في عام 2014، شكل تنظيم داعش “كتائب الخنساء“ وهو أول كيان مسلح للنساء مكون من 1000 امرأة الذي نفذ أجندات التنظيم ومنها أكثر من 200 عملية إرهابية. كما شاركن هؤلاء النسوة في مهمات الشرطة في “دولة الخلافة” المزعومة وروجن لعقيدتها في أكثر من مكان. ساهم معظمهن في عمليات إرهاب المدنيين خلال سيطرة داعش على مدن في شمال – شرق سوريا وشمال – غرب العراق وساهمن أيضا في عمليات السبي وبيع السبايا وتعذيبهن في السجون وكان قسم كبير منهن مؤمنا بأيدلوجية داعش التي تشترط، قبل كل شيء، تقديم بيعة الولاء…قسم من عضوات كتائب الخنساء أو” الحسبة النسائية” حصلن على لقب “العضاضات“ وهي التسمية الشعبية التي أطلقها المدنيون في المدن التي كانت تحت سيطرة التنظيم. مارست هذه المجموعة من نساء التنظيم التعذيب السادي بحق الضحايا من النساء بعضّهن المناطق المكشوفة من جسد الضحية ولا تتوقف عملية العض إلا بانتزاع اللحم من الجسد. في حالة مخالفة أي امرأة لـ “اللباس الشرعي” الذي حدده التنظيم، كان يتم اعتقال هذه المرأة التي لا حول لها ولا قوة ووضعها في قفص وتحاط بجماجم لضحايا سابقين ويوضع القفص في شاحنة ويتم عرضها في الشوارع والساحات العامة بغرض تخويف النساء من مخالفة “اللباس الشرعي.” معظم النساء اللواتي تعرض لهذه التجربة أنتهى بهن الأمر في مشافي الأمراض العقلية كنتيجة للتجربة القاسية التي تركت فيهن أثرا مروعا.
بعد هزيمة الباغوز، أخر معاقل داعش، تم احتجاز هؤلاء النسوة في مخيم الهول (40 كم شرق الحسكة، سوريا) وقسم منهن بدأ بالتبرؤ من فكر التنظيم (الداعشيات التائبات) بعد اكتشافهن جوانبه الظلامية والإجرامية واكتشافهن الخديعة التي وقعن فيها والتي أوصلتهن إلى مخيم احتجاز ولا مستقبل واضح في الأفق. قسم أخر من هؤلاء النسوة استمر في ولائه لداعش وزعيمه المزيف واستمر في استلام الأموال من خارج المخيم بهدف تمويل عمليات إرهابية داخل المخيم كقتل “الداعشيات التائبات” وتدريب الصبيان، “أشبال الخلافة”، بهدف تنفيذ عمليات أخرى وتنفيذ محاولات الهروب بالتعاون مع دواعش من خارج المخيم.
بهدف تقليل عدد المحتجزات في المخيم، إدارة الهول التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والتي تنسق جهودها مع التحالف الدولي لمكافحة داعش لم تتوقف عن التنسيق مع الدول المجاورة والدول الأوربية والتي لم تحقق نجاحا ملموسا، حتى هذه اللحظة، في اغلاق المخيم وترحيل نساء المخيم إلى دولهن الأصلية. بعد تقديم ضمانات من شيوخ القبائل في شمال – شرق سوريا، تم إخلاء العوائل السورية المحتجزة في المخيم وبعض النساء المتهمات بالانتماء للتنظيم (بعد ثبوت توبتهن من الفكر الظلامي) وحدث سيناريو مماثل للعوائل ونسوة داعش من حملة الجنسية العراقية مع الاختلاف في بعض التفاصيل الصغيرة.
سواء كن ضحايا أو إرهابيات، لا يوجد حل عملي لمشكلتهن حتى هذه الساعة وإدارة المخيم تستمر، بالتنسيق مع التحالف الدولي، في محاولة نقلهن إلى بلدانهن الأصلية وتباين رد الفعل بين قبول ورفض تام. بعض الدول الأوربية عرضت استقبالهن وإدخالهن في مراكز “إعادة تأهيل” ودول أخرى قررت اخضاعهن للتحقيق كونهن متهمات بنشاطات إرهابية أو عبور الحدود بطرق غير شرعية أو تهم أخرى. شميمة بيكوم أو “عروس داعش” من أشهر الأسماء التي تداولتها وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي والتي خسرت قضية استئناف في بداية عام 2024. عندما كانت مراهقة بعمر الـ 15، جندها التنظيم عبر الإنترنيت مع فتاتين أخريين والذي جعلها تهرب من لندن إلى سوريا لتلتحق بداعش. بعد وصولها إلى سوريا، تزوجت بيكوم أحد عناصر التنظيم وفي عام 2019، عٌثر عليها وهي حامل في مخيم الهول وبعدها جردتها بريطانيا من جنسيتها وحاولت استئناف القرار ولا جدوى من محاولاتها. يبقى مصير هذه المرأة مجهولا ولا دليل على كونها ضحية أم عضوة ناشطة في هذا التنظيم الجهادي الذي حاول تدمير البشر والحجر. لا دليل على أي شيء سوى إنها كانت ضحية خديعة كبيرة دفعتها إلى ساحات الحرب أولا ثم إلى مخيم احتجاز ثانيا وفي النهاية هي، الآن، تنظر مستقبلا مجهولا.