• الخميس. نوفمبر 21st, 2024

داعش والإعلام (الجزء الثاني)

تعبيرية عن وسائل إعلام داعش

في عام 2014، وبعد الإعلان الرسمي عن تأسيس داعش وبعد أن شهد العالم القسوة المفرطة والقتل الكيفي والتخريب والدمار الذي مارسوه بحق البشر والشجر والحجر، كان الاستغلال الاستثنائي للوسائل الإعلامية من قبل عناصر التنظيم أمرا لا يمكن إغفاله ومن الضروري تسليط الأضواء عليه. تجاوز داعش كل التنظيمات والحركات الإرهابية التي سبقته أو عاصرته في أمر استغلال التكنولوجيا الحديثة للتواصل بين عناصره أو لإيصال أفكاره المتطرفة وفيديواته إلى جمهور أوسع بغرض الحصول على التأييد أو تجنيد مقاتلين جدد من مناطق مختلفة من العالم.

لجأ داعش إلى توظيف الاتصالات المشفرة بهدف تجاوز رقابة الدول المناهضة للإرهاب ولغرض ضمان تبادل الرسائل بين عناصره بدون تسريب ممكن للمعلومات كما كان يحدث في وسائل الاتصالات التقليدية. إضافة إلى ذلك، قام التنظيم بتطبيق تقنيات الكمبيوتر المتقدمة مثل أدوات القرصنة، وبرامج التشفير، والتي سهّلت إخفاء الهوية والمحادثات، من أجل نشر برامجها حول العالم. لتجنب المراقبة، شجع داعش عناصره على البدء في استخدام تطبيقات جديدة كـ “تليغرام” لميزة هذا التطبيق التي تضمن المراسلة الفورية عالية الأمان والبيانات المشفرة دائما ولوجود خاصية المحادثة السرية وخاصية التدمير الذاتي للرسائل. إضافة إلى ما سبق، يمتاز هذا التطبيق بإمكانية إنشاء العديد من القنوات الخاصة والعامة بأكثر من لغة وبالتالي إنشاء شبكات مخصصة أو قنوات مثل “أخبار الخلافة” و “أخبار الجهاد” و”إصدارات الخلافة” و “نقطة إعلام الدولة الإسلامية” و ” شجرة الخلافة” وصار هذا التطبيق المحور الرئيسي لاتصالات داعش.

هاتف داعش

استخدم داعش الفيديوهات عالية الجودة بهدف تجنيد الرجال والنساء ولغرض الحصول على متعاطفين جدد مع فكر التنظيم المتطرف وهذه الفيديوهات قد تم إنتاجها باحترافية عالية وتقنية متطورة ضاهت أفلام هوليود مع محتويات مختلفة تضمنت معظم الوقت ثلاث سرديات رئيسية: الوحشية، الطوباوية، والاضطهاد. السردية الأولى هي وحشية التنظيم ضد “الأعداء” المزعومين ولهذا ركزت الفيديوهات على تقديم مشاهد ذبح الأسرى في الساحات العامة أو مشاهد القتل والأرصفة الملطخة بدم الضحايا وغيرها والتي هدفت إلى إيصال رسالة للمشاهدين بأن التنظيم لا يملك رحمة مع “الأعداء”. السردية الثانية هي الطوباوية أي تقديم صورة مثالية عن دولة الخلافة المزعومة وكأنها “المدينة الفاضلة” وتقديم صورة مثالية عن قادة التنظيم ومقاتليه وكأنهم أبطال أسطوريين قد خرجوا توا من الكتب التراثية وبأنهم نسخة معاصرة من الصحابة والتابعين في العصر الإسلامي الأول وقدمت هذه الفيديوهات عناصر داعش باعتبارهم يملكون صفات لا توجد عند غيرهم من البشر. أما سردية الاضطهاد فقد تضمنت وجود مؤامرة عالمية ضد الإسلام وأن المسلمين مضطهدون في كل بقاع الأرض ولا آمان للمسلم المضطهد سوى في دولة الخلافة المزعومة.”

تعبيرية عن الخلافة الالكترونية

بهدف استهداف الشباب، استخدم داعش ألعاب الفيديو لإمكانياتها الكبيرة في التأثير على الشباب وتغيير توجهاتهم وتهيئتهم لتقبل فكر التنظيم المتطرف وأعماله الإرهابية ضد المدنيين العزل. قام التنظيم بتصميم ألعاب إلكترونيه ونشر أسمائها عبر المنتديات الجهادية وطرق توفيرها لمناصري التنظيم واستغلالها كوسيلة تواصل بينهم عبر غرف الدردشة الخاصة بهذه الألعاب. أضافه إلى ذلك، حاول داعش استغلال الألعاب المذكورة مسبقا في محاكاة العمل الميداني على أرض الواقع من خلال التواصل بين أعضائها، وممارسة التخطيط والتواصل عبر خوض المعارك الافتراضية فيما بينها في هذه الألعاب. استخدم التنظيم أنماطًا رئيسية في تصميم ألعاب الفيديو، كتصميم ألعاب جديدة مثل لعبته الأشهر “صليل الصوارم”، أو عمل على إعادة تصميم ألعاب أخرى مثل “أرما3” وهي من الألعاب الحربية القتالية الأكثر شهرة على مستوى العالم بعد إضافة تعديلات برمجية لإضافة الصور والأصوات التي تروّج لداعش وتمرر أجنداته وتنشر الأناشيد الداعشية التي تدعو للعنف والإرهاب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *