تهريب البشر هي جريمة أخرى تضاف إلى جرائم داعش التي ارتكبها في العراق وسوريا ومازال يرتكبها في أكثر من منطقة في شمال أفريقيا. إضافة إلى تهريب النفط والآثار واضطهاد المدنيين وفرض الإتاوات وسبي النساء وإعدام الناشطين ومصادرة بيوت وممتلكات المسيحيين، مارس عناصر التنظيم عمليات منظمة تخصصت بتهريب البشر من وسط أسيا وأوربا إلى المدن والبلدات التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق. شملت عمليات التهريب نساء التنظيم والمجندين الجدد أو تهريب السجناء والنساء من مخيم الهول وسجن الصناعة وأماكن احتجاز أخرى. من أشهر قصص تهريب البشر التي مارسها داعش هي قصة شميمة بيغوم أو المعروفة باسم “عروس داعش” التي تعرضت لغسيل دماغ وتم تهريبها من بريطانيا إلى سوريا عندما كانت في الخامسة عشر من عمرها. تهريب أسيل إلى سوريا مع 150 شخصا من كازاخستان بعد تعرضها لعملية غسيل دماغ وتقديم وعود كاذبة بأنها ستعيش في “الأرض المقدسة” دليل أخر على جرائم تهريب البشر التي مارسها التنظيم بهدف جلب الضحايا إلى أرض الخلافة المزعومة.
نجح التعاون الوثيق بين التحالف الدولي وقوى الأمن العراقية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في إفشال أكثر من محاولة تهريب كما أن الجهود التي تبذلها السلطات في أوربا وأمريكا في تعقب المهربين مستمرة وتنجح كل يوم في ملاحقتهم وإفشال خططهم. في عام 2020، أعلنت قسد أنه تم أفشال أكثر من 700 محاولة تهريب أفراد عائلات عناصر داعش، منذ نقلهم إلى مخيم الهول عام 2019 وحسب الناطق باسم الأسايش: “إن عمليات التهريب تتم عن طريق الصهاريج والآليات التي تدخل عن طريق المنظمات الخيرية، بحيث يتم إخفاء العائلات داخلها بطرق مدروسة وهنالك مبالغ مالية طائلة مدفوعة خلال عمليات التهريب.” حسب الناطق ذاته، تم اعتقال أكثر من 100 شخص متورط في عمليات التهريب المذكورة. كان يعيش في مخيم الهول أكثر من 65 ألف شخصا أغلبهم من النساء والأطفال ومعظمهم من عائلات داعش، وينحدرون من 54 دولة، حسب قسد التي تشرف على المخيم. أنشأت قسد مخيم الهول في منتصف نيسان/أبريل 2016، لاستقبال النازحين الفارين من مناطق خاضعة لتنظيم داعش، واللاجئين من مناطق العراق الحدودية القريبة من بلدة الهول شرق الحسكة. كما ضم المخيم ذاته أعدادا غير محددة من نساء داعش أو أرامل عناصر التنظيم وهؤلاء النساء هن الهدف الرئيسي لعمليات تهريب البشر من المخيم التي حاول التنظيم تنفيذها في أوقات مختلفة.
التقرير الذي نشرته صحيفة تلغراف البريطانية في 2020 يصف، مع تفاصيل دقيقة، عمليات تهريب البشر التي نفذها داعش من مخيم الهول والمبالغ المصروفة لهذا الغرض. ذكر التقرير أن عملية تهريب مريم حاملة الجنسية البريطانية من المخيم وعملية تهريب حياة بومدين، أرملة عميدي كوليبالي ، الذي نفذ هجمات باريس في يناير 2015. قبل عامين، أعلنت قوى الأمن الداخلي “الأسايش” التابعة لقسد إحباط محاولة تهريب العشرات من أفراد عائلات عناصر تنظيم داعش الإرهابي من مخيم الهول بريف الحسكة في شمال-شرق سوريا. صرحت الأسايش في بيان رسمي أنها أحبطت عملية تهريب لـ 56 فرداً من عوائل داعش من مخيم الهول، ونشرت مشاهد مصورة للعملية والتي كانت ستجري عبر شاحنة كبيرة محملة بالأخشاب. ذكر البيان أيضا أن من بين من كان سيتم تهريبهم 39 طفلاً كانوا ضمن الشاحنة المحملة بالأخشاب. في العام ذاته، وبالتنسيق مع التحالف الدولي، اعتقلت الأسايش التابعة لقسد شخصا متورطا بتهريب عوائل داعش من مخيم الهول. في أكتوبر 2019، أحبطت قسد في مخيم الهول، محاولة فرار نساء داعشيات، وتمكنت من إلقاء القبض على 14 منهن برفقتهن 21 طفلاً من جنسيات مختلفة. في وقت أخر، أحبطت قسد محاولة تهريب 5 نساء من الجنسية الروسية من عوائل داعش برفقة 13 من أطفالهن بعد أن قامت امرأة بمحاولة تهريبهم من داخل مخيم الهول وهي زوجة المسؤول الإداري لعلاقات قتلى التنظيم من الجنسيات غير السورية. وتم رصدهن يحاولن الفرار من السور الجانبي للمخيم.
في السنوات الأخيرة بدأت الدول الأعضاء في التحالف الدولي في برامج إعادة النساء والأطفال إلى بلدانهم الأصلية بعد خضوعهم للتحقيقات وبرامج اعادة التأهيل في بلدانهم الأصلية والتي تهدف إلى إزالة الفكر المتطرف وإرجاعهم إلى حياة طبيعية في بلدانهم. الولايات المتحدة من الدول التي بادرت في تبني هذه البرامج وقررت إعادة 11 أمريكيا ومن بينهم خمسة أطفال قصّر وهنالك دول أخرى تبنت خطوات مشابهة وهذه الجهود تستحق التشجيع بهدف وقف عمليات تهريب داعش للأطفال والنساء التي تحاول إرجاعهم إلى خندق التطرف مرة أخرى.