شن تنظيم داعش في عام 2014 هجوما على عشيرة الشعيطات في منطقة دير الزور في شمال-شرق سوريا واستمر الهجوم لعدة أشهر وخلف أعدادا كثيرة من الضحايا من أبناء العشيرة واختفى عدد آخر ونزحت أعداد أخرى من القبيلة ذاتها إلى مناطق أمنة. بالرغم من غياب سجلات دقيقة لعدد الضحايا حتى هذه اللحظة، قدرت صحيفة الاندبندت البريطانية ومركز توثيق الانتهاكات في شمال-شرق سوريا على أن عدد الضحايا يقدر بـ 700 شخصا خلال أول يومين من المجزرة. الناجون من العشيرة قد صرحوا أن عدد ضحاياهم على يد التنظيم قد فاق الـ 1700 شخصا من الأطفال والنساء إلى جانب نزوح نحو 150 ألفا من المنطقة.
حسب شهادة أحد الناجين من المجزرة: ” حدثت حوادث متفرقة ساهمت في تأجيج مقاومة الناس للتنظيم من جهة وفي توحشه ضدهم من جهة ثانية. فقد قتل داعش شخصًا من الشعيطات كان قادمًا لتوه من إحدى دول الخليج. هذا الرجل حاول تخليص شقيقه من عناصر التنظيم الذين كانوا يقتادونه لاعتقاله، فقتلوه لأنه قاومهم، كما قتل داعش أحد جيرانه بتهمه حمل السلاح ضده”. وأضاف الشاهد نفسه:” بتاريخ 15 آب 2014، وبعد تمكن تنظيم الدولة من السيطرة الكاملة على قرى الشعيطات، أصدر “شرعي” التنظيم فيما يُسميه التنظيم “ولاية الخير”، أي محافظة دير الزور، حكمًا يصف قبيلة الشعيطات بـ “الطائفة الممتنعة بشوكة” والذي أوجب قتل البالغين ومصادرة ممتلكاتهم”. استمر داعش في ملاحقاته اليومية لأبناء الشعيطات لثلاثة أشهر ونهب عناصره محتويات بيوت أبناء العشيرة وماشيتهم وسلبوا محلاتهم التجارية. الشعيطات قبيلة عربية مسلمة سنية ولا مبرر فقهي لداعش في إصدار الحكم المذكور الذي أخذه التنظيم من بطون كتب التطرف القديمة بهدف أقناع عناصره أن هذه القبيلة تستحق القتل والإبادة.
أضافة لدير الزور، ارتكب داعش المجزرة في بلدات مجاورة مثل أبو حمام، والكشكية، وغرانيج وحسب الوثائق التي قدمتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان: ” تم خلال المجزرة ذاتها مقتل قرابة 367 شخصاً، و240 مفقودًا، و33 ألف نازح في مدينة أبو حمام وحدها، التي تشكّل جزءًا صغيرًا من منطقة الشعيطات في شرق دير الزور”. صرحت عائشة، أحد الناجيات من المجزرة. ” كان عناصر التنظيم يقتلون أبناء المنطقة بدم بارد، حتى إن أحدهم كان يذبح شابًا وكأنه دجاجة، على مرأى من أعين المدنيين وسكان المنطقة. قتلوا زوجي رغم أنه مدني، ولم ينتسب لأي فصيل مسلح، بسبب محاولته الدفاع عن شاب آخر كانوا مقبلين على إعدامه”. قال أحمد العلي، أحد سكان الكشكية، أن عناصر التنظيم مارسوا القتل على الهوية مع سكان المنطقة وخصوصا أبناء عشيرة الشعيطات و “اﻟﻤﻬﺎﺟﻤون ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ كان معظمهم من الأجانب، حتى مؤذن الجامع، قُتل ﺫﺑﺤاً ﺑﺎﻟﺴﻜﻴﻦ”.
تضافرت جهود السلطات المحلية في شمال-شرق سوريا مع التحالف الدولي ودول أوربية في ملاحقة عناصر داعش الذين شاركوا في هذه المجزرة ومن قصص نجاح هذه الجهود هو القبض على أحد عناصر التنظيم الإرهابي في ألمانيا في عام 2022 واتهامه بارتكابه جرائم حرب وتعذيب في منطقة دير الزور بحق أبناء قبيلة الشعيطات. وجه الادعاء العام الألماني لهذا الشخص تهمة المشاركة في هجوم داعش على عشيرة الشعيطات في ريف دير الزور الشرقي-سوريا في آب/ أغسطس 2014، ما تسبب في مقتل أكثر من 700 فرد من أفرادها. وارتكب المتهم انتهاكات وتعذيب بحق ثلاثة أسرى في إطار المذبحة.
في تقرير نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بعنوان” مجزرة داعش المنسية في دير الزور” تم تقديم وصف تفاصيل المجزرة وأرقام الجثث التي تم اكتشافها كما وضح التقرير دور أبناء هذه القبيلة في هزيمة داعش:” بعد المجزرة، انضم شباب هذه القبيلة إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة داعش ولعب أبناء عشيرة الشعيطات دورا رئيسيا في القتال ضد التنظيم لاسيما على الجبهات الأمامية لمعارك الباغوز مما أدى في النهاية إلى إنهاء وجوده العسكري.” أطلقت عوائل الضحايا مبادرات مدنية لتوثيق المجزرة عبر سرد قصص المأساة للعالم وقال أحد أفراد العشيرة:” أنهم يسعون إلى بناء قضيتهم كقضية إنسانية وحقوقية وسياسية.”