لا يمكن نسيان فيديو حرق الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، في يناير 2015، بعد أسره من قبل عناصر داعش والذي أثار صدمة كبيرة عربياً وإسلامياً وعالمياً والذي أثبت وحشية هذا التنظيم وقسوته المفرطة. بعدها بفترة قريبة، أحرق الدواعش ثلاثة أشخاص في قضاء هيت – محافظة الأنبار في غرب العراق بتهمة التجسس حين أحرق الدواعش 3 من أهالي قضاء هيت حرقا حتى الموت وسط المدينة وأمام الأهالي بتهمة “تزويد القوات الأمنية العراقية بمعلومات عن التنظيم”.
استمر الدواعش، في أوقات لاحقة، في تنفيذ عقوبة الحرق بحق ضحايا عزل أخرين لأسباب مختلفة. في قضاء الحويجة – محافظة كركوك في العراق، أعدم داعش في عام 2016 عشرين شابا حرقاً لرفضهم الالتحاق بصفوفه. قال الشيخ نايف النعيمي، وهو أحد الوجهاء العشائريين في الحويجة: “إن “تنظيم داعش أحرق 20 شاباً من المحتجزين لديه في قاعدة البكارة داخل مدينة الحويجة.” وقد أوضح النعيمي أن “حرق هؤلاء الشباب جاء على خلفية رفضهم الانضمام إلى صفوف مقاتلي التنظيم”. بسبب رفضهن التحول إلى جواري لدى التنظيم، قام الدواعش في عام 2016 بحرق 19 فتاة أزيدية في الموصل بطريقة مشابهة لحرق الكساسبة حيث تم وضعهن في أقفاص حديدية وتم إضرام النار فيهن في مكان عام.
نشر داعش في عام 2017 شريط فيديو يظهر عناصر داعش يعدمون حرقاً الطيار السوري، الرائد عزام عيد، الذي كان ببذلته الحمراء مقيداً بأغلال ومربوطاً إلى شجرة وهو يصرخ من شدة الألم حينما كانت النار تلتهم جسده. في العام ذاته، أحرق الدواعش 15 مدنياً في ناحية العباسي التابعة لقضاء الحويجة – جنوب غرب محافظة كركوك (شمال العراق). ضحايا عملية الحرق هذه هم من ثلاث عوائل بينهم أطفال والتهمة التي وجهت لهم هي ” ترك أرض الخلافة” وقد تم وضع مادة النفط الأسود الخام على أجساد الضحايا بعد تقييدهم وحرقهم أمام المدنيين في مكان عام كما “توعد التنظيم المدنيين الذين يهربون بالحرق دون الاعتقال أو السجن.”
أحدثت عقوبات الحرق التي مارسها التنظيم (بدءاً من حرق معاذ الكساسبة) جدلا كبيرا بين قيادات داعش وقواعده فقسم من هؤلاء اعترض على هذا النوع من العقوبات لغياب أرضية فقهية تبررها وقسم أخر وافق عليها كونها تتوافق مع التأويل المشوه للفقه وتخدم أجندات دولة الخلافة المزعومة. اعترف أبو القاسم السوري، أمير مخازن داعش في سوريا والعراق، أن حرق معاذ الكساسبة خطأ استمر التنظيم في الندم عليه وأضاف الأمير المنشق الذي التقى الطيار الأردني لدى نقله إلى الموصل أن حرق هذا الرجل قد أحدث تحولا كبيرا في أراء الكثير من أمراء وعناصر التنظيم في الخلافة المزعومة وأهدافها. حسب مقابلة متلفزة مع أسماء محمد، زوجة أبو بكر البغدادي، قالت: ” أن حرق معاذ الكساسبة كان أمرا مقززا ومثيرا للاشمئزاز ولا يوجد مبرر لهذه الفعلة.” أضافت أسماء”: أن أمر الحرق كان محل نقاش ولا أعرف من كان صاحب القرار وكيف تم الوصول إليه ولم يقبل الناس به.” روت ميار هيثم، زوجة بلال بن مقدات، أحد المنشقين عن داعش، أن زوجها قد وصف لها عملية حرق الكساسبة المروعة وكيف رفض زوجها هذه العملية وأصيب بخيبة أمل كبيرة جرائها والتي دفعته أخيرا إلى ترك التنظيم. قسم أخر من عناصر التنظيم وقياداته استند إلى فهم خاطئ لفتوى قديمة شاذة تجيز حرق الضحية ضمن شروط محددة واعترض الفريق الأخر على هذه الفتوى لعدم وجود حد الحرق في الشريعة.
استنكر شيخ الأزهر، أحمد الطيب، في بيان جريمة حرق الطيار الأردني ووصفها بالعمل الإرهابي الخسيس وأكد الدكتور عبد الرحمن السديس، إمام الحرم المكي الشريف، أن” الإسلام بريء من كل هذه الأفعال الوحشية”. أما الداعية السعودي سلمان العودة فقد انتقد قتل الكساسبة بهذه الطريقة قائلا: “التحريق جريمة نكراء يرفضها الشرع أيا تكن أسبابها وهو مرفوض سواء وقع على فرد أو جماعة أو شعب ولا يعذب بالنار إلا الله.”