• الأثنين. أكتوبر 28th, 2024
قيادة القاعدة وداعش عبر السنين

بعد سيطرته على مدن وبلدات في شمال-غرب العراق وشمال-شرق سوريا، ارتكب داعش الكثير من الفظائع والجرائم بحق المسلمين وغير المسلمين ومارس الرق الجنسي بحق الأيزيديات وصادر أموال وممتلكات غير المسلمين وحرق وجلد وإعدام الضحايا في الساحات العامة أمام أنظار المدنيين. أعلن عناصر التنظيم مرارا وتكرارا حتى وقت الهزيمة النهائية أن هذه الأفعال هي”التطبيق الصحيح والوحيد للشريعة.” في الوقت ذاته بدأ الناس لا سيما المحللون، المقارنة بين القاعدة وداعش بالرغم من أن كلي التنظيمين يغرفان من بئر واحدة: الإرهاب.

العناصر المشتركة بين أفعال وفكر التنظيمين كثيرة وكذلك عناصر الاختلاف وداعش لم تأت من فراغ بل أقامت منظومتها الفكرية على أسس موجودة مسبقا في الفكر المتشدد الذي لم يجد قبولا عند أغلبية المسلمين سابقا ولاحقا. التنظيمان جماعتان جهاديتان تهدفان إلى تطبيق الشريعة عبر الجهاد المسلح وينظران للغرب بأنه العدو الأول باعتباره يمثل “خندق الكفر” وكل من يؤيد الغرب (حكومات وشعوب وأفراد) يقع في هذا الخندق أيضا. أدهم كرم، باحث أمني عراقي متخصص في مكافحة الإرهاب، نشر تحليلا في عام 2022 عن التباين والتشابه بين القاعدة وداعش: “ صحيح أن منبع الأيديولوجية الدينية تتشابه بين التنظيمات الإرهابية الإسلاموية الراديكالية بصورة عامة وبين داعش والقاعدة بصورة خاصة، ألا أن صيغة الأيديولوجية نفسها ونظرية العمل المشتقة منها تختلف اختلافاً كبيراً بين التنظيمين، بل يمكن القول أن نظرية العمل عند داعش وان استندت إلى مخرجات الفكر الديني السلفي المتشدد إلا أنها مثلت وما زالت تمثل طفرة حقيقية وفريدة في عالم التطرف الديني والتي أوصلت التنظيم إلى سدة الخلافة وحولته من مجاميع مسلحة إلى جيش كبير في مدة زمنية قياسية.” يضيف التحليل أن “المحرك الأيديولوجي لتنظيم داعش يستند إلى فقه جهادي خاص وهو فقه هجين مستحدث، وغير مقنن كالذي كانت القاعدة تعمل به.”

أكد الباحث كرم في التحليل ذاته أن ” داعش يتبع بشكل صارم استراتيجية طويلة الأمد مرسومة على شكل خطط مدروسة يقوم بمراجعتها وتطويرها بشكل مستمر بحيث تتواكب مع الأوضاع المحلية والإقليمية المتغيرة وتساهم في حماية التنظيم من الاندثار ، فمثلاً تطبيق مبدأ اللامركزية في العمليات الميدانية يعطي للقيادات العسكرية حرية كبيرة في تنفيذ عمليات إرهابية تراها مناسبة طبقاً للظروف المحيطة بها، بل أن اللامركزية توسعت وبشكل كبير نحو إطلاق يد القادة الميدانيين لتأمين قسط كبير من التمويلات المالية وتعزيز عمليات التجنيد الأفقية في المجتمعات التي يعيشون فيها”. هذه الاستراتيجية ضمنت لداعش التكيف مع الظروف الميدانية المحيطة به وغيرت من طبيعة عملياته الإرهابية.

لم يختلف داعش عن القاعدة في تسويق “المظلومية والتهميش” الذي يتعرض له سنة العراق وسوريا بل ركز عليهما عبر خطابه الإعلامي وهو نتاج حتمي لتبعية حكومتي البلدين لـ”خندق الكفر” كما ورد في خطاب التنظيمين الإعلامي في أكثر من موضع. مارست القاعدة عمليات “التجنيد الحذر” أو “الاستقطاب النخبوي” بينما اتجه داعش إلى توسيع عمليات التجنيد التي يمكن تسميتها بـ “التجنيد المتعدد” أو التجنيد الجماهيري” والذي ساهم في زيادة كبيرة في عدد عناصر التنظيم قياسا بعناصر القاعدة. اقتصرت الماكنة الدعائية الإعلامية للقاعدة على وسائل محددة كأشرطة الفيديو والتسجيلات الصوتية بينما كانت الماكنة الإعلامية لداعش أكثر فعالية في تجنيد العناصر الجديدة أو في الحصول على المؤيدين أو في تسويق إرهاب التنظيم للمدنيين عبر نشر عمليات تعذيب أو إعدام أو حرق الضحايا في الساحات العامة. خلاصة القول أن أعلام داعش قد تجاوز أعلام القاعدة لأنه أمتلك وسائل كثيرة ساهمت في وصول مواده الإعلامية والسياسية إلى أتباعه وإرهاب المدنيين بصورة عامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *