الفنانة تستفيد في أعمالها من الرموز المموهة داخل الرسم لتبتكر صياغات فنية معاصرة تنطوي على تشكيلات جمالية.
تتناول الفنانة التشكيلة الأردنية نوال عبدالرحيم في أعمالها موضوعات متنوعة يجمع بينها التعبير عن الحنين إلى فلسطين، لذلك تحضر الرموز المستمدة من الحضارة الفلسطينية في اللوحات التي تبدو شديدة الشبه بلوحات الفسيفساء، إذ تُرصَف القطع الملونة بعناية لتزين الأسطح الناعمة، ويتم الاشتغال على التجاور والتحاور بين تلك القطع والألوان، وهو ما يذكّر بفن الزخرفة والترصيع وغيره من الفنون التي تعتمد على المنمنمات.
من جهة أخرى تنهل اللوحات المعروضة على غاليري جودار بعمّان (يتواصل العرض حتى السابع عشر من يوليو الجاري) من التراث، مُظهرةً اهتمام الفنانة بالأثواب المطرزة والبيوت المتراصّة، التي تشكل ومضات حاضرة في ذاكرتها منذ الطفولة، وهي تقول في ذلك “أعتقد أن هذا التأثر جاء من تعلقي بالموروث الذي تعرفت عليه عبر حكايات الأجداد والجدات، تلك الحكايات التي كانت أغلبيتها تدور حول القضية الفلسطينية”.
وتجسد الفنانة في مجمل أعمالها مشاهد لبشر أو حيوانات أو نباتات، وتطعّمها برموز الأمل والحب الحاضرة من خلال العلاقات الإنسانية بين شخوص اللوحات.
وتقول الفنانة إنها تستفيد في أعمالها من الرموز المموهة داخل الرسم، وتسعى إلى ابتكار صياغات فنية معاصرة تنطوي على تشكيلات جمالية.
إلى جانب ذلك تشتغل الفنانة على الألوان الترابية المشبعة بالضوء، فجاءت سطوح أعمالها غنية بالتفاصيل الصغيرة والكبيرة، والتي تؤكد سعيها إلى الدمج بين المدرستين التعبيرية والانطباعية.
وعلى الرغم من أنّ المذهب التعبيري قد تبلور في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وظهر كمذهب فني شاع في مختلف الأجناس الأدبية والفنية في أواخر القرن التاسع عشر، ثم ترسخ كليا في أوائل القرن العشرين، إلا أن الفنانين الذين ينتهجونها إجمالا يركزون على المشاعر والحالات الذهنية والانفعالات الداخلية للفنان، فلا يحبّذ أي منهم الالتزام بالقواعد الكلاسيكية والشروط الأكاديمية الصارمة للعمل الفني. وهو ما نجده عند عبدالرحيم التي ترفض أن تقلد من سبقوها، محاولة اقتحام تجربة خاصة، ورهانها التجريب لكن بوعي.
أما الانطباعية التي تستلهم منها الفنانة في أعمالها فإنها لا تحضر أيضا كما هي كمدرسة فنية تعتمد بالأساس على نقل الواقع أو الحدث من الطبيعة مباشرة وكما تراه العين المجردة بعيداً عن التخيّل والتزويق، فالفنانة تمزج مدرستين قد تبدوان متباعدتين، وتقدم في ذلك أعمالا تحضر فيها قوة الفكرة المؤطرة واللعب بالألوان والخطوط لخلق مساحة تعبيرية تتسع باتساع التأويل.
وتستخدم الفنانة الحاصلة على درجة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر ألوان الأكريليك على الكانفس ومواد مختلفة بخلفيات متنوعة مثل أوراق الأرش، كما تلجأ إلى تقنية الواقع المعزز (AR) التي تتيح العمل على أبعاد جديدة لسطح اللوحة وتمثل وسيلة لربط الرسم التقليدي بالرسم القائم على التقنيات.
ويعود شغف عبدالرحيم بالفن إلى هوايتها منذ الطفولة، هواية سعت دائمًا إلى تطويرها وصقلها من خلال محاولة الوصول إلى الأفضل.
ورغم أنها حاصلة على درجة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر ودبلوم الدراسات العليا في علوم المكتبات والمعلومات واختارت مهنة التعليم وعملت مدرسة لمادة الكمبيوتر لمدة أحد عشر عامًا، فإنها لم تتوقف عن صقل تجربتها الفنية وتطويرها، سواء عبر تدعيم البعد النظري أو عبر إنجازاتها التي تخفي رؤية خاصة للفن ورسالة محبوكة بعناية.