• الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

القاعدة …المصالح أولاً (الجزء الثاني)

نوفمبر 22, 2024 #اليمن, #تنظيم القاعدة

لم يختلف تنظيم القاعدة في اليمن عن فروع التنظيم الأخرى في أفغانستان أو في أفريقيا أو أي مكان أخر فقد غير التحالفات مع فصائل حزبية أو قبلية أو جهادية أخرى بهدف المصلحة ولم تكن الخلافات الأيدلوجية أمرا جوهريا في علاقات التنظيم مع “القوى الفاعلة على الأرض” في اليمن.

منذ استيلاء الحوثيين على صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014 واندلاع الحرب الأهلية في مارس/ آذار 2015، تبادلت الأطراف اليمنية المتحاربة الاتهامات بالتعاون مع فرع القاعدة في اليمن، المعروف رسمياً بـ “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب” لكن القاعدة لم يتأخر في إقامة علاقات سرية وعلنية مع أكثر من طرف في الساحة اليمنية لأسباب تتعلق بالمصالح والنفوذ. حسب مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، التنظيم لم يستمر في تحالف واحد في اليمن والبلدان المجاورة لها بل استمر في لعبة تغيير الحلفاء أكثر من مرة حسب ما اقتضت المصالح وأخر تحالف حتى هذه اللحظة هو التحالف مع الحوثيين الذين لا يجمعهم مع القاعدة أي شيء سوى خندق “كراهية أمريكا”.

ضمن دراسة نشرت على موقع مجموعة الأزمات الدولية تضمنت أن القاعدة وداعش كانا الرابح الأكبر من إخفاق الانتقال السلمي للسلطة في اليمن والحرب الأهلية التي تلت هذا الحدث. تكيف تنظيم “القاعدة في جزيرة العرب” مع المشهد السياسي المتغير، وتحول إلى حركة مسلحة قادرة على السيطرة على الأراضي وتحدي سلطة الدولة التي ضعفت بشكل ملحوظ. استمد تنظيم القاعدة نجاحه الرئيسي من البراغماتية التي أظهرها والتي تمثلت بالعمل في إطار الأعراف المحلية، حيث شكل تحالفات مع حلفاء سنة، أو مع قوى قبلية، والاندماج في الميلشييات وترسيخ نفسه في اقتصاد سياسي قائم على التهريب والتجارة تشارك فيه مختلف الفصائل المتحاربة. إضافة لما سبق، قام “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب” بتقديم نفسه كجزء من “جبهة سنية” واسعة ضد الحوثيين لكن المصالح دفعته للتحالف معهم لاحقا .

أفادت صحيفة تلغراف أن الحوثيين في اليمن يتعاونون مؤخرا مع “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب” والذي يعتبر من أخطر التنظيمات المتطرفة في العالم، ووفقا للتقرير، يقدم الحوثيون دعما لتنظيم القاعدة باليمن في صراعه ضد الحكومة الانتقالية جنوب اليمن، والتي تدعمها دولة خليجية وعدة دول أخرى. نقل التقرير عن مصادر مختلفة في اليمن، بينهم مصادر من الحكومة الانتقالية في الجنوب والتي تعارض الحوثيين وكافة التنظيمات المسلحة في المنطقة، أن الحوثيين زودوا القاعدة بصواريخ وطائرات مسيرة ووسائل قتالية مختلفة، كما أنهم يساعدونهم في الإفراج عن شخصيات كبيرة تابعة للتنظيم من السجون في البلاد. إضافة إلى ذلك، وثق التقرير ذاته التعاون بين القاعدة والحوثيين الذي وصل إلى مرحلة استهداف السفن الأجنبية التي قد تمر قرب السواحل اليمنية والتي تعتبر منطقة مهمة في خطوط النقل البحري العالمية.

الحرب الدائرة في اليمن وضعف الدولة المركزية وعوامل أخرى لا مجال لذكرها هنا قد ساهم في استمرار وجود ملاذات أمنة لتنظيم القاعدة في البلاد. بالرغم من التحالفات المؤقتة التي أقامها التنظيم مع قوى سياسية وقبلية محلية، لم يحدث أي تحالف بين القاعدة وفرع داعش اليمني لأسباب تتعلق بالمنافسة على النفوذ أولا وأخرا فلا القاعدة فرع اليمن ولا داعش اليمني يعتبران الخلاف الأيديولوجي أمرا جوهريا في ديناميكيات “العمل الجهادي”. حسب تقرير مجموعة الأزمات الدولية المشار إليه مسبقا، تنظيم القاعدة يملك استراتيجية بعيدة المدى، مصحوبة بالمزايا المباشرة التي حصدها من ضعف الدولة الذي نتج عن الحرب الأهلية الحالية. من الأمثلة على هذه المزايا هو الحصول على موارد مالية وعسكرية نتجت عن التحالفات المؤقتة التي تجاوز فيها تنظيم القاعدة في اليمن مبادئه المعلنة بهدف الحصول على مكاسب معينة وتحالفه مع الحوثيين دليل على هذا الأمر الذي صار من الصعب على قادة القاعدة في البلاد إخفاءه أو إيجاد تبرير له سوى فكرة “عدو عدوي صديقي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *