• الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

أزمة الديون الضخمة.. كيف تجعل الاقتصاد العالمي أكثر هشاشة؟

يونيو 17, 2022 #ركود تضخمي

المصدر

الديون الضخمة تجعل الاقتصاد العالمي أكثر هشاشة مما كان عليه قبل 40 سنة (غيتي)

يقول الكاتب مارتن وولف، في مقاله بصحيفة “فايننشال تايمز” (Financial Times)، إن الديون الضخمة تجعل الاقتصاد العالمي أكثر هشاشة مما كان عليه قبل 40 سنة.

وأضاف أن التضخم المرتفع بشكل غير متوقع، والحروب في المناطق الرئيسية المنتجة للسلع الأساسية، وانخفاض الأجور الحقيقية، وتباطؤ النمو الاقتصادي، والمخاوف من تشديد السياسة النقدية والاضطراب في أسواق الأسهم سمات اجتمعت كلها في الاقتصاد العالمي اليوم.

وأوضح أن هذه السمات كانت مهيمنة على الاقتصاد العالمي في سبعينيات القرن الماضي، حتى أوائل الثمانينيات، مع تشديد نقدي قاس في الولايات المتحدة وانخفاض حاد في التضخم وموجة من أزمات الديون في البلدان النامية، خاصة في أميركا اللاتينية، فضلا عن حدوث تغييرات ضخمة في السياسة الاقتصادية؛ إذ تم دفن الاقتصاد “الكينزي” (Keynesian) التقليدي وتحرير أسواق العمل وخصخصة الشركات المملوكة للدولة وفتح الاقتصادات أمام التجارة الحرة.

بين الماضي والحاضر
وقال وولف -في مقاله- إن أوجه الشبه بين الفترة الحالية وتلك الفترة الماضية، خاصة السبعينيات، تبدو واضحة مع بعض الاختلافات، مشيرا إلى أن هناك أخطاء يجب تجنبها، ومنها عدم الإفراط في التفاؤل، وعدم أخذ التضخم المرتفع على محمل الجد، وعدم ترك الأشخاص والاقتصادات الضعيفة من دون حماية ضد الصدمات وتداعياتها المؤلمة.

وتساءل الكاتب إذا ما كان الوضع الذي نشهده يرقى بالفعل إلى مستوى التضخم المصحوب بـ”ركود تضخمي”، ثم أجاب “ليس بعد”، لكنها مخاطرة.

ويرى الكاتب أن التضخم أعلى بكثير من الهدف في كل مكان تقريبا عبر العالم، كما أنه قريب من مثيله في سبعينيات القرن الماضي، حين شهد الاقتصاد العالمي صدمات ترافقت مع حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 والحرب الإيرانية العراقية التي بدأت عام 1980، بينما في الوقت الحالي هناك كورونا وحرب روسيا على أوكرانيا.

والأهم من ذلك -يقول الكاتب- هو الخطر المتمثل في أن يصبح هذا التضخم جزءا لا يتجزأ من التوقعات الاقتصادية وبنية الاقتصادات في الوقت الحالي.

وأوضح أن عدم توقع حالة التباطؤ في معدلات النمو كان أحد أسباب تكثيف الخطر في سبعينيات القرن الماضي، أما اليوم أيضا، فقد افترض المتفائلون أن اتجاهات النمو التي سجلت قبل الجائحة ستستمر لما بعدها.

لكن الكاتب نبه إلى أن السياسة النقدية في الوقت الحالي باتت أكثر مصداقية وأكثر تركيزا على استقرار الأسعار، قياسا بما كان عليه الوضع في سبعينيات القرن الماضي.

ومن أوجه التشابه -التي أشار إليها الكاتب- أن صانعي السياسة كانوا يميلون إلى إلقاء اللوم على عوامل مؤقتة في ما يخص التضخم، تماما كما هو الوضع حاليا.

ومع أن الاقتصادات تبدو أكثر مرونة الآن مما كانت عليه في سبعينيات القرن الماضي -يقول الكاتب- إلا أن تصاعد الحمائية قد يأتي بنتائج عكسية.

وحذر من أن تشديد السياسة النقدية لفترة طويلة قد يؤدي إلى ظهور أزمات ديون فوضوية ومكلفة، كما حذر من إمكانية وقوع مزيد من الاضطرابات وقفزات الأسعار، بسبب غياب التكهنات بشأن وضع فيروس كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا وعلاقة ذلك بتعثر الصادرات.

حالة عدم اليقين
جاء في تقرير -نشره موقع صندوق النقد الدولي أبريل/نيسان الماضي- أن العالم يعيش فترة محفوفة بالخطر ويواجه حالة متجددة من عدم اليقين، بعدما انضافت الحرب الروسية على أوكرانيا إلى جائحة كورونا المستمرة ومشكلات أخرى سبقت هذه الجائحة.

وأضاف التقرير أن الديون كانت وصلت بالفعل إلى مستويات عالية للغاية قبل فرض إجراءات الإغلاق العام بسبب فيروس كورونا، في حين أسهم الدعم الاقتصادي غير المسبوق للحكومات في تحقيق استقرار الأسواق المالية وتيسير أوضاع السيولة والائتمان بالتدريج في مختلف أنحاء العالم.

ولفت إلى أن الحرب في أوكرانيا جاءت لتضيف مزيدا من المخاطر إلى مستويات غير مسبوقة من الاقتراض العام، في وقت لا تزال فيه الجائحة تفرض ضغوطا على كثير من الموازنات الحكومية.

وحسب التقرير، ارتفعت معدلات العجز وتراكمت الديون في أثناء الجائحة بوتيرة أسرع كثيرا مما كان عليه الوضع في السنوات الأولى من حالات الركود الأخرى، بما في ذلك أكبرها “الكساد الكبير” و”الأزمة المالية العالمية”.

وليس لهذا الحجم مثيل إلا ما وقع خلال الحربين العالميتين في القرن العشرين، يقول التقرير.

ووفق قاعدة بيانات الدين العالمي لدى صندوق النقد الدولي، قفز الاقتراض بمقدار 28 نقطة مئوية وبلغ 256% من إجمالي الناتج المحلي في 2020.

وساهمت الحكومات بنحو نصف هذه الزيادة، كما ساهمت الشركات غير المالية والأسر بالبقية، في حين يمثل الدين العام ما يقرب من 40% من مجموع الدين العالمي، وهي أعلى نسبة بلغها على مدى نحو 6 عقود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *