ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، أعلنت الصين عن مناورات في المياه المحيطة بتايوان، الأمر اعتبرته تايبيه عملا “غير عقلاني”، فيما أعربت اليابان عن قلقها من هذه التحركات، وسول تدعم بكين بالكامل”..
نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن نائب وزير الخارجية الصيني شيه فنغ شيه قوله بعد وصول رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان “هذه الخطوة شنيعة للغاية بطبيعتها وعواقبها وخيمة جدا”، مضيفا “الصين لن تقف مكتوفة اليدين”.
وعبر القادة الصينيون عن غضبهم من زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي لتايوان التي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها ووعدت بـ”إعادة توحيدها” بالقوة إذا لزم الأمر.
واستدعى نائب وزير الخارجية الصيني السفير الأمريكي لدى الصين نيكولاس بيرنز في وقت متأخر من مساء الثلاثاء وقدم بيانات صارمة واحتجاجات قوية على زيارة بيلوسي إلى تايوان، التي تعتبرها بكين تابعة لها. ووصف شي الزيارة بأنها “انتهاك خطير لمبدأ صين واحدة، والبيانات المشتركة الثلاثة الصينية الأمريكية، بحسب وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).
كما أوقفت الصين صادرات الرمال الطبيعية إلى تايوان فضلا عن وقف استيراد بعض الأسماك والفواكه من الجزيرة اليوم الأربعاء. وجاء في بيان صادر عن وزارة التجارة الصينية إن هذه الخطوة تستند إلى أحكام القانون ذي الصلة لكنه لم يذكر مزيدا من التفاصيل، وفقا لوكالة بلومبرج للأنباء. ومن جانبها قالت وزارة الخارجية الصينية “أولئك الذين يلعبون بالنار سيهلكون بها”.
وقال جيش التحرير الشعبي إنه في “حالة تأهب قصوى” معلنا عن مناورات عسكرية في المياه حول الجزيرة تبدأ اليوم (الأربعاء الثالث من أغسطس / آب 2022) وتشمل “إطلاق نار بالذخيرة الحية” في مضيق تايوان.
وينظر إلى هذه المناورات على أنها أكبر استعراض للعضلات العسكرية من بكين منذ أزمة مضيق تايوان عام 1995 عندما أطلقت الصين صواريخ فوق تايوان وأرسلت الولايات المتحدة مجموعتين من حاملات الطائرات. واستدعت وزارة الخارجية الصينية السفير الأمريكي لدى الصين، نيكولاس بيرنز، في وقت مبكر من صباح الأربعاء، للاحتجاج على زيارة بيلوسي. ولطالما اعتبرت تايوان، التي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، نفسها مستقلة.
وتسعى بكين لإبقاء تايوان معزولة عن المسرح الدولي وتعارض قيام الدول بمبادلات رسمية مع تايبيه. وتنظر بكين إلى الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي على أنها إقليم انفصالي سيتم توحيده يوما ما مع البر الرئيسي وحذرت الولايات المتحدة من السماح لبيلوسي بزيارتها.
تايوان: المناورات الصينية تنتهك سيادة الجزيرة
من جانبهم أعلن مسؤولون في تايبيه أن أكثر من 20 طائرة عسكرية صينية دخلت منطقة تمييز الهوية لأغراض الدفاع الجوي لتايوان (أديز) الثلاثاء، في تصعيد خطير أثناء زيارة بيلوسي.
وأعلنت وزارة الدفاع التايوانية أن التدريبات العسكرية الصينية تنتهك المياه الإقليمية للجزيرة. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع التايوانية سون لي-فانغ في مؤتمر صحافي إن “بعض قطاعات المناورات الصينية تتداخل (…) مع المياه الإقليمية لتايوان”. وأضاف أن “ذلك عمل غير عقلاني يهدف الى تحدي النظام الدولي”. وجاءت تصريحات الناطق باسم وزارة الدفاع التايوانية بعيد بيان للوزارة أكد الأربعاء أن التدريبات العسكرية الصينية تهدد الموانئ الرئيسية والمناطق الحضرية في الجزيرة، ووعدت بـ”تعزيز” الدفاعات والرد بحزم.
وقالت الوزارة إن التدريبات تشكل “محاولة لتهديد موانئنا ومدننا المهمة ولتقويض السلام والاستقرار الإقليميين من جانب واحد”.
قلق ياباني من التدريبات الصينية
وأعربت اليابان عن قلقها من “التحركات العسكرية المحددة الأهداف” التي توعدت الصين بالقيام بها ردا على زيارة نانسي بيلوسي لجزيرة تايوان، موضحة أن بعضها سيجري داخل المنطقة الاقتصادية الحصرية اليابانية. وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية هيروكازو ماتسونو إن “المناطق البحرية التي أعلن الجانب الصيني أنها ستستخدم في المناورات العسكرية اعتبارا من ظهر الرابع من آب / أغسطس (…) تشمل المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان”.
واضاف أن طوكيو “عبرت عن قلقها للصين نظرا لطبيعة النشاطات العسكرية” التي تشمل “إطلاق ذخيرة حية”. وتابع ماتسونو أن “السلام والاستقرار في مضيق تايوان مهم ليس فقط لأمن بلادنا ولكن أيضا لاستقرار المجتمع الدولي”، مشددا على أن “موقف اليابان الثابت كان دائما أنه يتوقع حل القضايا المتعلقة بتايوان بشكل سلمي عبر الحوار”.
كوريا الشمالية تعطي بكين “دعمها الكامل”
وانتقدت كوريا الشمالية الأربعاء ما وصفته بـ”التدخل الوقح” وقال متحدث باسم وزارة الخارجية في كوريا الشمالية إن بيونغ يانغ “ستدعم بالكامل” موقف بكين، محملا واشنطن مسؤولية إثارة التوترات في المنطقة. وأضاف المتحدث في بيان نشرته وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أن تايوان جزءا لا يتجزأ من الصين وقضيتها تتعلق بالشؤون الداخلية للبلاد، مؤيدا احتجاج بكين الشديد على الزيارة وحق الدول ذات السيادة ب”اتخاذ إجراءات مضادة”. وندد البيان “بشدة بأي تدخل لقوى خارجية في قضية تايوان”، مقدما “الدعم الكامل لموقف الحكومة الصينية العادل في الدفاع بحزم عن سيادة البلاد وسلامة أراضيها”.
والصين حليف قديم لكوريا الشمالية ومن أبرز داعميها اقتصاديا، لكن العلاقات بينهما مرت بحالات تقلب بسبب الطموحات النووية المتزايدة لبيونغ يانغ، ويقول الطرفان أنهما يعملان على إصلاحها.
بيلوسي: تضامن أمريكا مع تايوان أمر حاسم
والتقت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي رئيسة تايوان تساي إنج وين اليوم الأربعاء رغم غضب بكين. كما زارت بيلوسي برلمان تايوان. وتعد بيلوسي أبرز مسؤول أمريكي يزور الجزيرة منذ 25 عاما.
وقالت بيلوسي في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة تايوان “وفدنا…جاء إلى تايوان لكي يوضح بشكل لا لبس فيه أننا لن نتخلى عن التزامنا تجاه تايوان، ونحن فخورون بصداقتنا الدائمة”. وأضافت بيلوسي “اليوم يواجه العالم خيارا بين الديمقراطية والاستبداد” مشيدة بتايوان بوصفها “واحدة من أكثر(الديمقراطيات) حرية في العالم، وتفخر بأن تقودها رئيسة”. وتابعت بيلوسي “الآن، أكثر من أي وقت مضى، فإن تضامن أمريكا مع تايوان
أمر حاسم. وهذه هي الرسالة التي نحملها هنا اليوم”.
وتوقع المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي أن تواصل الصين “الرد على مدى أفق أطول أجلا” حتى بعد انتهاء زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان. ووصف كيربي، الذي شدد على أن زيارة بيلوسي “متسقة تماما مع سياستنا طويلة الأمد بشأن الصين الواحدة”، رد فعل الصين بأنه “للأسف، يتماشى تماما مع ما كنا نتوقعه”. وأضاف “لا يوجد سبب… أن تحول بكين هذه الزيارة، التي تتسق مع السياسة الأمريكية القائمة منذ فترة طويلة، إلى نوع من الأزمات، أو تستخدمها كذريعة لزيادة العدوانية والنشاط العسكري في مضيق تايوان أو حوله، الآن أو بعد سفرها (بيلوسي)”. وتابع “مستعدون لإدارة ما تختار بكين القيام به… لن ننخرط في تهديدات بالقيام بعمل عسكري”.