تتجه الأزمة السياسية بالعراق نحو التصعيد إثر دعوة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر القضاء لحل البرلمان بمدة لا تتجاوز نهاية الأسبوع المقبل، والتي دفعت الطرف الآخر المناوئ للصدر “الإطار التنسيقي” إلى تحشيد أنصاره مجددا للتظاهر عند بوابة المنطقة الخضراء التي يعتصم فيها أنصار الصدر للأسبوع الثاني على التوالي، الأمر الذي يؤشر لعودة الأزمة إلى الشارع وإمكانية تفاقمها.
وكان الصدر قد حمّل، أمس الأربعاء، القضاء مسؤولية حل البرلمان، مؤكدا أنه (القضاء) على المحك، وعليه أن يراعي مصلحة الشعب، وألا يخضع للضغوطات التي تمارس عليه، ملوحا بالتصعيد بخلاف ذلك.
ومع عدم صدور موقف معين للسلطة القضائية ردا على دعوة الصدر، بدأ “الإطار التنسيقي” الذي يضم قوى حليفة لإيران، والذي يسعى لتشكيل حكومة جديدة، تحشيد أنصاره مجددا عقب اجتماع له ليل أمس، في مؤشر إلى احتمال نزول جديد للشارع بتظاهرة مضادة لاعتصامات الصدريين.
وفي بيان لما يعرف بـ”اللجنة التنظيمية لدعم الشرعية والحفاظ على مؤسسات الدولة”، التي شكلها “الإطار التنسيقي”، قالت إنه “إيمانا منا بضرورة الوقوف مع الخطوات القانونية والدستورية للدفاع عن مؤسسات الدولة القضائية والتشريعية، ومن أجل الإسراع بتشكيل حكومة خدمة وطنية كاملة الصلاحيات، تعمل على مواجهة الأزمات والتحديات، وخصوصا أزمة الكهرباء والماء والغلاء المعيشي التي أثقلت كاهل المواطن، ومن أجل الحفاظ على المكتسبات الوطنية التي تضمن حياة العراقيين وأمنهم وتمنع كل أشكال الفوضى ومحاولات الإخلال بالسلم الأهلي، نوجه الدعوة الى أبناء شعبنا العراقي للمشاركة الفاعلة في تظاهرات (الشعب يحمي الدولة)”.
وأوضحت أن “التظاهرة ستكون على أسوار المنطقة الخضراء، مع التأكيد على منع أي تجاوز للمظاهر الحضارية التي شهدتها جميع تظاهراتنا، والالتزام العالي بالتعليمات الصادرة من اللجنة المنظمة والتي يقف في مقدمتها التعاون التام مع القوات الأمنية المكلفة بحماية التظاهرات”.
وبدأت منصات إخبارية مرتبطة بـ”الإطار التنسيقي” بتحريك الأنصار وتنظيم الاستعدادات للتظاهرة، والتي من المفترض أن يشارك بها أنصار “الإطار” من جميع المحافظات.
في الطرف الآخر، بدأ أنصار “التيار الصدري” ملء استمارات لتقديم دعاوى قضائية، ضد رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان إضافة إلى وظائفهم، لتجاوز المهل الدستورية في اختيار رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للوزراء، وإخفاق البرلمان بأداء مسؤولياته الدستورية باستكمال تشكيل السلطة التنفيذية بفرعيها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
ويعمل “التيار” على فتح مراكز تسجيل خاصة برفع الدعاوى في كل منطقة، مع تكليف محام في كل مركز.
من جهته، أكد النائب عن القوى الكردية، هوشيار عبد الله، أن البرلمان الحالي فاقد للشرعية الدستورية، وقال في تغريدة له، “سبق أن أيدتُ الأصوات الوطنية التي رفعت دعوى قضائية ضد هذه الدورة البرلمانية فاقدة الشرعية، بسبب التجاوزات الواضحة على المدد الدستورية فيما خص استكمال استحقاقات تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات الأخيرة، بالتالي فلا مناص من حل البرلمان، لأنه أصبح فاقداً للشرعية الدستورية”.
أما الباحث في الشأن السياسي العراقي، فراس إلياس، فأكد أن الوضع وصل الى طريق مسدود.
ورأى في تغريدة أنه “بعد انقضاء مهلة الصدر التي منحها للقضاء لحل البرلمان، هو من سيحدد أي مسار سيسلكه العراق، الصدام أو الحل.. الطرفان استنفدا خياراتهما، فلم تعد هناك مناطق رمادية، أنصار الصدر في الشارع، ولغة المواجهة هي من تحكم سلوكهم، والمالكي (رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي) بخطاباته يزيدهم عنادا على البقاء .. إنها مرحلة كسر العظم”.
يجري ذلك في ظل استعدادات مسبقة اتخذها أنصار الصدر، والذين عززوا اعتصامهم داخل المنطقة الخضراء أمس الأول الثلاثاء، بأعداد كبيرة، قدموا من بغداد والمحافظات، وسط توقعات بإمكانية تمدد الاعتصام خارج المنطقة الخضراء، في خطوة للضغط السياسي.