غزة و”طوفان الأقصى”… ما الهدف ومن الخاسر وما الثمن؟
موجز سريع:
طوفان الأقصى” هو الاسم الذي اختارته حركة حماس الارهابية للهجوم المفاجئ الذي شنته على إسرائيل فجر السبت 7 أكتوبر. وأنهى هذا الهجوم الهدنة التي بدأت بموافقة الطرفين وبوساطة مصر في 13 أيار/مايو 2023. وفي غضون ساعات من الهجوم المفاجئ، أعلنت “كتائب عز الدين القسام”، وهي الجناح المسلح لحماس والتي تسيطر على غزة منذ 2007، إطلاق أكثر من 5000 صاروخ على المستوطنات الإسرائيلية في غلاف القطاع ومهاجمة العديد من البلدات الإسرائيلية القريبة من القطاع. كما أعلنت عن قتل المئات من الإسرائيليين واحتجاز العشرات كرهائن، بالإضافة إلى استهداف المستوطنات الإسرائيلية ومواقع عسكرية.
وأفادت الصحف الإسرائيلية بأن عدد القتلى الإسرائيليين الناجم عن هجوم حماس وصل إلى أكثر من 1200 بالإضافة إلى احتجاز أكثر من 100 رهينة. كان هجوم حماس مفاجئًا ومنسقًا بدرجة كبيرة وشمل العديد من نقاط العبور والحواجز. وتوقيت الهجوم كان يوم السبت، وهو يوم العطلة اليهودي، مما يعني أن العائلات كانت تخطط لقضاء بعض الوقت في المنزل أو في دور العباد. هذه العوامل المجتمعة ساعدت الهجوم على ان يكون نجاحاً تكتيكيا ………… ولكن….
ما لم توضحه حركة حماس وجناحها العسكري في تصريحها هو أن غالبية القتلى والرهائن هم من المدنيين، وهو ما اتضح من خلال العديد من مقاطع الفيديو التي انتشرت على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي والتي أظهرت العديد من المدنيين كرهائن. كما أظهرت مقاطع الفيديو أيضًا، والتي تمت مشاركتها على نطاق واسع، مجموعة من الإسرائيليين كانوا مشاركين في حفل، وهم يفرون عبر الصحراء.
هذه المشاهد أعادت إلى الذاكرة هجوم داعش الإرهابي على الإيزيديين في سنجار وقتلهم، وسبي العديد من النساء الإيزيديات، بينما هرب البقية الباقية.
الصورة مأخوذة عن موقع CNN وحقوق النشر محفوظة للموقع
هذه الوحشية والبربرية تعد من سمات منظمة حماس الإرهابية بومن الأمثلة على ذلك، انقلاب حماس على اتفاق مكة عام 2007، وعمليات القتل والخطف والاغتيالات التي قامت بها حماس ضد قوات الأمن التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، والتي أدت إلى سيطرة حماس على قطاع غزة. الخلاصة هنا هي أن تاريخ حماس يوضح أن هذه المنظمة الإرهابية تستخدم القتل والتنكيل والخطف، ليس فقط ضد الإسرائيليين بحجة خدمة القضية الفلسطينية، ولكن أيضًا ضد الفلسطينيين الأبرياء أنفسهم، بهدف الوصول إلى السلطة.
من الخاسر وما الثمن؟
قد يجادل البعض أن هجوم حماس على المستوطنات الاسرائيلية وقتل المدنيين واحتجاز الرهائن يخدم القضية الفلسطينية. وهنا نطرح السؤال: من الخاسر وما الثمن لهذا الهجوم؟
في غضون ساعات من هجوم حماس، وبعد أن استيقظت اسرائيل على الصدمة، بدأت القوات الجوية الإسرائيلية بقصف مكثف على قطاع غزة. الأرقام الأولية طبقا لمواقع لاخبار المحلية تشير إلى وفاة أكثر من 1200 شخص وإصابة أكثر من 5000 آخرين بسبب الغارات الإسرائيلية، والغالبية من المدنيين الذين كانوا يتواجدون في مواقع قريبة من حماس أو منشآت تديرها حماس والجهاد الإسلامي. فمن سيتحمل مسؤولية هؤلاء الضحايا؟
هل تدبر قادة حماس عواقب الأمور قبل الشروع في مثل هذا الهجوم؟ وهل أكترثوا لحياة المدنيين من سكان القطاع في ظل الرد الإسرائيلي؟ الإجابة على هذا السؤال يمكن رؤيتها على أرض الواقع في القطاع، حيث أطلق الجيش الإسرائيلي عملية “السيوف الحديدية” للرد على هجوم حماس وشن غارات مكثفة على مناطق عديدة في قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة، بينما يعيش قادة حماس والجهاد في فنادق دول الخليج. الخاسر الأول والأخير في هجوم حماس هو المدنيون، سواء من الإسرائيليين أو الفلسطينيين، الذين قضوا في هذه الحرب. لا يمكننا أن نلوم الجانب الإسرائيلي، لأن إسرائيل كدولة تسعى لضمان أمن مواطنيها، في الوقت الذي قامت فيه حماس بشن هجوم وهي تعلم تمامًا حجم العواقب على الفلسطينيين.
التوقيت والدوافع
ونحن نجد أنفسنا في خضم الحرب في قطاع غزة، تثار العديد من الأسئلة حول التوقيت والدوافع لهجوم حماس على إسرائيل. ولا يمكن الإجابة على هذه الأسئلة دون النظر إلى دور إيران واذرعها في المنطقة.
هناك ارتباط وثيق بين حماس وإيران، حيث تقدم إيران الدعم المادي والتمويل والأسلحة للمنظمة. غالبًا ما سمعنا قادة حماس في مؤتمرات ولقاءات وهم يعبرون عن الشكر والامتنان لإيران. هذه العلاقة والتناغم في المصالح بين الطرفين أضعفت شعبية حماس، خاصة مع الشعب السوري الذي قتلته الميليشيات الإيرانية الموالية لنظام الأسد. وإذا كانت إيران – في حال تأكدها – وراء هجوم حماس الأخير، فإن هذا يحذر من تحول النزاع الحالي بين حماس وإسرائيل إلى صراع دولي متعدد الجبهات.
“الجدير بالذكر أن هجوم حماس جاء في أعقاب موجة من التحسن في العلاقات والتقارب بين إسرائيل وعدد من دول المنطقة. كانت من أهم فعالياتها اتفاقية أبراهام التي وقعت مع عدة دول عربية، والتفاهمات والتعاون مع دول عربية أخرى. يبدو أن هناك رضا سعودي كاد أن يتوج بالاتفاقية الأهم بين السعودية وإسرائيل، خاصة مع الإشارات الإيجابية التي صدرت من الجانبين مؤخرًا. في سبتمبر الماضي، صرح الأمير محمد بن سلمان خلال مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية بأن هناك مباحثات مع الجانب الأمريكي للوصول إلى نتائج جيدة ترفع معاناة وتعيد إسرائيل كلاعب في الشرق الأوسط. كما أعلنت بعض دول الخليج عن عودة العلاقات مع الجانب الإسرائيلي.
وصرح بعض المحللين أنه من المرجح أن تكون إيران هي التي دفعت ووجهت هجوم حماس الأخير على إسرائيل لتقويض خطوات المصالحة في المنطقة وتقوض المباحثات الجارية لحل القضية الفلسطينية. فقد يكون أحد أهم أهداف حماس من هذا الهجوم هو وقف الاحتمال المتزايد للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والسعودية. فالتطبيع مع السعودية سيشكل ضربة هائلة لإيران ولحماس.
وإذا كانت هذه الآراء صحيحة، فإنها بلا شك تثبت أن إيران وذراعها حماس في غزة لا تكترث ولا تهتم للشعب الفلسطيني أو للقضية الفلسطينية، بل تسعى فقط لفرض نفوذها وأجندتها في المنطقة، مستغلة تنظيمها الإرهابي “كحماس”.