الوعود الكاذبة التي قدمها عناصر داعش لنساء من خارج الشرق الأوسط بهدف جلبهن إلى أراضي الخلافة المزيفة كانت كثيرةً تبين لاحقا إنها محض أكاذيب. كانت هذه الوعود أيضا جزءاً من سياسة الخداع التي اتبعها التنظيم مع مسلمين جدد أو مسلمين بلا حصانة فكرية وخصوصا النساء اللواتي تم استدراجهن إلى مناطق داعش.
“أخبرونا أن سوريا هي أرض مقدسة. وإذا متنا هناك في المعركة، فسنرتقي إلى الجنة على الفور، ونصبح شهداء. كنا متحمسين في ذلك الحين – 150 شخصا من كازاخستان – نشترك بنفس العقلية، ذهبنا جميعا إلى سوريا في 2014″، هذا ما صرحت به، أسيل زوجة أحد عناصر التنظيم للأمم المتحدة عن بداية التحاقها بالتنظيم وحين توجهت مع زوجها وأبنها بحثا عن السعادة الوهمية وكانت حاملا في ذلك الوقت. اعترفت أسيل بأنها كانت مهووسة ليس فقط بالفكرة، ولكن أيضا من أجل أهداف خاصة بها. وقالت: “انجذبنا إلى حقيقة أننا لن نعمل في الأرض المقدسة، وأن الأموال، أي الغنائم، سيتم توزيعها علينا شهريا. والمنازل والممتلكات من المدن والبلدات المحررة ستكون ملكا لنا.”
اعتنقت أسيل الإسلام عام 2013 وتزوجت رجلا بذقن طويل وملابس توحي بالتزامه الديني وحاولت أن تكون له زوجة صالحة وزوجها أقنعها في النهاية بـ “الهجرة” إلى سوريا، أو “الأرض المقدسة” على حد تعبير زوجها. أطاعت أسيل زوجها وهاجرت معه و “جنة الأرض الموعودة” لم تستمر سوى فترة قصيرة وبعدها بدأت مشاهدات هذه المرأة للحياة الحقيقية في “جنة” الخلافة المزيفة حيث مشاهد القتل اليومي وتنفيذ العقوبات بحق المدنيين في الأماكن العامة واعتقال الأبرياء لأسباب تافهة لا تتطابق مع أحكام الشريعة وغيرها من المشاهد المروعة. بعد تعرض المدينة التي كانت تسكنها إلى حصار سبقته معارك عسكرية، بات الأمر أصعب كثيرا بدون طعام، ونفد المخزون من الطعام والنقود واستذكرت أسيل الظروف غير الصحية التي اضطرت فيها إلى وضع مولودها الثاني في سوريا. أمضت أسيل خمسة أعوام في سوريا رأت في الكثير من المصاعب ومرت بتجارب مؤلمة كثيرة وتزوج فيها زوجها من امرأتين وأنجب منهما أيضا ويوما ما أخبروها أن زوجها قد قتل وقد تحولت إلى أرملة في أرض الخلافة المزعومة.
بعد أن أمضت أسيل شهرين في مخيم الهول، أطلقت السلطات الكازاخية عملية جوزان التي تهدف إلى إعادة مواطنيها وكانت أسيل من ضمن العائدين مع طفليها بعد خضوعها لإجراءات الحجر الصحي والتحقيق الأمني وغيرها من الإجراءات. بعد استقرارها في مدينتها، وزواجها من رجل آخر الذي قدم كل الرعاية لطفليها، تتذكر أسيل حياتها في سوريا مع داعش ومشاهد القتل والتعذيب والقصف الذي رافق نهاية التنظيم وهزيمته ومناظر الجثث المرمية على الأرض في شوارع المدينة التي كانت تقيم فيها. بعد تذكرها لكل ما سبق، تقول أسيل كنت منجذبة للحصول على الغنائم في الأرض المقدسة المزعومة ونسيت أن الجبنة المجانية موجودة فقط في مصائد الفئران.