• الخميس. نوفمبر 21st, 2024

داعش والإعلام (الجزء الرابع)

وكالة عماق

حسب تقرير قدمه فريق تابع للأمم المتحدة في عام 2022:“ تنظيم داعش ارتكب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ضد المجتمع العراقي بعد أن سيطر على ثلث البلاد تقريبا في عام 2014.” أضاف التقرير المقدم إلى مجلس الأمن:” أن الجرائم تشمل النقل القسري للمسيحيين والأيزيديين والشيعة والسنة واضطهادهم، والاستيلاء على ممتلكاتهم، والانخراط في العنف الجنسي والاستعباد وغير ذلك من الأعمال اللاإنسانية، مثل التحويل القسري للديانة وتدمير المواقع الثقافية والدينية. وأكد التقرير أن عناصر داعش قد قاموا بتطوير الأسلحة الكيماوية والبيولوجية واستخدامهم لها، ونفذوا هجمات على المسلمين وغير المسلمين، وقاموا بعمليات الإعدام الجماعي للسجناء والمعتقلين في سجن بادوش بالقرب من الموصل في يونيو 2014، وارتكبوا الجرائم في تكريت ومدن أخرى. وهذا في العراق وحده أما جرائم داعش في سوريا فهنالك الكثير من الوثائق الدولية التي تفضح جرائم داعش في المدن والبلدات في شمال-شرق سوريا.

يعتبر داعش من أكثر الجماعات الإرهابية استغلالًا لتكنولوجيا الاتصالات ووسائل الإعلام المختلفة. كان محتوى خطابه الإعلامي في فترة (2014-2019) قد تضمن: عودة الخلافة الإسلامية، الدولة القوية، الوحشية والعنف، التركيز على القضايا الدينية، التبريرات الدينية مع الاقتباسات، وخطاب الضحية. ركز هذا التنظيم، عبر خطابه الإعلامي في تلك الفترة، على مفهوم “خلافة على منهاج النبوة” ودعا إلى هجرة المسلمين إلى المدن التي صارت تحت سيطرته في العراق وسوريا وأعتبرها “دار الإسلام” وترك كل بقاع الأرض باعتبارها “دار الكفر.” هذا الخطاب كان خطاب التنظيم الإعلامي المركزي الذي حاول بثه عبر أكثر من وسيلة إعلامية كـ “دابق” على سبيل المثال لا الحصر. سعى التنظيم إلى تقديم صورته المقترنة بالدولة القوية الفاعلة التي تملك جيشا كبيرا ومؤسسات وبنى الدولة التحتية وتملك أيضا مؤسسات أساسية لهذه الدولة المزيفة كالتعليم والصحة وغيرها وحرص الخطاب الإعلامي على تقديم مشاهد تعليم الأطفال الدروس الدينية وتحفيظ القرآن وتدريب الأطفال على المهمات العسكرية.

قدم داعش، عبر خطابه الإعلامي،العنف والوحشية المفرطة بغرض بث الرعب لدى الرأي العام العالمي إضافة إلى اعتباره نوعا من التسويق خصوصا بعد أن تم تقديمه بلغات عديدة. بهدف إضفاء الشرعية على أفعال عناصر التنظيم، ركز داعش عبر الإعلام على القضايا الدينية عن طريق الاستشهاد بالنص الديني واستغلال بعض المفاهيم من الأصولية الدينية من القرون السابقة واعتبارها التفسير الوحيد للإسلام ومنع الاختلاف معه وخير مثال على ما سبق هو استيراد داعش لأفكار مثل الجهاد والتكفير والردة حسب النسخة الأصولية المتطرفة. تعامل داعش مع معظم واجبات الإسلام وأفكاره بصورة انتقائية حسب حاجته لها وركز على فكرة الجهاد كفكرة مركزية في خطابه الإعلامي إذ حوله إلى واجب مفروض على جميع المسلمين كي “يحموا عقيدتهم” و”دولة الخلافة” المزيفة التي روج لها. بهدف الحصول على شرعية دينية، وظف داعش التبريرات الدينية والاقتباسات من القرآن والأحاديث النبوية بطريقة تخدم تأويلات التنظيم للنص الديني وفتاوى قديمة من القرون الوسطى أصدرها فقهاء أصوليون أثاروا جدلا واسعا ولم يحصلوا أبدا على إجماع المسلمين.

صور داعش في خطابه الإعلامي المسلمين كـ “ضحايا” بغرض جذب المقاتلين الأجانب استناداً لفكرة “صراع وهمي بين المسلمين وغير المسلمين.” الخطاب ذاته قدم فكرة “الدفاع عن الضحايا تحت راية الخلافة” وهو سبب لانضمام “المسلم المؤمن بعقيدته” إلى تنظيم داعش والهجرة إلى دولة الخلافة المزعومة. لم يعرض هذا الخطاب الظلم الذي تعرض له المسلمون في المدن التي سيطر عليها التنظيم وركز على صورة المسلم الذي يعيش في الغرب وكأنه ضحية لـ” التمييز والإذلال” وعدم قدرة هذا المسلم على “إتباع الشريعة والتقاليد الإسلامية” في بلدان الغرب وهكذا يتم تقديم صورة المسلم في تلك البلدان كـ” ضحية” والذي سيكون دافعا قويا لجذب المسلمين إلى التنظيم وتنفيذ أجنداته الإرهابية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *