موسكو – مع استمرار أمد الغزو الروسي لأوكرانيا، بدت علامات هزائم متعددة للجيش الروسي في أوكرانيا خاصة خلال الأسابيع الأخيرة، ونتيجة لذلك تعمد روسيا من خلال مجموعة فاغنر شبه العسكرية إلى تعزيز قواتها القتالية في أوكرانيا من خلال تجنيد للسجناء في السجون الروسية للزج بهم في المحرقة الأوكرانية.
وتحدث تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عن لقطات مسرّبة أظهرت مؤسس مجموعة فاغنر الروسية للمرتزقة وهو يحاول تجنيد سجناء للقتال في أوكرانيا.
وبيّنت الهيئة، أنها تمكنت من التحقق من الفيديو، ويمكن مشاهدة يفغيني بريغوجين، وهو يخاطب مجموعة كبيرة من السجناء، قائلا لهم إن “الفترات المحكوم بها عليهم يمكن تخفيفها في مقابل الانضمام إلى الخدمة في صفوف مجموعة فاغنر”.
والفيديو المسرّب يؤكد صحة التقارير المتداولة منذ فترة عن محاولات روسيا تعزيز قواتها العسكرية عبر تجنيد أشخاص مُدانين بأحكام قضائية.
روسيا وأوكرانيا
الصراع الروسي الأوكراني
وفي الفيديو يؤكد بريغوجين أن “أحدا لن يعود وراء أسوار السجن” إذا انضم إلى صفوف مجموعة فاغنر، وخاطب السجناء قائلا “إذا خدمت ستة أشهر في صفوف فاغنر، فأنت حر”. لكنه في الوقت ذاته يحذر المجندين المحتملين من مغبة الهروب من الخدمة قائلا “إذا وصلت إلى أوكرانيا وقرّرت أنك لست معنيا بالأمر، فستواجه الإعدام ميدانيا”.
كما أبلغ بريغوجين مستمعيه من السجناء بقواعد وأحكام مجموعة فاغنر التي تحظر تناول الكحول وتعاطي المخدرات و”الاتصال الجنسي بالنساء المحليات وبالرجال وبالحيوانات والنباتات – وبأيّ شيء”.
وألمح بريغوجين، خلال حديثه للسجناء، إلى ما تواجهه روسيا من صعوبات في حربها في أوكرانيا، حيث قال إن “هذه حرب صعبة، أصعب حتى من حرب الشيشان ومن حروب أخرى”.
ونقل التقرير عن مصادر أن الشخص المتحدث في الفيديو هو بريغوجين، وقال أحد تلك المصادر “هذا هو صوته. هذه رنة الصوت، وتلك لزماته في الحديث.. أنا واثق بنسبة 95 في المئة، أن هذا هو (بريغوجين) وأن الفيديو لم يخضع للمونتاج”.
من جهة ثانية، امتنعت شركة “كونكورد”، التي يمتلكها بريغوجين، عن إنكار أنه هو الشخص الذي يظهر في الفيديو، لكنها أشارت إلى تشابه “هائل” بين بريغوجين والشخص الذي يظهر في الفيديو.
وبحسب التقرير، فإن بريغوجين يقول للسجناء إن المنتسبين إلى مجموعة فاغنر يجب أن يكونوا “في حالة صحية وهيئة جسدية جيدة”، .قبل أن يكشف عن أن الـ40 الأوائل من المنتسبين إلى مجموعة فاغنر من أحد سجون سانت بطرسبورغ، تم نشرهم في أثناء هجوم على محطة فوهليهيرسكا للطاقة في شرق أوكرانيا في يونيو الماضي.
ويروي بريغوجين، للسجناء في الفيديو، أن السجناء اقتحموا خنادق الأوكرانيين وهاجموا قواتهم بالأسلحة البيضاء، مبينا أن ثلاثة من الرجال لقوا مصرعهم، .وكان بينهم شخص في الـ52 من عمره كان قد قضى أكثر من ثلاثين عاما في السجن.
ويختم بريغوجين، حديثه للسجناء، أنه ينبغي أن يقتلوا أنفسهم بقنابل يدوية حال تعرضوا لخطر الوقوع في الأسْر.
وتعتبر مجموعة فاغنر أشهر شركة أمنية روسية، يعمل تحت اسمها المئات من المرتزقة الروس، وتتولى حسب تقارير صحافية تنفيذ ما يوصف بالعمليات القذرة في مناطق النزاع المختلفة.
والمعلومات المتوفرة عنها أن تأسيس المجموعة كان عام 2014 على يد العميد السابق في الجيش الروسي ديمتري أوتكين، الذي يخضع لعقوبات أميركية على خلفية دوره في الأزمة الأوكرانية عام 2014؛ .حيث قاتل في شرق أوكرانيا إلى جانب المتمردين الانفصاليين.
وتعتبر هذه المجموعة، جزءا أساسيا من الإستراتيجية الأوسع لروسيا المتمثلة في الحرب الهجينة، .فهي مزيج من العدوان الحركي والإعلامي لتعزيز المصالح الروسية، عبر نشر مقاتلين يرتدون أزياء غير الزي الرسمي للجيش الروسي، كما حدث في شبه جزيرة القرم في 2014.
ونقلت فاغنر الآلاف من عناصرها منذ فبراير الماضي للقتال في أوكرانيا التي حذرت من وجودهم وارتكابهم لجرائم ضد الإنسانية.
وأوضحت تقارير سابقة أن مرتزقة ينتمون إلى مجموعة فاغنر التحقوا بمهمة للإطاحة بالحكومة الأوكرانية، مقابل مكافأة مالية مجزية، وذلك في نهاية فبراير الماضي.
وأضافت التقارير أن أكثر من 400 مرتزق روسي يعملون في كييف بأوامر من الكرملين لاغتيال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وتمهيد الطريق لموسكو لتولي زمام الأمور.
وفي هذا السياق، برزت سوريا كأرض تجنيد لمجموعة فاغنر والجيش الروسي، ففي مارس الماضي أفادت عدة تقارير إعلامية عن وجود إعلان لمجموعات محلية مرتبطة بفاغنر، تتعهد بدفع راتب بنحو 3000 دولار للمقاتلين السوريين ذوي الخبرة القتالية، من أجل القتال في أوكرانيا.
وأكدت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، في مارس الماضي، حصولها على معلومات تفيد بمشاركة شركة أمنية سورية بنقل مقاتلين سوريين موجودين في ليبيا إلى سوريا تمهيدا لنقلهم إلى روسيا للمشاركة في المعارك الدائرة على الأراضي الأوكرانية إلى جانب الجيش الروسي.
وأكدت المنظمة في تقرير لها أن العملية تديرها شركة فاغنر بمساعدة شركات أمنية سورية.
وكشفت مصادر في يناير الماضي أن شركتي “السند”، و”القلعة” بدأتا مؤخرا استقبال طلبات مترجمين من العربية إلى الروسية ومدرّبين وجرّاحين ومعالجين وأطباء أسرّة ومهندسين وطهاة وسائقين، بالإضافة إلى الرجال العسكريين كخبراء المتفجرات والمقاتلين الفرديين.
وأوضحت المصادر أن الشركتين تؤكدان للمتقدمين أن العقود المبرمة تنص على الخدمة مع “فاغنر” الروسية في إقليم دونباس، وتنص الوثيقة على نشر المرتزقة في البلاد بالتنسيق مع الجيش الروسي، ولحماية المصالح الروسية هناك.