• السبت. نوفمبر 23rd, 2024

داعش والتهريب (الجزء الأول)

أغسطس 23, 2024

التهريب في المعاجم هو جلب السلع وإدخالها إلى البلاد خلسة إما لأنها ممنوعة ، أو للتهرب من دفع ما عليها من الضرائب. أما في
الفقه فقد أجمع العلماء على أنه لا يجوز العمل في تهريب السلع التي تمنع الحكومة إدخالها إلى بلادها؛ لما في ذلك من المخاطرة والضرر، اللذين يعرضان الأموال للضياع والتلف، مع ما في ذلك من الذل والإهانة، واحتمال المحاكمة المؤدية إلى السجن وتوسعت الفتاوى إلى تحريم تهريب العملات والآثار وتهريب البترول والبشر.

مهربي الغاز


بعد خروج قطعان داعش من أقبيتها السرية، بدأت عمليات القتل والتخريب في شمال-شرق سوريا وشمال-غرب العراق في عام 2014، شهد العالم الجرائم التي ارتكبها عناصر التنظيم بحق المدنيين العزل في قرى وبلدات عراقية وسورية بحجة تطبيق الشريعة الإسلامية حسب النسخة الداعشية المتطرفة. لم يتأخر عناصر التنظيم عن ممارسة الاعتقال الكيفي وإعدام الأبرياء في الساحات العامة والاستيلاء على المدارس والمصانع والمباني الخاصة والعامة وإرهاب المدنيين العزل عبر وسائل غريبة مثل فرض زي موحد على النساء وتفتيش البيوت بحثا عن “ممنوعات” وسرقة بيوت المواطنين الذين نزحوا إلى مناطق أخرى.
احتاج التنظيم إلى مصادر لتمويل نشاطاته ورواتب عناصره وتكاليف معيشتهم وغيرها من التكاليف والتهريب كان أهم هذه المصادر. لم يقتصر التهريب على بضاعة معينة بل بدأ بتهريب البترول وشمل الآثار الوطنية في العراق وسوريا وتهريب البشر والسلاح والعملات بهدف جلب الأموال للخليفة المزعوم وباقي قادة التنظيم أو”الأمراء” المزعومين كما شاعت التسمية.

حسب تقرير نشره موقع CNN بالعربي عام 2014:” يقوم تنظيم داعش بتحصيل جزء من الأموال التي يحتاجها للإبقاء على دولته وتمديدها ففيها تجري أكبر عمليات تهريب للنفط وتشمل ملايين البراميل.” أضاف التقرير: “لكن الفظائع التي بثها التنظيم بنفسه من خلال قطع الرؤوس وغير ذلك، جددت الضغوط القوية عليه وبالتالي ضيّقت من سهولة حصوله على الموارد. فقد دمّر طيران التحالف عدة منشآت نفطية يسيطر عليها التنظيم بهدف التأثير على موارده المالية.” استنادا لتصريح مدير برنامج متخصص بمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى:” للتنظيم أساليب أخرى أيضا من أبرزها الجريمة المنظمة داخل الأراضي التي يسيطر عليها وأنّ داعش ينشط باعتباره مؤسسة صلبة منظمة على الجريمة وهذا يعني أنّه يمكنه طلب المال من أي شخص يوجد في المنطقة التي يسيطر عليها. وعلى كل من يرغب في النشاط الاقتصادي داخل منطقة يسيطر عليها التنظيم فعليه أن يدفع الضرائب وعلى كل شاحنة تستخدم جسرا أو طريقا سريعا توجد في منطقة يسيطر عليها مسلحو التنظيم، أن تدفع مبلغا معينا لذلك. وتشير التقارير إلى أنّ السكان القاطنين تلك المناطق يدفعون عمليا مقابل كل شيء.”

ورد في التقرير ذاته “أن كل من يرغب من سكان الموصل في سحب أمواله من البنك، مطالب بأن “يتبرع” بشيء من ذلك المبلغ للتنظيم. لذلك فإنّ سيطرة التنظيم على أراض هو ما منحه فرصة اتباع هذا الأسلوب على خلاف تنظيم القاعدة الذي لم يفرض سطوته على أراض من قبل. والأمر يتعلق بالتقليد المغرق في القدم والذي يلخص مفهوم الغزو وفرض السطوة. فما تأخذه هو ما تملكه.” كما أن التقرير قدم شرحا تفصيليا عن عملية تهريب البترول:”يستخرج النفط من الآبار وتتم تصفيته في منشآت تكرير استولى عليها مسلحو “داعش” في العراق وسوريا وحتى وقت قريب، كان من أسهل ما يكون إدخال النفط إلى دولة مجاورة عبر الحدود لاسيما مع ثمنه الزهيد وارتفاعه الكبير في أماكن أخرى والذي يغري تجار السوق السوداء.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *