• الثلاثاء. ديسمبر 3rd, 2024
3
1

ورد في المعاجم أن الفتوى (جمعها فتاوى) هي جواب عمَّا يُشْكِل من المسائل الشرعيّة أو القانونيّة ورجل الدين أو القاضي وحدهما من يملك صلاحية إصدارها. أما في الفقه الإسلامي فهي مرسوم ديني يقوم بإصداره عالم دين موثوق بعلمه حسب الأدلة الشرعية المأخوذة من القرآن الكريم والسنة النبوية وإصدار الفتوى في الإسلام يعتبر أمراً عظيما من ناحية المسؤولية وتطبيق الفتوى والالتزام بها. أدعت أكثر من حركة إرهابية في التاريخ المعاصر إنها وظفت أكثر من فتوى لتبرير عملياتها الإرهابية وممارساتها التي روعت المدنيين في بلاد المسلمين وغير المسلمين وداعش أخر حركة إرهابية تبنت هذا الادعاء.

في بداية ظهوره، أعلن التنظيم أن الاسم الرسمي هو “الدولة الإسلامية في العراق والشام” ودستور هذه الدولة هو الفقه الإسلامي وكل تفاصيل الحياة يجري التعامل معها حسب فتاوى أصدرها فقهاء من وقت بعيد مضى كما هو شائع عند عامة المسلمين والفقهاء. معظم هذه الفتاوى، أصدرها فقهاء في عصور سابقة عرفوا بالتطرف وقلة الأتباع وأهملتها معظم مراكز الإفتاء المعروفة في العالم كالأزهر في مصر وفقهاء السعودية وغيرهم في العراق وسوريا وهذه الفتاوى مازالت مثيرة للجدل ولا قبول لها لأسباب يطول شرحها.

لا توجد فتوى تبيح اضطهاد المسلمين وغير المسلمين وتعذيبهم أو قتلهم في الأماكن العامة لكن عناصر داعش فعلوا ذلك في شمال-غرب العراق وشمال-شرق سوريا. كانت الساحات العامة في الموصل والرقة وغيرها من البلدات والمدن التي احتلها داعش هي مكان عناصر التنظيم المفضلة لتنفيذ عقوبات الجلد أو الإعدام بحق المدنيين العزل ولتحقيق هدف أخر وهو إرهاب الأهالي ومنعهم من الاعتراض على أفعال داعش. لا فتوى موثقة من العصر الحالي أو من الماضي تبيح تدمير المكتبات العامة والخاصة ولا المسارح ولا المراكز الثقافية و لا تكسير الآلات الموسيقية ولا تخريب القاعات الجامعية والمختبرات العلمية ولا توجد فتوى تبيح تحويل المدارس إلى ثكنات عسكرية ومع هذا فعل داعش كل ما سبق في مدن وبلدات في العراق باسم فتاوى وهمية لا وجود لها.

أسس داعش ما يسمى “جهاز الحسبة” وأعطاه صلاحيات كاملة تضمنت الكثير من انتهاكات واضحة للشريعة باسم الفتوى أيضا. لم يتأخر هذا الجهاز في إرهاب المدنيين وفي تنفيذ ممارسات كثيرة باسم الدين وهي بعيدة عن الدين. مارس هذا الجهاز عمليات الاعتقال الكيفي بحجج واهية كـ ” التعاون مع العدو” و “شرب الدخان” أو “بيع السجائر” و “سماع الموسيقى” وغيرها من التهم الزائفة. وظف داعش النساء في جهاز الحسبة ووضعهن في نقاط التفتيش أو في وحدات مداهمة البيوت بهدف اعتقال النساء المدنيات لأسباب كثيرة مثل مخالفة “الزي الإسلامي” أو “التستر على معارضي داعش”. وظف التنظيم أيضا هؤلاء النسوة في تنفيذ عقوبات الجلد والإعدام في الساحات العامة بحق النساء المدنيات اللواتي وضعهن حظهن ألسيئ في خانة ضحايا التنظيم. لا فتوى تبيح كل هذه الانتهاكات سوى رغبات الخليفة المزيف وقادة التنظيم الذين حاولوا ترسيخ فكرة إن أعمالهم تستند دائما إلى فتاوى وحقيقة الأمر أثبتت أنهم بعيدون عن أي فتوى من الماضي أو الحاضر وهم لم يعرفوا غير الجريمة ولم يخضعوا إلا لرغباتهم ونفوسهم المريضة التي قادتهم إلى عالم الإرهاب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *