• الخميس. نوفمبر 21st, 2024

في استذكار الضحايا: مجزرة البونمر

لأن أبناء عشيرة البونمر قاوموا تقدم داعش في محافظة الأنبار-غرب العراق، ارتكب عناصر التنظيم جرائم وحشية انتقامية بحقهم أخذت صدى كبيرا على مستوى العراق والعالم وترسخت في ذاكرة العراقيين باسم مجزرة البونمر. حسب موقع مؤتمر صحوة العراق، أن ” البونمر استوطنوا الصحراء ما بين الموصل والأنبار وصلاح الدين، ويسكنون الآن بشكل رئيسي في قضاء هيت-محافظة الأنبار”. في نوفمبر من عام 2014، صرح الشيخ نعيم الكعود، وهو أحد القيادات البارزة في رئاسة هذه العشيرة، للإعلام العربي أن “قبيلته تتعرض لهجمة كبيرة تقودها عصابات “داعش” تستهدف حياتها ووجودها.” وفي تصريح للشيخ العكود لقناة بي بي سي: ” أن أكثر من 500 من أبناء العشيرة قتلوا على يد تنظيم داعش في محافظة الأنبار وأن عناصر التنظيم قد جعلوا أكثر من 30 من أبناء العشيرة يقفون في صفوف وأطلقوا عليهم النار في قرية رأس الماء في غرب العراق. وكان بين القتلى أطفال ونساء وأن 25 آخرين من أبناء العشيرة أعدموا في حي آخر، بينما عثر على أكثر من 40 جثة أخرى في بئر. كما قام عناصر التنظيم بقتل 50 نازحا من أبناء العشيرة ذاتها.”

قبر جماعي في العراق
قبر جماعي في العراق


في تصريح لصحيفة عربية واسعة الانتشار، قال الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي:” ما أقدم عليه تنظيم داعش بإعدامه المئات من أبناء عشيرة البونمر كان بمثابة رسالة مفادها أن كل من يتصدى لنا فأن مصيره سيكون كحال أبناء هذه القبيلة الذين تصدوا لهذا التنظيم وقاوموا حتى اللحظات الأخيرة.” أضاف الفهداوي:” يبدو أن السحر انقلب على الساحر، إذ إن هذه المجزرة خلقت رأيا عاما مشحونا بالغضب في عموم محافظة الأنبار ولدى كل عشائرها، وأوغرت هذه المجزرة البشعة صدور الرجال بالغضب وبدأ أبناء العشائر يلتحقون بمراكز التدريب من أجل بدء مرحلة إخراج داعش من المحافظة.” لم يقف أبناء هذه القبيلة مكتوفي الأيدي بل بدأوا التنسيق مع القوات العراقية والتحالف الدولي وقبائل الأنبار الأخرى بهدف مواجهة داعش وتحقيق العدالة لأهالي الضحايا. حسب تصريح محمود النمراوي، شيخ القبيلة، في 2014، نفذ أبناء قبيلة البونمر بالتنسيق مع القوات العراقية ” عملية نوعية في منطقة 35 كيلو الواقعة بالقرب من قضاء هيت، مما أسفر عن مقتل والي قضاء هيت المدعو طالب مصعب مزعل الملقب بأبو إيهاب ومساعده وأبو إيهاب هو المشرف على مجزرة عشيرة البونمر في التل الأسود في قضاء هيت.”


بالتنسيق بين أبناء قبائل الأنبار وبين التحالف الدولي والقوات العراقية استمرت التحضيرات لتحرير قضاء هيت والبلدات المجاورة له حتى عام 2016 حين بدأت عمليات تحرير القضاء. في منتصف نيسان / أبريل 2016، تم تحرير قضاء هيت كاملا من الإرهاب حسب بيان خلية الإعلام الحربي العراقية الذي نشرته وكالة الصحافة الفرنسية. قال الشيخ نعيم الكعود قائد قوات ابناء العشائر للوكالة “لقد تم اليوم تحرير هيت بالكامل وطرد جميع الارهابيين وبينهم من قتل او استسلم.” كما أكد صباح النعمان المتحدث باسم جهاز مكافحة الارهاب للوكالة أن “قوات مكافحة الارهاب تمكنت من تحرير مدينة هيت بالكامل بدعم من طيران التحالف الدولي والطيران العراقي.” بعد تحرير المنطقة من الظلاميين، عاد النازحون إلى بيوتهم في منطقة البونمر في هيت وبدأت الجهود المؤسساتية في ملاحقة عناصر التنظيم وخصوصا الذين ارتكبوا المجزرة. دخلت فرق دولية ومحلية إلى المنطقة أيضا بهدف البحث عن أي دليل يقود إلى مقبرة جماعية للضحايا الذين أخفوا داعش أي أثر لهم.


في عام 2020، اعتقلت السلطات العراقية شخصين أشرفا على مجزرة البونمر كان يعملان في “ولاية الفلوجة” في “ديوان الجند” حسب اعترافاتهما لجهاز الأمن الوطني العراقي. واستمرارا للجهود الحكومية في ملاحقة المجرمين الذين تورطوا في هذه المجزرة، أصدرت محكمة جنايات الكرخ في بغداد عام 2021 الحكم بالإعدام شنقا للإرهابي عمار مهدي الجبوري الذي كان قياديا في داعش ومن المتورطين في عمليات القتل في البونمر. كما بدأت وزارة الصحة العراقية في فتح أول مقبرة جماعية في قضاء هيت وبدأت أيضا بجمع عينات من ذوي الضحايا والتي تهدف إلى إنشاء قاعدة بيانات للمفقودين من أبناء العشيرة لمطابقتها مع عينات الجثث وتسليم الجثث للأهالي بأسرع وقت ممكن. السلطات المحلية والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان وأهالي الضحايا يستذكرون هذه المجزرة كل عام وملاحقة الإرهابيين خارج وداخل البلاد تستمر وتتواصل كذلك عملية نشر معلومات جديدة في الإعلام المحلي عن ضحايا هذه المجزرة التي ساهمت بشكل كبير في تأجيج الغضب الشعبي في الأنبار والعراق برمته ضد عناصر داعش وفكرهم الظلامي وخلافتهم المزيفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *