• الثلاثاء. يناير 7th, 2025
1
1

امتنع المسلمون في أوقات الحرب عن الكثير من الأمور التي حددها الحديث النبوي الشريف:”لا تقتلوا طفلا ولا شيخا ولا امرأة ولا أسيرا ولا تقطعوا شجرة،

كتب تحترق على يد داعش

وستجدون أناسا في معابدهم وكنائسهم، فدعوهم وما يعبدون” والذي صار، عبر التاريخ الإسلامي، يمثل القواعد الأخلاقية في زمن الحرب ومنع الجيوش الإسلامية من تخريب المدن والآثار التاريخية وممتلكات الناس. عناصر داعش مطلعون، بلا شك، على هذا الحديث النبوي الشريف لكن نفاقهم الصريح منعهم من العمل به حين احتلوا بلدات ومدن في العراق وسوريا ورفعوا معاول الهدم في المواقع الآثارية التي شكلت لقرون جزءاً من التاريخ الثقافي للبلدين.

إضافة لتهريب الآثار والذي حرمته الشريعة، مارس الدواعش نفاقهم الواضح حينما بدأوا في تهديم وتخريب أكثر من معلم ثقافي أو تاريخي في المدن والبلدات التي صارت تحت سيطرتهم. في شباط / فبراير من عام 2015، أقدم الدواعش على تفجير الساعة التي تقع في أعلى كنيسة الساعة الأثرية في الموصل بعد نهب كافة محتوياتها وفي عام 2016 قام الدواعش بتفخيخ الكنيسة ذاتها وتفجيرها والتي كانت تعتبر من معالم المدينة ودليل على تنوعها الثقافي والديني. في 19 آذار / مارس من عام 2015، أحرق الدواعش دير مار بهنام الذي يبعد 30 كم جنوب شرق الموصل – محافظة نينوى (شمال العراق) ودمروا محتوياته. يعلم عناصر التنظيم أن هذه الأعمال تتعارض مع أخلاق المسلمين في أوقات الحرب والسلم ومع الحديث النبوي الشريف المشار إليه مسبقا. في الفترة ذاتها، فجر عناصر التنظيم مقامات الأيزيديين في غرب الموصل ومقامات النبي يونس والنبي شيت كما دمروا جامع النوري ومنارته الحدباء في 21 يونيو/حزيران من عام 2017 وهو الجامع ذاته الذي أعلن منه البغدادي قيام “خلافته” المزيفة في عام 2014. في عام 2017، دمر الدواعش واجهة المسرح الروماني والتترابيلون في مدينة تدمر الأثرية في محافظة حمص (وسط سوريا) وحسب تصريح اليونسكو، الذي صدر وقتها، أن الذي جرى في تدمر يعتبر “خسارة كبرى للشعب السوري والإنسانية جمعاء”. حسب المنظمة ذاتها، الأضرار الهائلة التي سببها داعش في سوريا كانت في حلب القديمة والتي كانت ضمن قائمة المواقع الأثرية العالمية وبعدها وصل تخريب الإرهابيين إلى المسجد الأموي الكبير والقلعة وغيرها من المواقع التاريخية المهمة في المدينة وضواحيها.

نشر داعش في 26 شباط / فبراير من عام 2015 مقطع فيديو يظهر عناصره وهم يحطمون تماثيل وآثار يعود تاريخها إلى آلاف السنين في متحف مدينة الموصل. في الفيديو ذاته، أستخدم الدواعش مطارق وآلات ثقب كهربائية وغيرها بهدف تخريب محتويات المتحف ومنها ثور مجنح ضخم يعود للحقبة الأشورية مع قطع آثارية تعود للحقبة البارثية والحقبة التي سبقت دخول المسيحية إلى العراق، حسب تصريحات الخبراء والمختصين بالآثار. لم تسلم قبور الخلفاء المسلمين والصحابة من معاول تخريب داعش فهم وبالرغم من ادعائهم الكاذب بإتباع نهج “خلافة على منهاج النبوة” تجدهم يعلنون نفاقهم الواضح بتهديم ضريح الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك وضريح الصحابي عبد الله بن مسافع القرشي في بلدة مرج دابق كما دمر الإرهابيون عددا من الأضرحة والمقابر في شمال حلب.
.
بعد احتلال داعش للموصل، استهدف الإرهابيون المركز الثقافي الجامعي والمتاحف الجامعية السبعة ومكتبة الجامعة المركزية التي تأسست في 1967 وتجاوزت محتوياتها المليون كتابا وتعتبر من أهم المكتبات الأكاديمية في العراق والعالم العربي. وصفت اليونسكو تدمير مكتبة جامعة الموصل بـ “أحد أكثر أعمال التخريب المدمرة لمقتنيات مكتبة على مدى التاريخ الإنساني” وعمليات حرق الكتب وتدمير المكتبات لم تقتصر على مكتبة جامعة الموصل وحدها بل شملت مكتبات أخرى وصلتها نيران الإرهاب. تعرضت أيضا مكتبة الموصل العامة لتخريب الدواعش ومصادرة محتوياتها وحرقها في الساحات العمومية وهذه المكتبة من أقدم مكتبات المدينة وتجاوز عمرها المئة عاماً. لم تسلم مكتبات المدارس في الموصل وضواحيها ولا مكتبات مدارس محافظة صلاح الدين (شمال العراق) ولا المكتبات الجامعية الأخرى من محارق الكتب التي أعدها عناصر داعش خلال فترة حكمهم المظلمة. تعرضت المكتبات في مدينة الرقة إلى مصادرة وحرق محتوياتها في الأماكن العامة ومنها مكتبة المركز الثقافي التي حملت رفوفها أكثر من 60 ألف كتابا. هذه المكتبة كانت مميزة، عبر 60 عاما من وجودها، عن باقي مكتبات المراكز الثقافية في سوريا بعدد ونوعية الكتب التي كانت على رفوفها وفي زمن داعش صارت شاهدا على معاول الهدم التي استخدمها الدواعش بهدف إشاعة الفكر الظلامي المتخلف. تعتبر مكتبة بورسعيد من أقدم مكتبات الرقة الأهلية وتعرضت محتوياتها للمصادرة والحرق في الساحات العامة وهذه الأفعال دليل قاطع على كراهية عناصر التنظيم للثقافة والمكتبات والآثار ودليل قوي على نفاقهم وخروجهم الواضح وضوح الشمس عن الدين والشريعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *