاجون إلى تعلم اللغة والتدريب.”ولكن حتى مع ذلك، فإن عدد المبتدئين القادرين على العمل منخفض. حيث تنص قوانين التجنيد في أوكرانيا على ضرورة بقاء الرجال للقتال، ما يجعل غالبية اللاجئين هم من النساء والأطفال، وهو ما يؤدي إلى استبعاد كثير منهم من شغل الوظائف المتاحة، إذ أن العمل في العديد من المصانع في التشيك تتطلب جهداً بدنياً.

بيد أن القطاعات الأخرى من الاقتصاد مثل الخدمات والرعاية الاجتماعية والصحية قد تكون أكثر حظاً. وعلى الرغم من ندرة البيانات الواردة تشير التقارير أن الفنادق والمطاعم التي كافحت بشدة للعثور على موظفين بسبب آثار الوباء تحسنت أوضاعها في الوقت الحاضر. وتعزز هذه البيانات أرقام أوروبية أخرى مثل بولندا على سبيل المثال والتي تفيد بعض البيانات هناك أن زهاء 53٪ من قطاعات الفنادق والمطاعم استقبلت عمالاً من أوكرانيا.

صعوبات وعراقيل

ولكن في حين أن الطهاة وخادمات الغرف مرحب بهن للغاية لشغل وظائف، إلا أن الشركات تبحث بشكل شبه يائس عن عمال مهرة أيضاً. فعلى سبيل المثال، تدير مجموعة مونيتا المصرفية حملة تستهدف توظيف أوكرانيين في وحدتها الرقمية وتكنولوجيا المعلومات. ومع ذلك، رفض البنك مناقشة قضية التشغيل لدى اتصال DW به، ما يشير إلى أن استراتيجيته للتوظيف ربما تكون قد اصطدمت بعقبات.ومن المحتمل أن العديد من اللاجئين لا يرون جدوى من الدخول بإجراءات التوظيف الطويلة لبعض المهام التي يترتب عليها تأمين وظيفة ذات تأهيل عالي. اللاجئة الأوكرانية أولغا البالغة من العمر 56 عاماً والتي وصلت إلى براغ في مارس/ آذار للانضمام إلى ابنتها الكبرى بعد فرارها من منزلها في شرق أوكرانيا برفقة ولدها الصغير قالت لـ DW إنها كافحت للعثور على وظيفة في مجالها، الهندسة المعمارية، بسبب عدم اتقانها اللغة التشيكية.

وعن هذا يقول فيكتور ناجمون، المدير العام لمكتب العمل التشيكي، إن اللاجئين “يبحثون عن فرص عمل تخدمهم على المدى القصير، لأنهم يعتقدون أنهم سيعودون إلى ديارهم قريباَ. لذلك، حتى لو كان لديهم مؤهلات متخصصة، فهم مهتمون بالمهن اليدوية. ولمن لديهم أطفال فهم يفضلون فرص العمل بنظام الورديات”.ومع ذلك، يؤكد الاقتصادي، توماس بروزا من غرفة التجارة التشيكية، أن وجهة نظر البعض بدأت تتغير مع استمرار الحرب، ويتوقع أن القطاعات التي تبحث عن موظفين مهرة ستحقق المزيد من النجاح في الأشهر المقبلة.

ولكن، حتى لو بدأ اللاجئون في التفكير في تغيير أسلوبهم في البحث عن وظيفة فإنهم سيحتاجون إلى مزيد من الدعم. ويعتبر إتقان اللغة أمراً جوهرياً. بينما تحتاج الأمهات إلى حلول أفضل من أجل التمكن من رعاية أطفالهم عوضاً عن نظام العمل الحالي.

ويرى مونش أن التحصيل العلمي مهم أيضاً، في إشارة إلى البيانات التي تظهر أحياناً والتي تفيد أنه في حين أن عدد اللاجئين في العديد من المناطق التشيكية يتوافق مع الطلب على العمالة، فإن التحصي العلمي قد لا يكون كافياً. وقال: “نحن الآن بحاجة إلى البدء في الاندماج. سيحتاج اللاجئون إلى مساكن وتعليم نظامي. لست متأكداً من استعداد الحكومة التشيكية، فبدون خطط واضحة سيصبح الأمر صعباً للغاية”.

ماذا عن “ثقافة الترحيب”؟

هناك عراقيل أخرى؛ إذ أنه حتى وإن ساعد اللاجئون من أوكرانيا في تخفيف الضغط على سوق العمل، فليس هناك ما يضمن أنه سيتم شكرهم على ذلك. وبقدر ما كان الترحيب سخياً بالفارين من أهوال الغزو الروسي حتى الآن، فهناك قلق من أن ذلك قد يتراجع مع تباطؤ الاقتصاد واشتداد التضخم.

من ناحية أخرى، يؤكد بروزا أنه لا يشعر بالقلق الشديد. ويزعم أن الاستياء الذي تم رصده ضد اللاجئين يقتصر على مؤيدي الأحزاب المتطرفة. ومع ذلك، يمكن أن ينبع تهديد أكبر من الخطط الموضوعة بالفعل لبدء عملية إعادة بناء أوكرانيا. وفقاً للاستطلاعات التي أجرتها غرفة التجارة التشيكية، فإن العديد من الأوكرانيين “المؤهلين” والذين عاشوا وعملوا في التشيك في السابق يقولون إنه إذا تم تنفيذ خطة مارشال الجديدة لأوكرانيا بعد الحرب، فإنهم “سوف يتوجهون إلى بلدهم من أجل المشاركة في إعماره”.

دانيال مونش من مركز البحوث الاقتصادية (CERGE) في براغ يعتقد أنه سيكون على التشيك أن تبارك رحيل العديد من الأشخاص المؤهلين الذين تحتاجهم أوكرانيا بشدة، مشدداً على أنه “يجب ألا نكون أنانيين”.

المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *