انتبهت الحكومات وخبراء مكافحة الإرهاب مبكرا لالتقاء مصالح تنظيم القاعدة الإرهابي مع مصالح حكومات وكيانات سياسية وإرهابية بالرغم من الخلافات العقائدية المعلنة وهكذا قدم قادة التنظيم المصالح على الأيديولوجيا.
نشرت جريدة التايمز في عام 2021 تقريرا يؤكد مقتل أبو محمد المصري المعروف أيضا باسم عبدالله أحمد عبدالله في أحد شوارع طهران وهو أحد قادة القاعدة وأحد المطلوبين دوليا منذ التسعينيات. حسب الصحيفة ذاتها:” من المفاجئ أنه كان يعيش في إيران بينما إيران وتنظيم القاعدة من ألد الأعداء.” حسب خبراء مكافحة الإرهاب والمحللين، لم يكن الأمر بمفاجئ أبدا ولا عداء بين إيران وتنظيم القاعدة.
بعد جريمة 11 سبتمبر 2001، بدأت الولايات المتحدة في ملاحقة القاعدة وتضييق الخناق على التنظيم في أفغانستان ومناطق أخرى من العالم. حسب تصريح مايكل بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي السابق: “نحن نلاحق تنظيم القاعدة منذ ما بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر بفضل الجهود المتواصلة التي يبذلها جنودنا وحلفاؤنا في حلف شمال الأطلسي وأطراف آخرون كثيرون يعملون بلا كلل للدفاع عن الحرية. صار عدد العناصر التابعة لتنظيم القاعدة في أفغانستان اليوم أقل مما كانوا منذ عقود.” لقد دفع هذا الجهد تنظيم القاعدة إلى البحث عن ملاذ جديد وقد وجدت واحدا وهو إيران كخيار مثالي متجاوزة الخلافات العقائدية مع حكومة إيران.
حسب لجنة أمريكية حققت في جريمة 11 سبتمبر (سميت لجنة 11 سبتمبر لاحقا)، بين تنظيم القاعدة وإيران هنالك علاقة منذ حوالى ثلاثة عقود، ففي بداية التسعينيات، سافر أعضاء من القاعدة إلى إيران وسهل البقاع في لبنان، لتلقي تدريبات على المتفجرات على يد حزب إرهابي في لبنان تابع للخط الإيراني. على الرغم من ادعاء السلطات الإيرانية بعدم مساعدتها في التخطيط لهجمات 11 أيلول/سبتمبر( أو كانت لديها معرفة مسبقة بها)، الوقائع تؤكد سفر ثمانية على الأقل من خاطفي الطائرات يوم 11 أيلول/سبتمبر عبر إيران بين تشرين الأول/أكتوبر 2000 وشباط/فبراير 2001. إضافة إلى ذلك، الأدلة الجنائية التي تم تجميعها في أمريكا في جريمة 11 سبتمبر قادت محكمة فيدرالية في نيويورك إلى إصدار حكم في عام 2011 بأن إيران قدمت الدعم لهجمات 11 أيلول/سبتمبر، وذلك بناء على الدور الذي لعبته في تعزيز خطط عناصر القاعدة.
بعد جريمة 11 سبتمبر وبعد دخول الولايات المتحدة الأمريكية إلى أفغانستان، وبهدف تجنب الانتقام الأمريكي، هرب المئات من إرهابيي تنظيم القاعدة وعائلاتهم إلى إيران وبموافقة النظام هناك. بعد غارة أبوت آباد في 2011، تم العثور على الكثير من وثائق أسامه بن لادن ومنها رسالة لخصت علاقة القاعدة بإيران:” إن إيران هي الشريان الرئيسي للأموال والموظفين والاتصالات.” هنالك أدلة أخرى تثبت هذا التعاون ففي عام 2013، أحبطت الحكومة الكندية مخططا لتنظيم القاعدة لاستهداف قطار ركاب يربط بين تورونتو ونيويورك. وذكرت الحكومة الكندية أن المتآمرين تلقوا توجيهات وإرشادات من أعضاء في تنظيم القاعدة يعيشون في إيران.”
بالرغم من الماكنة الدعائية التي مارسها تنظيم القاعدة بهدف الحصول على التأييد من العالم العربي والإسلامي وبهدف زيادة عدد المجندين في المعارك والعمليات الإرهابية، علاقة التنظيم بإيران تثبت أن المصالح جاءت قبل الأيديولوجيا وليس مهما هوية إيران المذهبية. العلاقة البرغماتية التي مارسها قادة وعناصر القاعدة مع إيران أثبتت أن تكفير الطائفة التي تمثلها إيران غير مهم حين يتعلق الأمر بالحصول على مكاسب تقدمها إيران للقاعدة كتوفير ملاجئ آمنة لعناصر التنظيم أو كتقديم التدريب والدعم المالي و التنسيق قبل تنفيذ علميات إرهابية تؤدي إلى قتل وجرح الكثير من المدنيين العزل.