كلمات دالّة: عراقيات, تحرير المرأة, تحرير المرأة العراقية, النهضة النسوية في العراق, صبيحة الشيخ داود
نشر في: 15 مارس 2023
قديما قال أفلاطون:” الشجاعة أن تعرف ما لا يجب الخوف منه” وهي كانت شجاعة بكل خطوة مشتها في حياتها فقد تحدت الكثير من العقبات والحواجز في مسيرتها التي ألهمت أجيالا من النساء في العراق والمنطقة برمتها. لقد مشت الخطوة الأولى في طريق تحرير المرأة العراقية التي كانت مقيدة بالعادات والتقاليد فكانت أول طفلة تمثل على خشبة المسرح في عام 1922 أمام الملك فيصل الأول في مسرحية “سوق عكاظ” بعمر السابعة، إنها صبيحة الشيخ داود (1915-1975)، رائدة النهضة النسوية في العراق.
تقدمت صبيحة في تعليمها خلال مرحلة الصراع بين تيار الحداثة وتيار المحافظين الداعين إلى قمع النساء وإبقائهن في البيوت بلا تعليم. بعد حصولها على شهادة الثانوية العراقية، التحقت بكلية الحقوق (القانون حاليا) فكانت أول طالبة جامعية في العراق عام 1936 وجلوسها في قاعات الدراسة بين مئات الذكور أثار ضجة في المجتمع العراقي المحافظ ولكنها تجاوزت الخوف وحصلت على شهادة القانون وفتحت الباب، في الوقت ذاته، أمام الكثير من النساء العراقيات الشابات للالتحاق بالكليات التي بدأت تفتح أبوابها لهن. استمدت قوتها وشجاعتها من والدها الذي كان مديرا للأوقاف ومن إيمانها القوي بالمساواة بين الجنسين ولا مانع حقيقي أمام حصول النساء على التعليم والوظائف أما اللغط الذي أثاره المحافظون فهو انعكاس لموروث قائم على عدم المساواة بين الجنسين المغلف بغطاء ديني مزيف.
بعد تخرجها من كلية الحقوق عام 1940، مارست التدريس حتى عام 1956حين تم تعيينها أول قاضية في تاريخ العراق المعاصر واستمرت في ممارسة مهنة القضاء لـ 14 عاما. مثلت العراق في تجمعات ومؤتمرات عربية وعالمية وساهمت في تأسيس الجمعيات النسوية العراقية التي طالبت بتمكين النساء وفتح الأبواب أمامهن في كل المجالات من أجل تحقيق تكافؤ الفرص في البلد. فتحت بيتها الكائن على ضفاف نهر دجلة كصالون أدبي وسياسي حضره وجوه المشهد الأدبي والفني والسياسي وقتذاك ولم تتأخر في نشر أفكارها المتعلقة بتمكين النساء في الصالون أو في كتابها (أول الطريق إلى النهضة النسوية في العراق) الذي صدر عام 1958 والذي وثق لنضالها الشخصي أو المجتمعي في تحقيق فرص أفضل للنساء العراقيات. هذا الكتاب من أول الكتب التي أسست للكتابة النسوية في البلاد والذي وثق معاناة المرأة على كافة الأصعدة ووثق أيضا الخطوات الشجاعة التي نفذتها صبيحة الشيخ داوود في فتح الباب لغيرها من العراقيات كي يدخلن زمن الحداثة.