تستعد حكومة قبرص لطرح مقترح على الاتحاد الأوروبي يدعو إلى اعتبار بعض المناطق السورية آمنة، من أجل تيسير عملية إعادة بعض لاجئي هذا البلد إلى موطنهم. وحسب نيقوسيا فالخطوة ترمي إلى الحد من تنامي تدفق اللاجئين وطالبي اللجوء مما يزيد من الضغط على مواردها.
مع وصول أعداد غير مسبوقة من المهاجرين وطالبي اللجوء السوريين إلى شواطئ قبرص، ترغب حكومة نيقوسيا في حث الاتحاد الأوروبي على إعلان أجزاء من سوريا التي مزقتها الحرب مناطق آمنة لإعادتهم إلى بلادهم.
في هذا السياق، قال وزير الداخلية قنسطنينوس يوانو في مقابلة “بدء مناقشة لإعادة تقييم مسألة سوريا أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا”.
وأضاف أن وزارة الخارجية تستعد لطرح الأمر على بروكسل رسميا.
وقال إنه في ظل تنامي الصراع في منطقة الشرق الأوسط، فإن بلاده تتوقع المزيد من تدفق اللاجئين وطالبي اللجوء مما يزيد من الضغط على مواردها.
وقال يوانو “لدينا خمسة أمثال المهاجرين في أي دولة عضو أخرى على حدود الاتحاد”. وتشير البيانات إلى أن معظمهم من سوريا.
تقول قبرص إنها تعمل على رفع قدرتها لاستضافة اللاجئين لكنها تريد من شركائها في الاتحاد الأوروبي إعادة تقييم سياسات التكتل.
وقال يوانو إن هذا يشمل بدء مناقشة حول وضع سوريا وما إذا كانت عودة اللاجئين إلى هناك آمنة بالإضافة إلى زيادة الدعم للبنان الذي يستضيف مئات الآلاف من اللاجئين.
واستشهد بتقرير صادر عن وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء في فبراير شباط قال إن التقييمات تشير إلى أن محافظتي دمشق وطرطوس السوريتين “لا يوجد فيهما خطر حقيقي لتعرض مدنيين لتأثر بشكل شخصي بالعنف العشوائي”.
وتشير تقديرات إلى أن أكثر من خمسة ملايين فروا من سوريا خلال الحرب الأهلية التي اندلعت قبل أكثر من عشر سنوات وتوجه معظمهم إلى لبنان وتركيا.
وعلى الرغم من وصول الصراع إلى مرحلة من الجمود في الوقت الحالي مع سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد على معظم أنحاء البلاد، فإن اللاجئين يواصلون مغادرة سوريا.
وأصبحت قبرص من المقاصد الرئيسية للمهاجرين بعد إغلاق نقطة انطلاق تركية صوب الجزر اليونانية في اتفاق أبرم في 2016 بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة.
وبلغت طلبات اللجوء في قبرص ذروتها عند حوالي 21565 في 2022، وهو أعلى مستوى منذ بدء التسجيل في 2002. وشهدت قبرص وصول 1043 سوريا على قوارب في أكتوبر تشرين الأول أي بزيادة ثلاثة أمثال عن العام الماضي. وفي نوفمبر تشرين الثاني، سجلت 795 وافدا أي ما يقرب من ثلاثة أمثال العدد المسجل في نوفمبر تشرين الثاني 2022.
ويعود جزء من الارتفاع إلى اختلاف في قبرص نفسها. ففي الفترة من 2019 إلى 2022، أصبحت البلاد جهة الاستقبال الحدودية الرئيسية لمسار جديد للمهاجرين من أفريقيا عندما دخل الآلاف إلى جمهورية شمال قبرص التركية غير المعترف بها بتأشيرات طلاب، ثم تم تهريبهم عبر خط وقف إطلاق النار إلى قبرص اليونانية المعترف به دوليا في الجنوب.
وتم إغلاق هذا الباب الخلفي نظريا من خلال تشديد الإجراءات الأمنية على طول “الخط الأخضر” الذي يبلغ طوله 180 كيلومترا مما أدى إلى انخفاض إجمالي عدد الوافدين بمقدار الثلثين هذا العام. لكن السلطات تشعر بالقلق من أنه إذا أغلق باب، فقد يُفتح آخر.
وتقول السلطات إن تدفق اللاجئين السوريين يتسارع. ففي وقت هدوء البحار يمكن أن يستغرق قارب صيد صغير من 18 إلى 20 ساعة للوصول من لبنان إلى قبرص.
وقال بيوانيس أرتيميو رئيس وحدة الموانئ والشرطة البحرية في مدينة فاماجوستا “شهد العامان الماضيان زيادة كبيرة، وبلغت ذروتها منذ أغسطس من العام الجاري”.
ويصل المهاجرون بشكل متكرر إلى الشاطئ عند منطقة كاب جريكو في شرق قبرص، إذ يقطعون مسافة 185 كيلومترا من سوريا أو لبنان.
وقال يوانو إن قبرص على اتصال وثيق مع لبنان الذي اعترض “الكثير” من السفن. وقال إن قبرص عرضت على لبنان المساعدة الفنية والدوريات المشتركة وتعتقد أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يقدم المزيد من المساعدة المباشرة له.
كما طرح فكرة “المناطق الآمنة” خارج الاتحاد الأوروبي حيث يمكن فحص طلبات اللجوء. وأضاف أن إيطاليا أعلنت بالفعل عن خطة لبناء مراكز في ألبانيا.
ولم ترد المفوضية الأوروبية على طلب للتعليق.
وفي جنيف، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الأربعاء أمام منتدى دولي حول اللاجئين إن الصراع بين إسرائيل وحماس في غزة يمكن أن يؤدي إلى مزيد من النزوح في المنطقة الأوسع نطاقا.