تاريخ النشر : 04 ابريل 2023
كلمات دالّة: رقصة الچوبي, طقوس العراق, اخبار العراق, اخبار العراق اليوم, التعددية العرقية, ثقافة العراق, تاريخ العراق, الفلكلور العراقي, الدبكة
مارس العراقيون الرقص في الحضارات القديمة في طقوسهم الدينية وفي الأفراح والأتراح بمصاحبة الآلات الموسيقية التي كانت لديهم، وقتها، والمدونات الآثارية التي عثر عليها في الوقت الحاضر تبين كيف كان الرقص عنصرا جوهريا في طقوس تلك الحضارات التي خلفت إرثا ثقافيا غني عن التعريف. ورث عراقيو اليوم الكثير عن أسلافهم ومنها رقصة الچوبي التي يؤديها سكان البلد على الرغم من التعددية العرقية والدينية والطائفية ولكل محافظة وقومية وطائفة ومنطقة وقبيلة طريقة خاصة في إداء هذه الرقصة التي يمكن وصفها بأنها توحد العراقيين من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. اسمها مشتق من الچوبه وهي مساحة الأرض المستوية كما فسرها العلامة مصطفى جواد وخبراء الفلكلور والأنثروبولوجيا يرجحون أصل الكلمة إلى اللغة الكردية المأخوذة من الفارسية والتركية.
هي تشبه الدبكة التي يؤديها سكان بلاد الشام وتركيا وإيران وتختلف عنها بإيقاعاتها والآلات الموسيقية المصاحبة لها ففي العراق تعزف ايقاعات محلية على الطبل والمزمار معا أو برفقة المزمار منفردا أو الطبل منفردا كما تختلف الچوبي عن دبكات الدول المجاورة بحركات أقدام الراقصين وسرعتها أيضا. الدلالة الرمزية لتشابك أيدي الراقصين هي الاتحاد بين أبناء المجموعة البشرية الواحدة التي تمارس الرقصة على شكل دائرة كبيرة فوق فسحة من الأرض في الأعياد والمناسبات السعيدة الأخرى كحفلات الزواج ووصول الحجاج إلى مدنهم وقراهم وعيد نوروز للأكراد وعيد أكيتو للأشوريين وغيرها من الأعياد القومية للمكونات الأثنية والدينية في البلد. في الوسط والجنوب، هذه الرقصة هي رقصة جماعية رجالية بامتياز وفي الموصل وكركوك والمحافظات الكردية هي رقصة مختلطة ومؤخرا بدأت النساء يرقصن الچوبي لوحدهن في حفلات الأعراس بمصاحبة عازف ذكر على الطبل وعازف أخر على المزمار.
التعددية الثقافية والدينية والعرقية والقبيلة وضعت لمستها على الچوبي واليوم تؤدى هذه الرقصة في المحافظات الكردية بطريقة وفي الجنوب العراقي بطريقة أخرى وفي القرى الأشورية والكلدانية في سهل نينوى يكون الأداء مختلفا بينما في كركوك هذه الرقصة تحمل بصمة سكان هذه المحافظة التي سكنها عرب وأكراد وتركمان ومسيحيون ومسلمون سنة وشيعة. القبائل العربية التي تسكن العراق تملك طريقتها الخاصة في الرقص فعرب البادية في شمال غرب البلاد يرقصونها بطريقة مختلفة عن باقي القبائل التي استوطنت القرى وامتهنت الزراعة وقبيلة الجبور ترقص بطريقة مختلفة عن قبيلة شمر أو قبيلة دليم وأكراد السليمانية يؤدون الچوبي بطريقة تختلف عن أكراد دهوك أو أكراد أربيل والقاسم المشترك لكل المجموعات الأثنية والدينية هو شبك الأيادي بين الراقصين الذي يرمز للوحدة والتكاتف على إيقاع واحد وحركات أقدام متشابهة.
بالرغم من كونها جزءًا مهما من الفلكلور العراقي، دخلت الآلات الموسيقية الحديثة كالأرغن على حلقات الچوبي في السنوات الأخيرة لتتناسب ايقاعات العصر وصالات الزواج، اليوم، تشهد دخول الراقصين حلقة الرقص بعد بدء ايقاعات هذه الرقصة التي تبعث البهجة بين الناس وتدخلهم في كرنفال جماعي من السرور وتجعلهم يتجاوزون كل الخلافات. إنها الچوبي التي توحد العراقيين دائما.