ولليوم الثاني على التوالي، يتواصل “الاعتصام المفتوح” لأنصار التيار الصدري في العراق بداخل مبنى البرلمان بعد سيطرة المتظاهرين على مقر السلطة التشريعية، وسط مخاوف من أن تتوسع الاحتجاجات إلى مواجهات مسلحة وإدخال البلاد إلى دوامة الفوضى.
كان أنصار الصدر قد احتشدوا وسط العاصمة العراقية، السبت، قبل اقتحام المنطقة الخضراء شديدة التحصين التي تضم مبنى البرلمان وسط إجراءات أمنية مشددة، مما أسفر عن سقوط 125 جريحا في صدامات مع قوات مكافحة الشغب.
وفي ظل انسداد سياسي، يحتج أنصار الصدر على استمرار دعوة أحزاب ما يعرف بقوى “الإطار التنسيقي”، الموالية لإيران، البرلمان لانتخاب رئيس للجمهورية وتكليف المرشح محمد شياع السوداني لتشكيل الحكومة المقبلة، بينما توالت الدعوات للتهدئة والحوار من مختلف الأطراف الدولية والسياسية العراقية.
وقال رئيس إقليم كردستان العراق، في بيان، إن “زيادة تعقيد الأمور في ظل هذه الظروف الحساسة تعرض السلم المجتمعي والأمن والاستقرار في البلد للخطر”، بينما عبر عن احترامه للتظاهر السلمي للعراقيين، لكنه أكد في الوقت نفسه أهمية حماية مؤسسات الدولة وأمن وحياة وممتلكات المواطنين وموظفي الدولة.
وأضاف أن “إقليم كردستان سيكون، كما هو دائماً، جزءاً من الحل، لذا ندعو الأطراف السياسية المعنية في العراق إلى القدوم إلى أربيل، عاصمتهم الثانية، والبدء بحوار مفتوح جامع للتوصل إلى تفاهم واتفاق قائمين على المصالح العليا للبلد، فلا توجد هناك مشكلة لا يمكن حلها بالحوار”.
لا حوار بدون مقدمات
وتعقيبا على ذلك، قال المحلل العراقي، هاشم عبد الكريم، إن الأزمة في البلاد تزاد تعقيدا في ظل إصرار كل طرف على مطالبه، فبعد 10 أشهر على الانتخابات يعيش العراق شللا سياسيا حيث لم يتم التوافق لا على رئيس ولا رئيس وزراء جراء الانقسامات بين الفرقاء الشيعيين.
وأضاف عبد الكريم، في تصريحاته ، أن السياسات الخاطئة التي يقوم بها الإطار التنسيقي وضعت العراق على الهاوية بسبب انسداد الأفق السياسي، مؤكدا على ضرورة أن يتدارك الجميع الأمر قبل حدوث تسونامي شعبي يطال الجميع.
وحول مبادرة بارزاني، قال إنه لكي يستجيب المتظاهرون أو التيار الصدري، على قوى الإطار التنسيقي تهدئة الشارع عبر مقدمات تتضمن سحب ترشيح محمد شياع السوداني ومن ثم الجلوس والتفاوض.
وحول مطالب المتظاهرين، قال إنها لا تختلف عما طالبت به احتجاجات أكتوبر، وإذا ما أراد الإطار التنسيقي تشكيل حكومة فعلية أن يكون رئيس الحكومة من المستقلين عبر تشكيل حكومة مؤقتة برئاسة مستقل وتغيير القانون الانتخابي وحل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة، ومن ثم العبور بالعراق إلى بر الأمان.
وأكد على أن العراقيين يحتاجون إلى تغيير حقيقي وليس شكليا، ومن ثم الإبقاء على نفس السياسات التي أوصلت البلاد إلى الأوضاع الحالية، لا بد من إلغاء المحاصصة فهناك غضب بالشارع ضد مشروع التوافقية بعد فشله على مدار السنوات السابقة، محذرا من أن استراتيجية التظاهر تغيرت وأصبحت اعتصاما وقد يتوسع إلى مواجهات مسلحة واقتتال أهلي.
وأشار إلى أن سوء الأحوال السياسية السبب الرئيسي في تردي الخدمات العامة وارتفاع معدل الفقر وانتشار البطالة على الرغم من الثروة النفطية، لافتا إلى أن ما يحدث بيئة خصبة لتنظيم داعش وينذر بكارثة أمنية.
دعوات للتهدئة
من جانبها، دعت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى العراق القوى السياسية إلى “حل القضايا من خلال حوار سياسي بناء في الإطار الدستوري. في حين أن الحق في الاحتجاج السلمي ضروري للديمقراطية، يجب احترام القوانين ومؤسسات الدولة”.
كما حث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، جميع الأطراف على “تجاوز خلافاتهم وتشكيل حكومة وطنية فعالة من خلال الحوار السلمي والشامل، بحيث تكون قادرة على تلبية مطالب الإصلاح القائمة منذ فترة طويلة دون مزيد من التأخير”.
بدورها، دعت السفارة الأميركية في بغداد الأطراف السياسية العراقية من مختلف الأطياف إلى “الالتزام بضبط النفس والابتعاد عن العنف وحل خلافاتهم السياسية من خلال عملية سلمية وفقا للدستور العراقي”.