في مقال له نشر في 23 شباط / فبراير 2023 في الشرق الأوسط، الصحيفة العربية الواسعة الانتشار، ذكر د. جبريل العبيدي، الأكاديمي الليبي، العلاقة بين القاعدة وإيران تتلخص بـ:”توظيف إيران لتنظيم القاعدة هو مبرر العلاقة الميكافيلية والاستراتيجية والتي تعلو على العلاقة العدائية بين تنظيم القاعدة والنظام الإيراني، بالرغم من الخلاف العقائدي، إلا أن كلا الطرفين استخدما السياسة البراغماتية في التعاطي مع بعضهما بعضاً، مما يؤكد أن المصالح والإرهاب هو ما يجمعهما فالعلاقة بينهما حكمتها المصلحة المشتركة، بالإضافة إلى أن كليهما يرفع شعار الإسلام والخلافة.” أضاف العبيدي في المقال ذاته:” حقيقة علاقة النظام الإيراني مع القاعدة استمرت لأكثر من ثلاثين عاماً، وأكدها ناثان سيلز، مدير مكتب مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأميركية، الذي قال: إن إيران تسمح للقاعدة بالتحرك، ونقل المقاتلين والأموال إلى دول الجوار بحرية تامة.”
بالرغم من الخلاف المذهبي بينهما، بدأت العلاقة بين القاعدة وإيران قبل أكثر من ثلاثة عقود وإيواء إيران لأبناء أسامه بن لادن وأحفاده وزوجاته وقياديين أخرين في التنظيم خير دليل على العلاقة البرغماتية التي تدور حول المصالح بين الطرفين. حسب صحيفة نيويورك تايمز، تم اغتيال أبو محمد المصري، ثاني مسؤول في القاعدة، على الأراضي الإيرانية حيث كان يتحرك بحرية وهذا دليل جديد على نوع العلاقة بين التنظيم وإيران ودليل أخر على هذه العلاقة القائمة على المصلحة المشتركة هو إيواء إيران للإرهابي سيف العدل، الزعيم الجديد للقاعدة وخليفة الظواهري الذي قتل في في تموز / يوليو 2022. حسب مقال لمحقق سابق في مكتب التحقيق الفدرالي الأمريكي (FBI)، سيف العدل (62 عاما) كان يقيم في إيران منذ 2002 أو 2003، حيث وضع في البداية رهن الإقامة الجبرية، لكنه صار حرا في ما بعد بما يكفي للقيام برحلات إلى دول أخرى وهو ضابط سابق في القوات الخاصة المصرية وشخصية بارزة في الحرس القديم للقاعدة.
خلال صعود سيف العدل ليصبح القائد الفعلي لتنظيم القاعدة، وأثناء قيادة خالد باطرفي لفرع التنظيم في اليمن، استطاع سيف العدل أن يبسط نفوذه وسيطرته على فرع القاعدة في اليمن وفي إقناع خالد باطرفي بتجميد المعارك الداخلية في الجبهات اليمنية لأنها تستنزف التنظيم، لاسيما مع الحوثيين. كما نصحه بالتفرغ للعمل على استهداف المصالح الغربية، لأن ذلك يحقق للتنظيم أكثر من مكسب وأهمها هو أن القوات الغربية وكذلك المصالح الأجنبية في اليمن تمثل الآن نقطة مشتركة بين الجهاديين السنة وفي مقدمتهم القاعدة وبين الجهاديين الشيعة (الحوثيين) المدعومين من إيران.
نشر المركز العربي لدراسات التطرف في عام 2021 بحثا مترجما عن الإنكليزية حول العلاقة بين إيران والقاعدة ولاقى هذا البحث أصداءً واسعة لدى المهتمين في شؤون مكافحة الحركات الإرهابية. هنالك، بلا شك، منفعة متبادلة بين إيران وتنظيم القاعدة فمساعدة إيران لتنظيم القاعدة في الحفاظ على قيادته العليا وهيكله القيادي قد مكنت التنظيم من تحدي الولايات المتحدة وبعض حلفائها المناهضين لإيران بشكل مستمر، وخاصة المملكة العربية السعودية. مع ذلك، تجني إيران فوائد استمرار تنظيم القاعدة والجماعات التابعة له في جميع أنحاء إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، الأمر الذي يؤجل أي مواجهة محتملة بين الولايات المتحدة وبين إيران والميلشييات التابعة لها. ذكر البحث ذاته أن تنظيم القاعدة، من جانبه، قادر على استخلاص فوائد مادية مهمة وثابتة من إيران، تتراوح من عدم تعاون إيران مع النظام الدولي لمكافحة الإرهاب ضد التنظيم، إلى تأمين ممرات العبور، إلى تسهيل التمويل. صحيح أن هذه الفوائد أقل مما تقدمه إيران لوكلائها وربما نتجت عن المساومة المستمرة، ولكن الأهم من ذلك، من وجهة نظر القاعدة، أن الأمر سيكون أكثر صعوبة دون الدعم الإيراني المدروس على مدى العقدين الماضيين، لا سيما في ظل الضغوط المتواصلة التي تمارسها الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب والعداء العميق من جانب دول الشرق الأوسط للتنظيم. كما ساعد التواصل الجغرافي لإيران مع أفغانستان وباكستان القاعدة بشكل كبير في نقل رأس مال التنظيم وفي توفير حرية الحركة لعناصر التنظيم والتخلص من الجهود الأممية بقيادة الولايات المتحدة التي تهدف إلى تصفية منابع الإرهاب.