في عام 2014 ، أرتكب داعش جرائم مروعة في العراق وسوريا والذي دفع المجتمع الدولي إلى التنبه للخطر الذي شكله هذا التنظيم الإرهابي على استقرار الشرق الأوسط والعالم كله وعلى سلامة ووجود المدنيين في المنطقة. في العام ذاته، كانت هنالك شكوك بأن داعش كان يتبع منهج القاعدة إن لم يكن فرعا منها. الوقائع أثبتت لاحقا أن داعش يلتقي مع القاعدة ببعض الأفكار ويختلف معها بالكثير من الأمور كما أثبتت الوقائع أيضا وجود تنافس قوي بين التنظيمين على زعامة “العمل الجهادي المسلح” وعلى النفوذ في أكثر من منطقة في العالم.
في عام 2016، وعبر موقع منظمة بروكنز غير الربحية، نشر دانيال بايمان تقريرا بعنوان ” هل سيبقى التنافس قائما بين داعش والقاعدة؟”. سلط التقرير الضوء على التنافس بين التنظيمين: “داعش منخرط في صراع مميت مع تنظيم القاعدة في سوريا وفي أماكن أخرى في العالم. تعتبر القاعدة التهديد الذي يطرحه داعش الصاعد بالغ الخطورة وجدي، كما وأن موقف القاعدة في مسقط رأسها (أفغانستان) ضعيف جداً حتى أنه ترددت شائعات بأنها تقوم بنقل كبار قادتها إلى الشرق الأوسط”. أضاف التقرير: “إنّ فهم أهمية هذا التنافس بين المجموعتين الجهاديتين ومداه هو أمر أساسي لجهود مكافحة الإرهاب في المستقبل.”
كما هو معروف مسبقا أنّ أهداف التنظيمين مختلفة؛ حيث يركّز تنظيم القاعدة أكثر على مهاجمة الولايات المتحدة، بينما يركّز تنظيم داعش على تقوية دولته وتوسيعها. إضافة إلى ذلك، التنافس على قيادة الجهاد المسلح أو توسيع مناطق النفوذ بين التنظيمين لم يتوقف سواء في الشرق الأوسط أو في أفريقيا أو في مناطق أخرى في العالم. استمر الصراع بين التنظيمين حتى بعد هزيمة داعش في العراق وسوريا ووصل إلى أفريقيا ومازال الصراع والتنافس مستمرا. بعد زيادة الهجمات الإرهابية في القارة الأفريقية، جددت مؤشرات دولية وإقليمية التساؤلات بشأن اشتعال الصراع بين تنظيمي القاعدة وداعش على “الزعامة والنفوذ والتمدد” داخل القارة، وعودة المنافسة بينهما لتصدر المشهد “الجهادي” من جديد، الذي شهد منافسة بين التنظيمين خلال الأعوام الماضية.
أشار خبراء في الحركات الإرهابية إلى أن الصراع الآن بين التنظيمين في أفريقيا صراع نفوذ يضاف إلى صراعهما المنهجي الذي وضحناه في مقالات سابقة. يمكن اعتبار داعش والقاعدة تنظيمين متنافسين على المشهد “الجهادي”، إذ يشير تقدم أحد التنظيمين على صعيد الإرهاب العالمي، إلى خسارة أكيدة لدى الطرف الآخر، وهذا ما حدث مع صعود داعش على حساب القاعدة. حسب دراسة لمرصد الأزهر المصري لمكافحة التطرف، فإن “العمليات الإرهابية في أفريقيا زادت خلال سبتمبر (أيلول) 2022 وبلغت 54 عملية». إضافة إلى ما تقدم، أرجعت الدراسة زيادة هذه العمليات إلى تنافس القاعدة وداعش على الزعامة والاستحواذ على مصادر التمويل؛ إذ يحاول كل تنظيم تركيز عملياته وتوسعة نفوذه”. يرى أحمد سلطان، الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب، أن “التنظيمين لديهما خطة في أفريقيا، ورغم أنهما يعملان بشكل مختلف قليلاً؛ فإن الأساس العملياتي واحد، فمثلاً داعش لديه خطة للتمدد من الجنوب الأفريقي في موزمبيق، وفي منطقة وسط أفريقيا (الكونغو وأوغندا) ولديه خطة لدمج كل هذا بمناطقه في غرب أفريقيا”.