تقع على بعد 320 كم جنوب شرق بغداد على نهر دجلة وعلى أطراف الأهوار ومركز محافظة ميسان وجاء في أصل اسمها ثلاثة أراء لم تحصل على إجماع المؤرخين بعد.
الرأي الأول يرجح أن المدينة سميت على اسم عمارة بن الحمزة، والي أبي جعفر المنصور، الخليفة العباسي المشهور، ومن مؤيدي هذا الرأي المؤرخ مصطفى جواد أما الرأي الثاني فيرجح أن أصل التسمية تعود إلى أن القبائل التي سكنت في هذا المكان في الأعوام التي تلت استيلاء العثمانيين على هذه المنطقة في عام 655 هجري وهذا التجمع القبلي يسمى في اللهجة العراقية بـ “العمارة.
” أما الرأي الثالث فيميل إلى أن التسمية تعود إلى أن هذا الجزء من نهر دجلة يسمى بهذا الاسم بعد عبوره منطقة الكوت حتى التقائه بنهر الفرات في القرنة شمال البصرة وهذا الرأي ضعيف بلا سند تاريخي أو توثيقي وهكذا هي العمارة اليوم التي تعانق الأهوار وتتنفس هواء دجلة إذ ينحدر نحو الجنوب.
ورد ذكرها في رحلات سباستياني في عام 1656حين وصفها إضافة إلى المدن والقرى المحيطة بها كالمجر والمنصورية وغيرها من الضواحي القريبة كما ذكر الرحالة نفسه بـ “أنها تبعد ثلاثة أيام عن بغداد وفيها إنكشاريون ودار الكمرك.” الوثائق العثمانية توضح أنه خلال فترة حكم محمد نامق باشا، الوالي العثماني، تم أنشاء معسكر على نهر دجلة سمي بـ ” الأوردي” الذي توسع لاحقاً عبر بناء سوق وأبنية أخرى فسميت المنطقة بـ “العمارة” التي صارت قضاءًا تابعا لولاية البصرة عام 1861 بقرار من إدارة إسطنبول والذي أدى إلى بناء محكمة ودائرة تلغراف ومبان حكومية أخرى في شرق نهر دجلة.
في القرن العشرين وبعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921، صارت المدينة مركزا للواء العمارة ضمن الألوية الأربعة عشر المكونة للمملكة العراقية حتى تحويل هذه الوحدات الإدارية إلى محافظات وتغيير أسمائها فصارت العمارة مركزا لمحافظة ميسان في سبعينات القرن الماضي.
عرفت هذه المدينة وضواحيها بالزراعة كنشاط اقتصادي رئيسي حتى افتتاح معمل السكر في منتصف السبعينات كما عرفت هذه المدينة بوجود الإقطاعيين في العهد الملكي وهذا ساهم بهجرة كبيرة منها إلى بغداد والبصرة بحثا عن حياة أفضل وبعيدا عن الحياة البائسة تحت ظل الإقطاع.
على المستوى الثقافي، تعرف اليوم العمارة وضواحيها وأهوارها بأنها المدينة التي صدّرت ومازالت الأصوات الجميلة إلى المشهد الفني العراقي فمعظم الأصوات الغنائية التي أخذت شهرة واسعة في القرن الماضي والتي وصلت إلى بغداد العاصمة جاءت من العمارة أو من ضواحيها.
حتى في فنون الغناء العراقي وأطواره ومقاماتها، مساهمة هذه المدينة كبيرة جدا فهناك أكثر من طور غنائي ولد في محافظة ميسان ونال شهرة واسعة بين عشاق الموسيقى خارج المحافظة.
لا يمكن الفصل بين إسم العمارة وبين أسماء المطربين الذين خرجوا منها وغنوا أجمل الأغنيات. إنها بحق مدينة الأصوات الجميلة التي عكست ومازالت الأرض الخضراء التي تقع على أطراف الهور وعلى ضفاف نهر دجلة.