ليس هذا فحسب، بل تركت الحرب نفسها أزمات اقتصادية في أنحاء العالم. ورصدت وكالة رويترز أرقاما مخيفة مع دخول الحرب شهرها السابع.
المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أكدت في 22 أغسطس/آب الجاري، أن 5587 مدنيا قُتلوا وأصيب 7890، منذ 24 فبراير/شباط الماضي، لكن الحصيلة الفعلية أعلى من ذلك بكثير.
وأضافت أن معظم القتلى أو المصابين من ضحايا الأسلحة المتفجرة مثل المدفعية والصواريخ والضربات الجوية.
وقال قائد القوات المسلحة الأوكرانية الجنرال فاليري زالوجني، الإثنين، إن قرابة تسعة آلاف من الجنود الأوكرانيين قتلوا في الحرب، في أول حصيلة يعلنها قائد الجيش منذ العملية الروسية دون ذكر مزيد من التفاصيل.
لكن في الوقت نفسه لم تعلن روسيا عدد القتلى بين صفوف جنودها.
ووفقا لتقديرات المخابرات الأمريكية قُتل نحو 15 ألف جندي روسي حتى الآن في أوكرانيا. وأصيب ثلاثة أمثال هذا العدد، أي ما يعادل حصيلة وفيات الاتحاد السوفيتي السابق أثناء احتلال موسكو لأفغانستان بين 1979 و1989.
وبدأ النزاع في شرق أوكرانيا في 2014 بعد الإطاحة بالرئيس المؤيد لروسيا وقتئذ وضم موسكو لشبه جزيرة القرم حيث تقاتل قوات مدعومة من موسكو القوات المسلحة الأوكرانية.
ووفقا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين قُتل نحو 14 ألف شخص هناك بين 2014 ونهاية عام 2021، منهم 3106 مدنيون.
مآسي أوكرانية
منذ 24 فبراير/ شباط الماضي، اضطر ثلث سكان أوكرانيا، أي ما يتجاوز 41 مليون نسمة، إلى ترك منازلهم في أكبر أزمة نزوح بشري في العالم وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ووفقا لبيانات المفوضية يوجد في الوقت الراهن أكثر من 6.6 مليون لاجئ من أوكرانيا في أنحاء أوروبا أكثرهم في بولندا وروسيا وألمانيا.
إضافة إلى الخسائر البشرية فقدت أوكرانيا سيطرتها على نحو 22 بالمئة من أراضيها منذ ضم روسيا للقرم في 2014 وفقا لإحصاءات رويترز.
كما فقدت كييف مساحات شاسعة من ساحلها، وتقوض اقتصادها وتحولت بعض المدن إلى أراض قاحلة بسبب القصف الروسي.
وكشفت تقديرات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الأوكراني سينكمش 45 بالمئة في 2022.
والتكلفة الفعلية بالدولار في أوكرانيا غير واضحة. وقال رئيس الوزراء دنيس شميهال في يوليو تموز إن إعادة الإعمار الكلية بعد الحرب ستكلف قرابة 750 مليار دولار وقد تكون أعلى بكثير. ولم يتضح كم أنفقت أوكرانيا في القتال.
روسيا
كانت الحرب باهظة التكاليف لروسيا أيضا، على الرغم من أنها لا تفصح عنها لأنها من أسرار الدولة.
وإلى جانب التكاليف العسكرية، حاول الغرب معاقبة موسكو بفرض عقوبات قاسية سببت أكبر صدمة للاقتصاد الروسي منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991.
ويتوقع البنك المركزي الروسي الآن انكماش الاقتصاد البالغ حجمه 1.8 تريليون دولار بما بين أربعة وستة بالمئة في 2022 وهو ما يقل عن توقعات في أبريل نيسان بانكماشه بين ثمانية وعشرة بالمئة.
ومع ذلك لا تزال التداعيات قاسية على الاقتصاد الروسي ولم تتضح على نحو كامل بعد. واستُبعدت موسكو من أسواق المال الغربية وتعرض معظم أفراد نخبتها لعقوبات وتواجه مشكلات في استيراد بعض المواد مثل الرقائق الدقيقة.
وفي الشهر الماضي تخلفت روسيا عن سداد سنداتها الأجنبية للمرة الأولى منذ الشهور الكارثية التي أعقبت الثورة البلشفية في 1917.
الأسعار
من ناحية أخرى، أدت العملية الروسية ضد أوكرانيا والعقوبات الغربية على موسكو التي أعقبته إلى زيادات حادة في أسعار الأسمدة والمعادن والطاقة، ونتج عن ذلك أزمة غذاء مستعرة وموجة تضخمية تضرب الاقتصاد العالمي.
وروسيا هي ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم بعد السعودية وأكبر مصدر عالمي للغاز الطبيعي والقمح وأسمدة النيتروجين والبلاديوم.
وبعد فترة وجيزة من غزو موسكو لأوكرانيا قفزت أسعار النفط العالمية إلى أعلى مستوياتها منذ المستويات القياسية التي سجلتها في 2008.
ومحاولات خفض الاعتماد على منتجات النفط والغاز الروسية أو حتى تحديد سقف لها تسببت في تفاقم أسوأ أزمة طاقة يشهدها العالم منذ حظر النفط العربي في السبعينيات.
وقفزت أسعار بيع الجملة للغاز في أوروبا بعد خفض روسيا تدفقاته عبر خط أنابيب نورد ستريم 1.
وتوقف إمدادات الغاز كلية سيدخل منطقة اليورو في ركود، مع انكماشات حادة في ألمانيا وإيطاليا وفقا لجولدمان ساكس.
ويتوقع صندوق النقد الدولي الآن نمو الاقتصاد العالمي 3.2 بالمئة هذا العام انخفاضا من 6.1 بالمئة في العام الماضي وأقل من توقعات في أبريل/ نيسان الماضي بنموه 3.6 بالمئة وتوقعات في يناير/كانون الثاني الماضي بنمو نسبته 4.4 بالمئة وتوقعات في أكتوبر/تشرين الأول بنمو نسبته 4.9 بالمئة.
ووفقا لتصور بديل “مقبول”، يشمل انقطاعا تاما لإمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا بحلول نهاية العام وانخفاض صادرات النفط 30 بالمئة أخرى، فإن صندوق النقد الدولي قال إن النمو العالمي سيتباطأ إلى 2.6 بالمئة في 2022 واثنين بالمئة في 2023 مع معدل نمو صفر فعليا في أوروبا والولايات المتحدة في العام المقبل.
أسلحة غربية
مدت الولايات المتحدة أوكرانيا بمساعدات أمنية بقيمة نحو 9.1 مليار دولار منذ 24 فبراير/ شباط تشمل أنظمة ستينجر للدفاع الجوي وصواريخ جافلين المضادة للدبابات ومدافع هاوتزر عيار 155 مليمترا ومعدات وقاية من المواد الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية.
وثاني أكبر مانح لأوكرانيا هي بريطانيا التي قدمت دعما عسكريا بلغ 2.3 مليار جنيه إسترليني (2.72 مليار دولار).
ووافق الاتحاد الأوروبي على مد أوكرانيا بمساعدات أمنية تبلغ 2.5 مليار يورو (2.51 مليار دولار).